معنى ” تترا ” وأين وردت في القرآن الكريم ؟

معنى كلمة تترا في اللغة

هي مشتقة من كلمة وترى التي تعنى شيء تلو الآخر أو شخص تلو الآخر وتم استبدال الواو بحرف تاء ، وإذا قيل أن

الرجل

قد وتر الآخر أي قد أصابه بمكروه ، والتوبة تعني الذحل .

أين ذكرت كلمة تترا في القرآن الكريم

وردت كلمة تترا في كتاب الله عز وجل في صيغة مفردة في سورة المؤمنون ، قال تعالى {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِّقَوْمٍ لّا يُؤْمِنُونَ} .

تفسير كلمة تترا في القرآن الكريم

فسر المفسرون كلمة تترا على حسب موقعها في الآية الكريمة بسورة المؤمنون ، وكانت التفسيرات كالآتي :


  • ابن كثير

    : أوضح ابن كثير عن ابن عباس أن كلمة تترا معناها في الآية الكريمة يتبع بعضهم بعضا ، وتشير إلى أن أنبياء الله كان يبعثون بعضهم تلو بعض ، وكان قومهم يكذبوهم فينزل الله عليهم العذاب تلو العذاب ، لكي يصبحوا عبرة لمن يخطو خطاهم .

  • تفسير الطبري :

    بعد أن أهلك الله تعالى قوم ثمود بذنوبهم، أرسل الرسل والأنبياء للأقوام التي أتت من بعدهم على صفة المواترة، أي بعضهم تلو بعض ، فكان استقبال هذه الأقوام للأنبياء ، والرسل بالتكذيب كالذين من قبلهم ، فعاقبهم الله بمثل ما عاقب من سبقهم لكي يصبحوا عبرة لمن يليهم .

  • تفسير البغوي :

    كان إرسال الله تعالى للرسل بالترادف وليس بالتواصل، فكان بين زمن كل نبي والنبي الذي يليه فترة زمنية ليست بالقليلة ، فما كان من الأقوام التي يأتيها رسل الله إلا الكئيب ، وما كان من الله إلا عذابهم ، وهلاكهم لكي يعتبر بهم من يفعل مثلهم ولكي يعلم الأقوام التالية أن العظمة والقوة لله الواحد القهار ، ولا مفر من عذابه في حالة تكذيبهم الرسل وتعذيبهم وإهانتهم .
  • تفسير الرازي : فسر الرازي الآية الكريمة أنه كما خلق الله قوم بعد هلاك قوم آخرون ، كان يرسل الله تعالى رسول تلو رسول ، فما كان من كل قوم جديد إلا العصيان ، وتكذيب الرسل ، فكان يرسل لهم العذاب كمن قبلهم من الأقوام ، فكان يبيدهم عن بكرة أبيهم ولا يبقى منهم إلا منازلهم ، وكان ذلك جزاء المجرمين الذين كذبوا الرسل .

  • تفسير السعدي :

    كان يرسل الله تعالى

    الأنبياء

    والمرسلين بالتتابع بداية من سيد الخلق أبونا آدم عليه السلام حتى خاتم الأنبياء ، والمرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، لعل وعسى أن تؤمن الأقوام ، ولكن كانوا يتمادون في الكفر والطغيان ، كدأب آل فرعون والذين من قبلهم ، وكان الله تعالى يرسل لكل قوم ما يناسبه من العذاب الشديد فمنهم من أرسل عليهم الصيحة ، ومنهم من أغرقهم بالطوفان ، ومنهم من خسف بهم الأرض ليكونوا عبرة للأقوام التي تأتي بعدهم ، ولكي يتعظ كل إنسان مؤمن وموحد بالله عز وجل .

  • تفسير القرطبي :

    أرسل الله تعالى المرسلين مبشرين ومنذ ين لأقوامهم رسول تلو الآخر ، وكان يرسل لكل قوم رسول منهم لكي يتحروا صدقه ، ويومنوا به ولكنهم كانوا مصابين بمرض القلوب ألا ، وهو الكبر وحب الجاه والرئاسة فكان الملأ من كل قوم يكفرون بالرسل ، ويجبرون العامة والضعفاء أيضا على اتباعهم ، فأرسل الله تعالى عليهم العذاب تلو العذاب حتى يبيد كل قوم منهم وينشئ قوم أخر فلا يجد منهم إلا الكئيب ، والضلال أيضا .

  • تفسير البيضاوي :

    أرسل الله تعالى رسله الكرام متتابعين رسولا تلو الآخر ، وكل رسول كان يبعث لقوم جديد يعلمون ما جرى لمن سبقهم من القوام ، وتكذيبهم الرسل وعقاب الله لهم ، وكان يأمل الرسل أن يعتبر قومه ممن سبقهم ويومنوا بالله الواحد القهار ، ولكن كان يجدهم كمن قبلهم من الرسل مكذبين لرسالات ربهم ، فكان يرسل الله عليهم العذاب أيضا كالذين كذبوا قريبا ذاقوا ، وبال أمرهم ، ولم يبقى منهم غير سيرتهم السيئة ، وتكذيبهم للرسل وطغيانهم في الأرض . [1]

التفسير الاشتقاقي لجذر الكلمة “تتر”

كلمة تترى على وزن كلمة فعلى ، وهي تعني المتابعة ، أو المواترة وترا وترا ، وأصل كلمة تترى هي وترى ، وتم إبدال الواو بتاء ، مثل كلمة تراث وكلمة تجاه، فمن قام بتصريفه قام بزيادة الألف للتأنيث ، ومن لم يقم بتصريفه جعل ألفه للتأنيث ، (قال شيخنا: تترى إذا نونتها ألحقتا *** ، وإن تكن تركته منعتا فهي للتأنيث لا الالحاق *** فمنعت لذاك للحذاق) ، وقال تعالى : ثم أرسلنا رسلنا تترى [المؤمنون/44] ، أي : متابعين أو متواترين ، ويقال : تترى أثناء الرفع ، وتترى أثناء الجر ، وتترى أثناء النصب ، والألف فيها عوض عن التنين ، وقال ثعلب : هي تفعل. قال أبو علي الفسوي: ذاك خطأ، لأن الصفات ليس بها تفعل . [2]

مشتقات كلمة تترى في القرآن الكريم

ذكرت مشتقات كلمة وتر في القرآن الكريم في ثلاث مواضع هما :

  • يتركم : (وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) “35/محمد ” ، ولن يتركم أعمالكم أي لن ينقصكم أجور أعمالكم وثوابها ، أي لن يظلم ربك أحدا ، وكل سوف يحاسب على أعماله خيرها نشرها ، وسوف يحصل على ما يستحقه سواء كان من الثواب ، أو العقاب ، وكلمة يتركم مكونه من شقين الشق الأول ، هو الفعل يتر بمعنى ينقص ، والشوق الثاني هو الضمير (كم) .
  • كلمة الوتر بفتح الواو وكسرها : وهو فرض يصلي ضد الشفع ، والوتر قال تعالى : (وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) ” 3/الفجر” ، والمقصود هنا بالشفع ، والوتر شفع الأشياء ووترها ، أو شفع الليالي ووترها ، والوتر في العدد هو عكس الشفع .
  • وتترى التي يتم فيها استبدال واو وتر إلى تاء مثل اشتقاق كلمة تقوى من كلمة وقاية ، واشتقاق كلمة تيقور من كلمة وقار ، ويقال جاءهم العذاب تترى أي جاءهم العذاب تلو العذاب ، قال تعالى : (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ)  ” 44/المؤمنون  ” .[2]