هل قراءة الفاتحة للميت بدعة ؟.. ماذا قال إبن باز وإبن عثيمين عنها


هل قراءة الفاتحة للميت بدعة


إن



حكم قراءة الفاتحة على المتوفي



يختلف فيه العلماء، فإذا كانت هذه القراءة عند قبره أم عند تذكر الشخص له في أي وقت، أما إذا كانت هذه القراءة عند قبر

الميت

ويقرأها الشخص كي يستمع لها الميت فهي لا تجوز لأن هذا لا يستفيد منه الميت، وذلك لأن الاستماع الذي من الممكن ان يستفيد منه الشخص يحدث وهو حيٌ فقط، ويكتب عنه ما حدث حال حياته، والميت هنا يكون قد انقطع عمله كما قال النبي صلى

الله

عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).


أما إذا كان القارئ يقرأ الفاتحة أو غيرها مما تيسر من القرآن للميت ويجعل ثوابه له فهذا أمرٌ آخر، وذلك أن يجعل هذا الأمر تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى، ويجعل ثوابه لأخيه المسلم، فهذا الأمر قد أختلف فيه العلماء:


  • يرى بعض العلماء أن القيام بالأعمال البدنية ويوهب الفاعل ثوابها للميت هو من الأمور التي ينتفع بها الميت، لأن الأصل أن العبادات مما يتعلق بشخص العابد وليس شخصًا آخر.

  • يرى البعض الآخر: (أن وصول الثواب إلى

    الأموات

    في بعض المسائل، يدل على أنه يصل إلى الميت من ثواب الأعمال الأخرى ما يهديه إلى الميت).


ولقد جاء في الموسوعة الفقهية: )اختلف العلماء في قراءة القرآن للميت وإهداء ثوابها له، فذهب الحنفية والحنابلة إلى جواز قراءة القرآن للميت وإهداء ثوابها له، قال ابن عابدين نقلاً عن البدائع: ولا فرق بين أن يكون المجعول له ميتاً أو حياً، والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره، وقال الإمام أحمد: الميت يصل إليه كل شيء من الخير، للنصوص الواردة فيه، ولأن الناس يجتمعون في كل مصر ويقرؤون يهدون لموتاهم من غير نكير فكان إجماعاً، قاله البهوتي من الحنابلة


.)


وفي العموم فإن هذا من الأمور الجائزة التي لا يندب فعلها، وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء، وعلينا أن نعلم أنه من باب أولى أن نقوم بالدعاء للميت ونجعل له صدقة جارية ينتفع بها وذلك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.[1]


حكم قراءة الفاتحة على الميت ابن عثيمين


يقول الشيخ ابن عثيمين في هذه المسألة:  خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وإذا فكرنا هذا الأمر، وهو أن يقرأ على الميت بعد دفنه

سورة يس

وسورة الفاتحة، أو قبل دفنه سورة يس وسورة الفاتحة، إذا طبقناه على القاعدة التي أثبتها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلنها لأمته، وجدنا أن هذا العمل بدعة وكل بدعة ضلالة، والأقسام الواردة في ذلك ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اقرءوا على موتاكم يس»، والقراءة هنا ليست بعد موته؛ لأنه لا يستفيد منها شيئاً، وإنما يستفيد منها إذا كان قد حضره الأجل، فقرأت عنده، وهو يسمع فإن ذلك قد يشرح صدره بعض الشيء بما ذكر الله فيها من حصول الإيمان وفضيلته للمؤمن ومآله، حيث ذكر الله تعالى أنه قيل للرجل الداعي إلى الله الذي قال: يا قوم اتبعوا المرسلين، قيل له: أدخل الجنة. قال: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي وجعلني من المكرمين، وأما بعد خروج الروح فإنه لا يقرأ عليه شيء لا الفاتحة ولا يس، وكذلك بعد الدفن لا يقرأ عليه شيء لا الفاتحة ولا يس، وأقصى ما جاء في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: «استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل». ومعلوم «أن الميت إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له».


“فالميت إذا مات فإن أفضل ما نهديه إليه أن ندعو الله له بالمغفرة والرحمة، وأن يفسح له في قبره، وأن يوسع له فيه، وينور له فيه، وأن يدخله الجنة، ويعيذه من النار، وأن يتجاوز عن سيئاته إلى غير ذلك من الدعاء النافع الذي ينتفع به الميت، أما الأعمال الصالحة ينبغي أن يكون الإنسان الحي منتهزاً لها يجعلها لنفسه؛ لأنه هو أيضاً سيحتاج ونحن الآن في مدة من الزمن كرماء الزمن لا يهمنا ما ضاع منه ولا ما بذلنا منه في أمور لا تنفعنا، ولكن عند حضور الأجل وانقطع الأمل نعرف قدر الوقت، فيقول الإنسان عند موته: (قَال رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) ويقول: (رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) فنصيحتي لنفسي وإخواني بانتهاز الفرصة ما دام الإنسان في زمن المهلة، وأن يكثر من الأعمال الصالحة المقربة إلى الله لنفسه، وأما مَن مات من أقاربه أو إخوانه وأصحابه فليكثر له من الدعاء، فإن الله تعالى إذا استجاب له من دعوته يحصل بها النجاة من النار ودخول الجنة، وهذا غاية ما يتمناه الإنسان.[2]


حكم قراءة الفاتحة على الميت ابن باز


يقول الإمام ابن باز في هذا الأمر: ليس للقراءة على الميت أصل، فلا يشرع أن يقرأ على الميت لا الفاتحة ولا غيرها، الميت انقطع عمله بالموت، يقول النبي ﷺ: إذا مات بن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له،  والولد يشمل الذكر والأنثى، إلا من علم خلفه للناس على يد تلاميذه فنشروه في الناس، أو في كتب ألفها، أو اشتراها ووزعها بين الناس واستفادوا منها، أو صدقة جارية، أوقاف سبلها حتى يتصدق منها في وجوه الخير وفي المشاريع الخيرية؛ كعمارة تؤجر، وجعلها وقفاً، وتصرف أجورها في نفع المسلمين؛ كتعمير المساجد، ومواساة الفقراء، وإقامة المشاريع الخيرية، ونحو ذلك، أو ولد صالح يدعو له، سواء كان ذكر أو بنت أنثى، الولد يشمل هذا وهذا؛ كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ) للذكور والإناث، فالولد يشمل الذكر والأنثى، فمعنى قوله ﷺ: أو ولد صالح. يعني ابن أو بنت يدعو للميت، هذا ينفع الميت إذا دعا له ولده ابنه أو بنته، إذا دعوا له في ظهر الغيب كان هذا مما ينفعه، فينبغي للولد ذكراً كان أو أنثى أن يكثر من الدعاء لوالده ووالدته بالمغفرة والرحمة، وتكفير السيئات، وبالمنازل العالية، هكذا ينبغي للذكر أو الأنثى أن يدعوا لوالديهما.


أما قراءة الفاتحة فلا أصل لها، لا يقرأ الفاتحة ولا غير الفاتحة، هذا ليس مشروعاً، ولا يقرأ للأموات الفاتحة ولا غيرها، هذا هو الصواب، بعض أهل العلم يقول يلحق الثواب للميت، ولكن ليس عليه دليل، فالأفضل ترك ذلك، والأحوط ترك ذلك، وأن يستعمل الدعاء، والصدقة، والحج عن الميت، والعمرة كذلك، كل هذا ينفعه.[3]


هل يجوز قراءة الفاتحة على الميت بعد دفنه


أجمع العلماء على أنه إذا كانت هذه القراءة عند قبر الميت ويقرأها الشخص كي يستمع لها الميت فهي لا تجوز لأن هذا لا يستفيد منه الميت، وذلك لأن الاستماع الذي من الممكن أن يستفيد منه الشخص يحدث وهو حيٌ فقط، ويكتب عنه ما حدث حال حياته، والميت هنا يكون قد انقطع عمله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).[1]