قصيدة كاملة ” الام مدرسة اذا اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق “

قصيدة ” الام مدرسة إذا اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق “

تُعد الأم صاحبة أعظم فضل بعد

الله

تعالى في حياة الإنسان، كما أنّها تحمل الضعف، وهي تلد وتحمل عذابات عظيمة من أجل ذلك، ثم تربي أطفالها لسنوات عديدة، وتعطيهم من عمرها، كما تركز الانتباه عليهم فقط، فالأم مصدر للحنان والحب، ويكثر الحديث حول

قصص عن الام اذا اعددتها

، ومنها قصيدة الأم مدرسة لحافظ إبراهيم في إظهار مكانه ودور الأم وتتمثل أبيات القصيدة فيما يلي:

كَم   ذا   يُكابِدُ   عاشِقٌ   وَيُلاقي

في   حُبِّ   مِصرَ   كَثيرَةِ  العُشّاقِ

إِنّي    لَأَحمِلُ    في   هَواكِ   صَبابَةً

يا  مِصرُ  قَد خَرَجَت عَنِ الأَطواقِ

لَهفي   عَلَيكِ   مَتى   أَراكِ  طَليقَةً

يَحمي  كَريمَ  حِماكِ  شَعبٌ  راقي

كَلِفٌ    بِمَحمودِ    الخِلالِ   مُتَيَّمٌ

بِالبَذلِ    بَينَ    يَدَيكِ    وَالإِنفاقِ

إِنّي     لَتُطرِبُني    الخِلالُ    كَريمَةً

طَرَبَ    الغَريبِ    بِأَوبَةٍ   وَتَلاقي

وَتَهُزُّني   ذِكرى   المُروءَةِ  وَالنَدى

بَينَ     الشَمائِلِ     هِزَّةَ    المُشتاقِ

ما    البابِلِيَّةُ   في   صَفاءِ   مِزاجِها

وَالشَربُ    بَينَ    تَنافُسٍ   وَسِباقِ

وَالشَمسُ تَبدو في الكُئوسِ وَتَختَفي

وَالبَدرُ  يُشرِقُ  مِن  جَبينِ  الساقي

بِأَلَذَّ    مِن    خُلُقٍ    كَريمٍ   طاهِرٍ

قَد    مازَجَتهُ    سَلامَةُ    الأَذواقِ

فَإِذا    رُزِقتَ    خَليقَةً   مَحمودَةً

فَقَدِ    اِصطَفاكَ   مُقَسِّمُ   الأَرزاقِ

فَالناسُ    هَذا    حَظُّهُ   مالٌ   وَذا

عِلمٌ    وَذاكَ    مَكارِمُ   الأَخلاقِ

وَالمالُ   إِن   لَم   تَدَّخِرهُ   مُحَصَّناً

بِالعِلمِ     كانَ    نِهايَةَ    الإِملاقِ

وَالعِلمُ   إِن   لَم   تَكتَنِفهُ   شَمائِلٌ

تُعليهِ   كانَ     مَطِيَّةَ    الإِخفاقِ

لا  تَحسَبَنَّ   العِلمَ   يَنفَعُ  وَحدَهُ

ما لَم    يُتَوَّج    رَبُّهُ    بِخَلاقِ

كَم  عالِمٍ   مَدَّ   العُلومَ   حَبائِلاً

لِوَقيعَةٍ  وَقَطيعَةٍ  وَفِراقِ

وَفَقيهِ    قَومٍ   ظَلَّ   يَرصُدُ   فِقهَهُ

لِمَكيدَةٍ     أَو    مُستَحَلِّ    طَلاقِ

يَمشي   وَقَد  نُصِبَت  عَلَيهِ  عِمامَةٌ

كَالبُرجِ    لَكِن   فَوقَ   تَلِّ   نِفاقِ

يَدعونَهُ   عِندَ   الشِقاقِ  وَما  دَرَوا

أَنَّ   الَّذي   يَدعونَ  خِدنُ  شِقاقِ

وَطَبيبِ    قَومٍ    قَد   أَحَلَّ   لِطِبِّهِ

ما    لا    تُحِلُّ    شَريعَةُ   الخَلّاقِ

قَتَلَ   الأَجِنَّةَ   في   البُطونِ  وَتارَةً

جَمَعَ   الدَوانِقَ   مِن   دَمٍ   مُهراقِ

أَغلى   وَأَثمَنُ   مِن  تَجارِبِ  عِلمِهِ

يَومَ    الفَخارِ    تَجارِبُ    الحَلّاقِ

وَمُهَندِسٍ     لِلنيلِ    باتَ    بِكَفِّهِ

مِفتاحُ    رِزقِ    العامِلِ    المِطراقِ

تَندى    وَتَيبَسُ    لِلخَلائِقِ    كَفُّهُ

بِالماءِ     طَوعَ    الأَصفَرِ    البَرّاقِ

لا  شَيءَ  يَلوي  مِن  هَواهُ  فَحَدُّهُ

في   السَلبِ   حَدُّ  الخائِنِ  السَرّاقِ

وَأَديبِ     قَومٍ    تَستَحِقُّ    يَمينُهُ

قَطعَ   الأَنامِلِ   أَو  لَظى  الإِحراقِ

يَلهو     وَيَلعَبُ    بِالعُقولِ    بَيانُهُ

فَكَأَنَّهُ    في   السِحرِ   رُقيَةُ   راقي

في     كَفِّهِ     قَلَمٌ    يَمُجُّ    لُعابُهُ

سُمّاً     وَيَنفِثُهُ    عَلى    الأَوراقِ

يَرِدُ   الحَقائِقَ   وَهيَ   بيضٌ   نُصَّعٌ

قُدسِيَّةٌ        عُلوِيَّةُ       الإِشراقِ

فَيَرُدُّها     سوداً    عَلى    جَنَباتِها

مِن   ظُلمَةَ   التَمويهِ   أَلفُ   نِطاقِ

عَرِيَت   عَنِ   الحَقِّ   المُطَهَّرِ  نَفسُهُ

فَحَياتُهُ     ثِقلٌ     عَلى    الأَعناقِ

لَو   كانَ   ذا  خُلُقٍ  لَأَسعَدَ  قَومَهُ

بِبَيانِهِ         وَيَراعِهِ         السَبّاقِ

مَن    لي    بِتَربِيَةِ    النِساءِ   فَإِنَّها

في   الشَرقِ   عِلَّةُ  ذَلِكَ  الإِخفاقِ

الأُمُّ     مَدرَسَةٌ     إِذا     أَعدَدتَها

أَعدَدتَ    شَعباً   طَيِّبَ   الأَعراقِ

الأُمُّ    رَوضٌ    إِن   تَعَهَّدَهُ   الحَيا

بِالرِيِّ      أَورَقَ     أَيَّما     إيراقِ

الأُمُّ     أُستاذُ    الأَساتِذَةِ    الأُلى

شَغَلَت    مَآثِرُهُم    مَدى   الآفاقِ

أَنا  لا  أَقولُ  دَعوا  النِساءَ سَوافِراً

بَينَ   الرِجالِ  يَجُلنَ  في  الأَسواقِ

يَدرُجنَ  حَيثُ  أَرَدنَ  لا مِن وازِعٍ

يَحذَرنَ   رِقبَتَهُ   وَلا   مِن   واقي

يَفعَلنَ    أَفعالَ    الرِجالِ    لِواهِياً

عَن   واجِباتِ   نَواعِسِ  الأَحداقِ

في    دورِهِنَّ    شُؤونُهُنَّ    كَثيرَةٌ

كَشُؤونِ   رَبِّ   السَيفِ  وَالمِزراقِ

كَلّا   وَلا   أَدعوكُمُ   أَن  تُسرِفوا

في   الحَجبِ  وَالتَضييقِ  وَالإِرهاقِ

لَيسَت   نِساؤُكُمُ  حُلىً  وَجَواهِراً

خَوفَ  الضَياعِ  تُصانُ في الأَحقاقِ

لَيسَت     نِساؤُكُمُ    أَثاثاً    يُقتَنى

في   الدورِ   بَينَ   مَخادِعٍ  وَطِباقِ

تَتَشَكَّلُ    الأَزمانُ    في   أَدوارِها

دُوَلاً   وَهُنَّ   عَلى  الجُمودِ  بَواقي

فَتَوَسَّطوا   في   الحالَتَينِ   وَأَنصِفوا

فَالشَرُّ    في    التَقييدِ    وَالإِطلاقِ

رَبّوا   البَناتِ   عَلى  الفَضيلَةِ  إِنَّها

في    المَوقِفَينِ    لَهُنَّ   خَيرُ   وَثاقِ

وَعَلَيكُمُ    أَن    تَستَبينَ    بَناتُكُم

نورَ   الهُدى   وَعَلى  الحَياءِ  الباقي

شرح قصيدة الأم مدرسة لحافظ إبراهيم

تعتبر قصيدة

المعرفة

والصدق من أكثر القصائد التي وصفت دور الام في

الحياة

، حيث ووصفتها بأنّها ركيزة والتي تحاول دائمًا إلي رعاية وتربية أبنائها، كما أنّ القصائد لا تدل أو تظهر حجم الأم في المجتمع، ففي إرضاء الوالدين يكمن رضا الله تعالى عن الفرد، وفي إرضاء الأم التي بقيت مستيقظة ومتعبة وتحمل التعب من الولادة والحمل، يجد

الرجل

نعمة في ولده وماله وحياته، وفي غيظها منه الحياة وقلة النعمة والتأييد والعصيان عند الأبناء.

ولكل هذا يجب الحرص على الاستماع إليها والتعامل بلطف في الكلام وإسكات الصوت في حضورها، بالإضافة إلى سؤالها عما تحتاجه وماذا لم تنساها أبدًا ، وأشكرها دائمًا على ما تقدمه لنا دون انقطاع، فتحمل الأم أطفالها لمدة تسعة

أشهر

وهي ضعيفة، وفي ولادتهم تشعر بآلام المخاض التي تنساها بمجرد أن تراهم، وهي الوحيدة التي تنسى أن تدعي لنفسها في صلاتها لانشغالها بالدعاء لهم، وهي التي سئمت الشعور بالراحة والأمان وتوفر لهم ما يحتاجون إليه دون انتظار عودتهم.[1]

الشاعر حافظ إبراهيم

ولد حافظ إبراهيم، على متن سفينة راسية على النيل قبالة ديروط، وهي مدينة بمحافظة أسيوط، لأب مصري وأم تركية، مات والديه عندما كان صغيرًا، وقبل وفاتها أحضرته والدته إلى القاهرة، حيث نشأ يتيمًا على كفالة خاله الذي كان لديه دخل ضئيل لأنه عمل مهندسًا لمصلحة التنظيم، ثم انتقل عمه إلى مدينة طنطا وهناك بدأ حافظ بالدراسة في الكتاتيب.

بعد أن ترك حافظ إبراهيم خاله، هام على وجهه في شوارع مدينة طنطا، حتى انتهى به المطاف في مكتب

المحامي

محمد أبو شادي أحد قادة ثورة 1919، وهناك قرأ كتبًا من الأدب وأعجب بالشاعر محمود سامي البارودي، وبعد أن عمل كمحامي لبعض

الوقت

التحق حافظ إبراهيم بالمدرسة الحربية عام 1888، وتخرج عام 1891 برتبة ملازم ثان في الجيش المصري وعين في

وزارة

الداخلية.

وفي عام 1896 م أرسل إلى السودان بحملة مصرية إلا أن الحياة هناك لم تناسبه، فتمرد مع بعض الضباط، ونتيجة لذلك أحيل إلى الاستيداع براتب ضئيل، فحافظ إبراهيم كان من عجائب زمانه، ليس فقط في جزالة شعره، ولكن أيضًا في قوة ذاكرته التي قاومت لسنوات ولم يعاني من الضعف والوهن طوال عمره، فإنها اتسعت لآلاف الآلاف من القصائد العربية القديمة والحديثة، والمئات من المطالعات والكتب.

كان أصدقاؤه يشهدون له بأن يستطيع قراءة ديوان شعر كام أو كتاب في عدة دقائق بقراءة سريعة، ثم يتمثّل ببعض مقاطع الكتاب أو أبيات ذلك الديوان، وروى عنه بعض أصدقائه أنه في بيت عمه كان يسمع قارئ القرآن يقرأ سورة الكهف أو مريم أو طه فيذكر ما قاله ويؤديه كما سمعه بالرواية التي قرأ القارئ بها.

وسجل حافظ إبراهيم في شعره الأحداث، حيث أنه سجلها بدماء قلبه وأجزاء روحه، ومنها صاغ أدبا قيمًا يحث النفوس ويدفعها إلى النهضة، سواء كان يضحك في شعره أو يبكي أو كان يتحدّث عن الأمل أو اليأس، فكان دائم التربص للأحداث الهامة التي يعرض عنها موضوعًا لشعره ويملؤها بما يجول في خاطره.

وبالرغم من تلك الهبة الرائعة، كان حافظ مصاب بمرض اللامبالاة والكسل وعدم الاهتمام بتطوير مخزونه الفكري، في الفترة التي امتدَّت من 1911 إلى 1932، وعلى الرغم من أنه كان رئيس القسم الأدبي في دار الكتب، إلا أنه لم يقرأ كتابًا واحدًا في هذه الفترة من آلاف الكتب التي احتفظت بها دار المعارف، الذي كان الوصول إليها سهلًا بالنسبة لحافظ إبراهيم.

وتقول بعض الآراء أن هذه الكتب الكثيرة أصابت حافظ بالملل، وبعضهم قال أن نظر حافظ بدأ بالتلاشى أثناء رئاسته لدار الكتب، وأنه خاف من المصير الذي حل بالبارودي في أواخر أيامه، كما كان حافظ إبراهيم رجلاً مرحاً، وسريع البديهة، يملأ المجلس ببشاشته وروح الدعابة التي لا تُخطئ مرماها.

مثلما يختلف الشعراء في الطريقة التي يوصلون بها فكرة أو موضوعًا إلى المستمعين أو القراء، كان لحافظ إبراهيم طريقته الخاصة، فبالرغم من أنه لم يكن لديه الكثير من الخيال، إلا أنه استبدله بوفرة من الجمل وتركيبات الكلمات والصياغة الجيدة، مما أدى إلى اتفاق الجميع على أنه الأفضل في الشعر والإنشاد، ومن أجمل المناسبات التي أنشد فيها حافظ بك شعره بشكل فعال كانت حفلة تكريم أحمد شوقي ومبايعته أميرًا للشعر في دار الأوبرا الخديوية.

وكذلك القصيدة التي أنشدها ونظمها في ذكرى رحيل مصطفى كامل الذي استحوذ على العقول، وساعدها على ذلك الآداء المسرحي المقدم للتأثير في بعض الأبيات، ومما يدل على ذلك المقال الذى نشرته إحدى الجرائد والذى تناول بكامله فن إنشاد الشعر عند حافظ إبراهيم.[2]