هل ارتداء الملابس السوداء على الميت من الشرع

ملابس الحداد على الميت

لم يكن

الحزن

يومًا يحتاج إلى مظاهر خارجية لكي يظهر للناس، ولكن قد أعتاد الناس على إرتداء

الملابس

السوداء بمجرد معرفتهم خبر موت أحدهم قريباً أو بعيداً، فحتى الآن لا يوجد هناك أي دليل شرعي على إرتداء الملابس السوداء في الحداد، وذلك بالطبع يختلف بإختلاف الأعراف الموجودة في كل مجتمع.

فالإنسان حتى وقتنا الحالي، ورغم التقدم والإزدهار في العلم الحديث، إلا أنه مازال يعاني من الصراع الداخلي بين

العادات

والتقاليد والدين، وبين الخلط بينها الذي قد صعب الأمر عليه كثيراً، مثل ما يسمى أربعين المتوفي، فهي طقوس فرعونية وليس له علاقة بالدين.

فيجب عليك بعد معرفة حكم الشرع والدين في إرتداء الملابس السوداء أن الحزن لم ولن يكون أبداً في الملابس ولا في ألوانها، ولكن مستقره الأساسي في أعماق

القلب

الذي لا يعلم أسراره غير

الله

عز وجل، فكل ما عليك هو الإستعانة بالله، وأن تطلب منه أن يلهمك

الصبر

والسلوان على الفراق.

ومن ثم يعتبر الحزن على

الميت

من الأمور الطبيعية التي قد شرعها الدين

الإسلام

ي، ومن أهم مظاهر الحزن في الإسلام هو الإمتناع الكامل عن التنزين بالعطور والأصباغ سواء في الجسد أو في الملابس، وهذا الإمتناع يطلع عليه اسم الحِداد أو الإحداد.

والحداد بصفة عامة غير جائز للرجال بل هو خاص فقط بالنساء، وقد جاء في البخاري ومسلم أن زينب بنت أبي سلمة دخلت على أم حبيبة ـ رضي الله عنها ـ زوج النبيِّ ـ صلّى الله عليه وسلَّم ـ حين توفِّيَ أبوها أبو سفيان، فدعت أم حبيبة بِطِيب فيه صُفرة ـ أي طيب فيه لون كالخلوق المعروف عندهم ـ فدَهنت به جارية، ثم مسَّت بعارضَيها ـ أي صفحتي وجهها ـ ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ يقول على المنبر ” لا يحلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدَّ على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة

أشهر

وعشرًا”.

ويعد من مظاهر الحداد بالنسبة للملابس الأمتناع التام عن إرتداء ما يتعارض مع الحزن، وهو بالطبع قد يختلف في الشكل واللون والنوع وذلك بإختلاف الأعراف، فعلى عكس أغلب الدول قد نجد أن الملابس البيضاء هي ملابس الحداد والنبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ضرب مثلاً لما كان عند العرب فنهى عن الثوب المصبوغ بالعُصْفُر لأنّه من ملابس الزينة التي لا تَتَناسَب مع الحِداد.[1]

ما هو حكم ارتداء المرأة الملابس السوداء على الميت

قد تختلف كل دولة على حسب العرف في ملابس الحداد التي ترتديها

النساء

حزناً على المتوفي، فليست كل الدول تلبس اللون

الأسود

في الحداد.

ولكن ما هو حكم لبس الملابس السوداء حداداً على الميت، ولكي تعرف ذلك بوضوح عليك أولا أن تعلم ما هو الحداد، فقد عرفه محمد البابرتي الحنفي في كتاب ” العناية على شرح الهداية” قائلاً:-  الحداد هو أن تترك الطيب والزينة والكحل والدهن المطيَّب وغير المطيَّب إلا من عذر، وفي الجامع الصغير إلا من وجع.


وقد خصص الشرع الحداد على أنه:-

  • المرأة التي قد توفى زوجها، فتقيم الحداد على مدة العدة وهي أربعة شهور وعشراً، وتظل في بيت زوجها طوال هذه المدة.
  • المرأة التي قد توفى أحد أقاربها لا بد لها وأن تحد ثلاثة أيام، فعن زينب بنت أبي سلمة قالت: دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية ثم مستْ بعارضيها وقالت: ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، ومن ثم فقد يباح الحداد حوالي ثلاثة أيام.


الملابس السوداء في الحداد في شرع الحنيفين

لقد منع الحنيفين الثوب الأسود الذي ترتديه المرأة حزنا على الميت إلا في حالة وفاة الزوج، فوجب على المرأة إرتداء الثوب الأسود ثلاثة أيام متواصلة، فقد قال ابن عابدين في حاشيته: سئل أبو الفضل عن المرأة يموت زوجها وأبوها أو غيرهما من

الأقارب

فتصبغ ثوبها

أسود

فتلبسه شهرين أو ثلاثة أو أربعة تأسفًا على الميت أتعذر في ذلك؟ فقال: لا.

وسئل عنها علي بن أحمد فقال: لا تعذر هي آثمة؛ إلا

الزوجة

في حق زوجها فإنها تعذر ثلاثة أيام.


الملابس السوداء في الحداد في شرع المالكية

وقد يجوز عند المالكية للزوجة أثناء عدة الوفاة أن تلبس الثوب الأسود، ماعدا إن كانت الزوجة ناصعة البياض، أو أن الأسود زينة لها علماً بأن ما انتشر في بعض البلاد من تخصيص لبس السواد للحداد والامتناع عن غيره ولو لم يكن زينة فلا أصل له.[2] [3]

ما حكم لبس أهل الميت اللباس الأسود

على الرغم من أن المرأة هي الأكثر إلتزاما بإرتداء الملابس السوداء حداداً على الميت، فلا يجوز إرتداء أهل الميت الملابس السوداء إلا لثلاثة أيام فقط لأخواته وأمه وما إلى ذلك، أما المرأة فتحد أربعة أشهر وعشرة أيام متتالية.

ولقد سُئل النبيُّ عليه

الصلاة

والسلام عن وجوب إرتداء الملابس السوداء لجميع أهل البيت فقال: لا تحدّ امرأةٌ على ميتٍ فوق ثلاثٍ، إلا على زوجٍ: أربعة أشهر وعشرًا، فالأخت والأم ونحو ذلك لهن ثلاثة أيام فأقلّ. [3]

هل تعد الملابس السوداء بدعة أم مجرد عُرف

لقد أعتبر بعض العلماء إرتداء الملابس السوداء من البدع، أو

الخرافات

وذلك لعدم وجود أي إثبات عن لبس الأسود عند وفاة أحد.

ومن ثم فإن تخصيص لباس معين في الحداد ايضاً يعتبر أمراً مكروه، ومن البدع، لأنه قد ينبئ عن وجود تسخط من الإنسان على قدر الله عز وجل، وهو أشبه بشق الجيوب، ولطم الخدود التي قد نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال  (ليس منا من شق الجيوب، ولطم الخدود، ودعا بدعوى الجاهلية). [2]

حكم الحداد سنة كاملة في الملابس السوداء

هناك عدد من البلدان تؤمن بأن المرأة إذا مات لها قريبا لابد لها وأن تلبس ثوبا أسوداً لمدة سنة كاملة، وفي تلك الأقاويل أنها إذا لم تلبس ملابس سوداء أنها بذلك قد فرحت بموته، ولكن كل ذلك يعتبر من البدع حتى لو كان زوجها، فيعتبر الحداد لمدة سنة كاملة من تقاليد الجاهلية، ولكن عندما جاء

الاسلام

نهى تماما عن ذلك الحداد

وقد أوجب الله على المرأة بدلا من ذلك أن تحد على زوجها أربعة أشهر وعشراً، إذا كانت غير حامل، أما إذا كانت حامل فلابد لها أن تنتهي من العدة بوضع  ذلك

الحمل

أولاً حتى ولو بعد موت زوجها بساعات. [3]