أفضل رد لمن أساء إليك .. ومتى تعفو .. ومتى تؤدب

كيف نرد الإساءة بالإحسان  في الدين الاسلامي

لقد مر علينا الكثير من المواقف السيئة في خلال تعاملنا مع الآخرين، فقد يختلف الاشخاص بنفس اختلاف وتباين أصابع يديك عن بعضها في الأخلاق والصفات، فهناك من يتعمد أثناء حديثه معنا أن يسيء إلينا ويحرجنا سواء بالقول أو بالفعل

وبالنسبة للإنسان فهو بطبعه لا يقبل الاساءة أيا كانت، ومن ثم لا يقبل أن تهان كرامته، أو أن تُكبت حريته، فهناك من يندفع بأتخاذ القرار الصارم بأن يرد الإساءة بإساءة اخرى، حتى يرد كرامته وهناك من يتبع قول

الله

سبحانه وتعالى (( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ))، «سورة فصلت: الآية 34»

وقد تحمل الآية الكريمة في معناها أن الأنسان لابد وأن يبدأ دائما بالحسنى، حتى وإن كان الطرف الآخر قد بدأ بالإساءة، فعليك وأن تردها له بالحسنى وليس بالمثل.

ولقد أوصانا الله سبحانه وتعالى بذلك من أجل نشر المودة والتسامح بين الناس، ومن ثم نشر القيم الأخلاقية، والمحبة، ومن ثم تقليل المشاحنات والكراهية والظلم بين البشر، وهذا بالطبع إن دل ، سوف يدل على سماحة الدين الإسلامي، وأنه دين يدعو إلى

التسامح

والمودة بين الناس [1]

ما هي الدلائل على حث الدين الإسلامي على رد الاساءة بالحسنى

يقول الله عز وجل وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:134}. يذكر الله عز وجل الذين يكظمون غيظهم ولا يردون الاساءة بالحسنى، والذين يعفوا ويصفحوا عن الناس دائما بأنهم هم المحسنين، الذين يحسنون دائما للناس ويعيشون حياة كريمة خالية من المشاكل والضغط والضغينة وغيرها .

ويقول الله سبحانه وتعالى ايضا في كتابه العزيز ” ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ” {المؤمنون:96}. ينصحنا الله سبحانه وتعالى بأن نبدأ دائما بالحسنى، و نفترض دائما حُسن النية إلى أن يثبت العكس، ولأن الله يعلم ما تخفي الصدور وما في النوايا من خير كان أو شر، فهو ينصحنا بأن نبدأ بحسن النية.

ومن مظاهر قوة المؤمن وتحمله،  ومن ثم بلوغ مقتضى إيمانه هو عفوه عن المسيء، وايضا عدم رد الإساءة بمثلها، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب “

ويمكننا القول بأن الغضب في حد ذاته قوة لايقدر عليها احد، ولا يتحملها إلا من كان قويا ومثابرا، وهو يعلم جيدا أن تلك هي وصية الله سبحانه وتعالى. [2]

متى يحق لكَ العفو عن الناس

يعتبر العفو هو من أحلى الصفات التي يجب أن نتحلى بها جميعا، حيث أوضح الله ذلك لرسوله الكريم، ومن ثم أمر جميع المسلمين بأن يتحلوا بهذا الطبع والصفة النبيلة الممتازة

ويكمن

معنى

العفو في التسامح، ومن ثم التجاوز عن الذنب أو المعصية، لذلك قد نجد أن الله قد وصف ذاته الإلهية سبحان وتعالى نفسه الالهية بالعفو، وذلك لأنه يعفو، ويتجاوز عن ذنوب عباده، حيث يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ).

وفي آية أخرى يقول الله عز وجل{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 43]، وقال عز من قائل: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء: 149]، فصفة العفو هي صفة آلهية للعفو عن الناس في

الحياة

الدنيا . وفي خلال ذلك الأمر قد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأن يتحلى بالعفو، فيقبل عذر الناس، و يتجاوز عن جهلهم، وفي ذلك قال الله تعالى { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]

فأمر الناس بالعفو وبالمساهلة، ومن ثم ترك البحث عن الأشياء من حوله، وقد وصف الله جميع عباده المتقين الذين يستحقون الجنة، هم من يكظمون غيظهم في قوله تعالى { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133، 134]،

وعلى ذلك فإن العفو قد يقرب الانسان من التقوى والتقرب إلى الله ﴿ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [البقرة: 237].وقد يعتقد البعض أن العفو عن إساءة المسيء إليه هي ضعفا ، أو مزلة أيضا، ولكنها ليست كذلك على الاطلاق

ولا يبلغ للإنسان أن يحتل المكانة المرموقة عند الله إلا إذا تحلى

الصبر

على من أساء إليه، فعن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (( ما نقَصَت صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضَع أحدٌ لله إلا رفَعه الله)) ومن ثم قد لاينبغي للمؤمن أن ييأس من إستمرارية العفو عن الناس، بل أن يصبح خلقا متأصلا بداخله

ولا ينبغي للمؤمن أن يَمَلَّ من العفو عن الآخرين مهما كثُرت إساءتهم، بل عليه أن يلزم العفو خلقًا متأصلًا في ذاته، رغم كثرة الإساءة في حقه، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله وعليه وسلم، فقال: يا رسول الله، كم نعفو عن الخادم؟ فصمَتَ، ثم أعاد عليه الكلام فصمتَ، فلما كان في الثالثة، قال: ((اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرةً))]. [1] [2]

العفو ليس محموداً دائماً فمتى نؤدب

أنت الآن بين مجموعة من ثلاث خيارات محددة، قد يبدو الأمر مهما فمن تعرض للإساءة فهو بين ثلاث اختيارات وهي :-

  • أن يعفو تماما عن المسيء له، ويسامحه أمام الله سبحانه وتعالى، كما قال الله في كتابه الحكيم { وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ {آل عمران:186}. وقال الله ايضا : وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22}.
  • أن يسكت

    المظلوم

    تماما، ولكن لا يقوم بمسامحته امام الله وبينه وبين نفسه، بل كل ما عليه أن يفوض أمره لله ويستغفره .
  • أن لا يعفو عنه، ولا يسامحه أو أن يرد عليه بمثل ما سبه


وهناك بعض الشروط التي تستوجب عدم العفو أو المسامحة، حيث قد أباحت الشريعة الاسلامية، أن لا تعفو في حالة

  • تعرضك للسب والشتم وما إلى ذلك.
  • إذا سبّه فرد عليه بنفس السب كان كفافا، ولكن إذا  زاد بالغضب والتعصب لنفسه كان ظالما وكان كل منهما فاسقا.
  • ألاترد كل ما هو فاسق كالقذف والتكفير.
  • أن لا يلعن أباه، لأن اباه لا يظلمه. [3]

ما هي شروط التأديب لمن اساء إليك

  • أن ترد الإساءة بالمثل.
  • أن لا يعتدي عليه، إلا إذا  بدأ هو  كما قال الله سبحانه وتعالى { مَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ. {البقرة : 194}
  • ألا تسب أحدا من معارفه ظلما.
  • ألا يسب بريئا من أرحام الظالم أو أقاربه. [3]