الحالات التي يجوز فيها الكذب لـ إبن باز

ثلاث حالات يجوز فيها الكذب لإبن باز

الكذب من الصفات التي بغضها

الله

تعالى ، وقام بالتحذير من عواقبها في الدنيا والآخرة ، فيقول :

“الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ. وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ”

فالكذب على الله ورسوله من أعظم الذنوب التي لا يغفرها الله للعبد ،

وكذلك فقد حذر الرسول من الكذب في الأحاديث النبوية الشريفة ؛ ففي حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، يقول :

« عَليّكُم بالصدق ؛ فَإن الصِدق يهدي إلى البِر، وإن البِر يهدي إلى الجنة، ولا يزالُ

الرجل

يصْدُق ويتحرى الصِدق حتى يُكتَب عند الله صِدّيقًا ، وإياكم والكذب ؛ فَإن الكذِب يهدي إلى الفُچُور، والفچور يهدي إلى النَّار ».

لذلك يجب على المؤمن الا يتجه للكذب من أجل أن يرضي أحد ، فرضا الله تعالى ورسوله أهم ، ولكن قد يكون الكذب مقبولا عند الضرورة ، او ما يطلق عليه

الكذب الأبيض في الإسلام

، وجاء ذلك في صحيح مسلم ، في حديث أم كلثوم قولها :

« لم أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث ؛ الاصلاح بين الناس ، والحرب ، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها ».

وجاء حديث أم كلثوم استنادا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ يقول : « ليس الكَذَّاب الذي يُصْلح بين الناس ، فَيَقولُ خيرا ، وَيُنَمّي خيرا ».[1]

واستنادا على ذلك جاء رأي بن باز بأن الحالات التي يجوز فيها الكذب هي ثلاث حالات ؛ في الحرب أو الاصلاح بين الناس ، وكذب المرأة على زوجها أو الزوج على امرأته.

متى يحل الكذب على الزوجة

لقد سبق وذكرنا الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وحديث ام كلثوم رضي الله عنها الذي يوضح حالات الكذب المسموح بها ، وإحدى هذه الحالات هي كذب المرأة على زوجها ، والزوج على امرأته ، ولكن متى يتم ذلك ؟ هل يحل للزوجة أو الزوج الكذب أحدهما على الآخر في أي شأن من شؤون

الحياة

؟ ام أن هناك حالات مرخصة للكذب ؟ وما هي ضوابط الكذب بين الزوجين ؟

لقد اختلف العلماء حول هذا الأمر ، ولكننا سنأخذ بالآراء المتفق عليها للإمام النووي والألباني ،لنتوصل إلى ضوابط الكذب بين الزوجين والمتمثلة في النقاط التالية : [2]

  • جواز قيام أحد الزوجين بالكذب على الآخر في الضرورة فقط ، مثل أن تكون هناك مصلحة للزوجين لا يمكن الحصول عليها إلا بالكذب ، ولكن يجب الحذر من استحلال الكذب في كل أمور الحياة الأسرية والذي قد يضر بها.
  • يجوز الكذب في حال كان الأمر ليس محرما شرعا ،كان يضر أحد الزوجين الآخر مثل ؛ استخدام الكذب كوسيلة لإسقاط أحد حقوقه الشرعية ، او التعدي على منفعته ، او يؤدي الكذب إلى ضرر بأحدهما ، او استباحة الفحشاء.
  • يجوز الكذب على

    الزوجة

    أو الزوج في حالة حسن المعاشرة بينهما ، فيحل كذب المرأة على زوجها والزوج على زوجته في إظهار الود والمحبة ، ويذكر حادثة في عهد عمر بن الخطاب أن رجلا استحلف زوجته بالله ان كانت تحبه فأخبرته أنها لا تحبه ، وعندما أتى بها أمام عمر رضي الله عنه ، قالت له : أأحلف بالله كذب! قال لها نعم ، وأنه لا يعتبر كذب طالما أن فيه إصلاح بينكم فليست جميع البيوت تبنى على

    الحب

    ، بل على

    الإسلام

    والإحسان.
  • أجاز العلماء الكذب والاستشهاد بالله تحت بند التورية ؛ وذلك بأن يُظهِر الشخص شيئا من كلامه ، وهو يقصد شيئا آخر.

هل يجوز الكذب عند الضرورة

كما ذكرنا أعلاه فإن الحالات المحلل فيها الكذب هي ثلاث حالات فقط وهي:

  • كذب الزوج على زوجته أو الزوجة على زوجها ؛ وقد تناولنا هذه الحالة بالتفصيل ، ويكون الكذب محلل من أجل إنجاح العلاقة الزوجية فقط وليس للتعدي على حقوق الآخر.
  • الكذب في الحرب ؛ وهنا يكون الكذب محلل إن كان لا يتسبب في غدر للعدو ، او يخدعه ، بل يكون الغرض منه المنفعة للمسلمين ، كأن يقول القائد أنهم سيتحركون اليوم ولكنهم يتحركون في غير الميعاد خوفا من أن يكون العدو علم بتحركات الجيش.
  • الكذب في الاصلاح بين الناس ؛ فلا يكون هناك حرج أن حدث الكذب بغرض الاصلاح بين عائلتين ، او زوجين ، او صديقين ، كأن يقول المرء لصديق أن صديقه يثني عليه ، ويخبر عنه الخير دائما وان لم يكن حدث ذلك بالفعل.

هل يجوز الكذب في التجارة

“التجارة شطارة” هذه الجملة تتردد كثيرا في جميع البلدان مع اختلاف اللغة واللهجة ، إلا أن معناها واحد ، ولكن هل يعني ذلك بأن الكذب مباحا في التجارة ؟

في حديث شريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول :

« البَيْعانِ بالْخيار ما لَم يتفَرّقا، فإن صدقا وبينّا بُورِك لهما في بيعهما، وإن كذبَا وكَتما مَحُقَت بركة بيعهما »

ويوضح الحديث الشريف وجوب الصدق في المعاملة بين المسلمين في التجارة ، ومن الممكن أن يرجع أحدهم في البيع او الشراء ما داموا لم يفضوا المجلس ، كما يؤكد الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه عن أن الصدق في المعاملة يباركها ، والكذب يؤدي إلى زوال البركة. [3]

ولكن في حال البيع والشراء ، وتحصيل الربح فيجب أن يكون البارع صادق ولا يزيد سعر الشيء بالكذب ، فله السعر الذي اشترى به ، وله عرض السعر الذي يريد البيع به ، إما أن يقبل المشتري بالسعر او لا يقبل به ،ولكن لا يحق للبائع بالكذب في السعر.

فعلى سبيل المثال ؛ إن كنت تاجر سيارات ، تشتري

السيارة

بمبلغ معين ، وتبيعها بمبلغ أكبر من أجل الربح ، فلا حرج أن تضع السعر الذي تريده من أجل تحصيل أرباحك مع مراعاة الله في المشتري ، ولكن لا يحل لك أن تكذب على المشتري بقولك له بأنك اشتريت السيارة بسعر أكبر من السعر الحقيقي الذي اشتريت به.

كما أنه إن كنت تعمل في تجارة

السلع

المسعرة في البلد بسعر معين ، فلا يجوز لك الكذب في تكلفة السلعة من أجل زيادة ربحك ، ويجب اتباع التسعيرة المفوضة عليك من الدولة أو البلد المتواجد فيه ، فالربح ليس أموالا فقط فهناك اعمال حسنة يثيب الله عليها ، لذلك يجب عليك مراقبة الله تعالى في تجارتك ، ومعرفة أنه سبحانه مطلع على كل شيء.[4]