ما معنى ” العهن المنفوش ” وقصة وسبب النزول

سورة القارعة مكتوبة

يقول تعالى في سورة القارعة “القارعة ، ما القارعة، وما أدراك ما القارعة، يوم يكون الناس كالفراش المبثوث، وتكون الجبال كالعهن المنفوش، وتكون الجبال كالعهن المنفوش، فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية،وأما من خفت موازينه فأمه هاوية، وما أدراك ماهية ، نارًا حامية” صدق

الله

العظيم.

وسورة القارعة هي سورة مكية نزلت بعد سورة قريش، وعدد أياتها عشرة آيات، والسورة تتحدث عن وقوع البعث والأهوال التي تسبقه، وحال الناس يوم القيامة، ووجود الموازين يوم الحساب.

معنى العهن في القرآن

العهن في أقول بعض العلماء هو الصوف، وفي آراء أخرى هو الصوف.

أسباب وقصة نزول العهن المنفوش

إن سورة القارعة لم تنزل في مناسبة معينة، فلم يرد في أي كتاب من كتب أسباب نزول القرآن الكريم سبب لنزولها حتى في أهم كتب أسباب النزول مثل كتاب الصحيح المسند في أسباب النزول فلم يرد ذكر سبب نزول سورة القارعة ولا أي أية من آياتها العشر.[4]

تفسير سورة القارعة

معنى القارعة كما اتفق أغلب أهل العلم هي الساعة أو يوم القيامة، والسبب في تسميتها بالقارعة هي أنها تقرع المخلوقات بأهوالها ، والقارعة تعني الأمر الفظيع فيقول ” فلان قرعته القارعة” أي ألم به أمر شديد، والأمر الشديد الذي سيصيب الخلائق هو النفخ في

الصور

” فكما قال المولى عز وجل في سورة

النمل

” ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين” صدق الله العظيم، وفي الأية الكريمة ذكر لاسم من أسماء الساعة وهي القارعة.

ما القارعة هي صيغة استفهام تسأل عن القارعة، وما أدراك ما القارعة هي أيضًا صيغة استفهام المقصود منها تعظيم حدث قيام الساعة .


  • تفسير يوم يكون الناس كالفراش المبثوث

يوم يكون الناس كالفراش المبثوث : المبثوث تعني المنتشر، ومعناها أن الناس وقت النفخ في الصور سيخرجون من قبورهم مثل الفراش المبثوث ، أي مثل الفراشات الضعيفة التي تطير حول النار بغير هدى ، ثم تتراكم وقد يقع بعضها في النار.

وفي سورة

القمر

الأية ” 7 ” وصف المولى عز وجل حال الناس يوم القيامة “كالجراد المنتشر”، ففي الآيتين وصف لحال الناس يوم القيامة لكن بعض العلماء قد رجحوا أن الآيتين تصفا موقفين مختلفين للبشر يوم القيامة الأول هو عند الخروج من القبو فيكونوا متفرقين مثل الفراش، والموقف الثاني عندما ينادي المنادي فيقصده الناس استجابة لنداه ويسيروا في اتجاه واحد مثل الجراد المنتشر.


  • تفسير العهن المنفوش

العهن المنفوش في تفسير الجلالين : العهن تعني الصوف فعند قيام الساعة سوف تصير الجبال كالصوف المندوف في خفة حركتها حتى تستوي بالأرض، وفي تفسير بن عثيمين فإن العهن : تعني الصوف أو القطن.[1]


  • تفسير فأما من ثقلت موازينه

ثم يصف الله تعالى ما سوف يؤل إليه الناس في الأيات التالية: فهم على حالين من زادت حسناته على سيئاته أو من زادت سيئاته على حسناته.

فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية: أي أن الإنسان الذي سترجح كفة حسناته على سيئاته سيكون في

الجنة

.

والعيشة: هي من العيش أو

الحياة

وهي تدل على الهيئة والمعنى أن الإنسان الذي ثقلت موازينه سيعيش حياة طيبة راضية، ليس فيها صخب ولا نكد ولا نصب ولا خوف كاملة من كل الأوجه، وهذه هي عيشة أهل الجنة

“وأما من خفت موازينه فأمه هاوية” : أي أن الإنسان الذي سوف ترجح سيئاته على حسناته فسوف يسقط وهو هاو بأم رأسه في جهنم .

وأمه في الآية الكريمة تعني رأسه، وفي أقوال أخرى فإن أمه تعني التي يرجح إليها .

والهاوية : اسم من أسماء النار وسميت الهاوية في الأية بأمه ” لأنها مأواه الأخير.

وقد ورد اسم النار الهاوية في أحاديث عن النبي عليه

الصلاة

والسلام،  ففي الحديث الشريف عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي قال:”إذا قبضت نفس العبد تلقاه أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير في الدنيا فيقبلون عليه ليسألوه ، فيقول بعضهم لبعض، أنظروا أخاكم حتى يستريح فإنه كان في كرب فيقبلون عليه فيسألونه ما فعل فلان؟ وما فعلت فلانة ؟ هل تزوجت ، فإذا سألوا عن

الرجل

قد مات قبله قال : إنه قد هلك، فيقولون إنا لله وإنا إليه راجعون ، ذهب به إلى أمه الهاوية، فبئست الأم وبئست المربية، قال : فيعرض عليهم أعمالهم ، فإذا رأوا حسنا فرحوا واستبشروا، وقالوا هذه نعمتك على عبدك فأتمها وإن رأوا سوءًا قالوا اللهم راجع بعبدك”.

ويقول الشيخ بن عثيمين في تفسيره أن في الآية دليل على الموازين يوم القيامة ، لكن بعض أهل العلم قد تساءلوا عن سبب ورود كلمة موازين في الآية الكريمة بصيغة الجمع، فهل يكون هناك موازين متعددة يوم القيامة أم أنه ميزان واحد، وقد رجح بعض أهل العلم أنه ميزان واحد والجمع للموزون لأن الميزان يوزن فيه الحسنات والسيئات، وتوزن فيه أيضًا حسنات جميع البشر لذلك وردت موازين في صيغة الجمع.

وقال بعض أهل العلم إن الموازين يوم القيامة ستكون متعددة ، لأن لكل أمة من الأمم ميزان ولكل عمل ميزان، لكن وفقًا لرأي بن عثيمين

رحمه الله

فإن الرأي الراجح هو وجود ميزان واحد .[2]

وفي الآية سكت الله تعالى عن ذكر من تساوت حسناته مع سيئاته يوم القيامة، لكن المولى عز وجل ذكر هؤلاء في سورة الأعراف” فهم لا يدخلون الجنة ولا يدخلون النار لكنهم يحبسون في الأعراف وهو مكان عالي على الصراط، والدليل على ذلك هو حديث النبي عليه الصلاة والسلام  عن جابر بن عبد الله قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” توضع الموازين يوم القيامة فتوزن الحسنات والسيئات فمن رجحت حسناته على سيئاته مثقال صؤابة دخل الجنة ومن رجحت سيئاته على حسناته مثقال صؤابه دخل النار، قيل يا رسول الله فمن استوت حسناته وسيئاته ، قال ألئك أصحاب الأعراف لم يدخلوها وهم يطمعون.

وقد وصف الله تعالى عز وجل حال أهل الأعراف الذين تساوت حسناتهم مع سيئاتهم بأنهم إذا اتجهت أبصارهم تلقاء أهل النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين.

وقيل في مصير أهل الأعراف عدة أقوال فمن العلماء من ذكر أن ” لم يدخلوها وهم يطمعون” تعني أنهم سيدخلون الجنة وذلك يليق برحمة الله عز وجل، وذكرت بعض الآراء أنهم سيقفون بين الجنة والنار مدة يشاءها الله ثم يدخلون الجنة بإذن الله.[3]


  • تفسير وما أدراك ما هيه نار حامية

وما أدراك ماهية : تأتي من باب التفخيم والتعظيم للهاوية ، فهي شيء عظيم ، فكما ورد في الحديث الشريف ذكره ، فإن نار الآخرة أشد من نار الدنيا بتسعة وستين جزء، فقد قال عليه الصلاة والسلام ” نار بني آدم التي توقدون جزء من سبعين جزء من نار جهنم، قالوا يا رسول الله، إن كانت لكافية، فقال ” إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءًا

نار حامية: هي وصف للهاوية فهي شديدة حارة  قوية اللهب والسعير، تعادل تسعة وستين ضعف للنار التي نعرفها في الدنيا.