ما هي الليالي العشر التي ذكرت في سورة الفجر


ما المقصود بالليالي العشر في سورة الفجر


إن سور

القرآن الكريم

وآياته، تحمل المعاني والهدايات العظيمة، والخير للمسلمين، وتدفع الناس لعبادة

الله

العبادة الصحيحة، وتبينها السنة كما يجتهد العلماء في البيان، ومن سور القرآن الكريم التي فيها أقوال للعلماء سورة الفجر.


﴿وَٱلۡفَجۡرِ ۝ وَلَیَالٍ عَشۡرࣲ ۝ وَٱلشَّفۡعِ وَٱلۡوَتۡرِ۝  وَٱلَّیۡلِ إِذَا یَسۡرِ ۝ هَلۡ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ قَسَمࣱ لِّذِی حِجۡرٍ ۝﴾، وكان للعلماء في تلك الآيات خاصة أقوال، وبالأخص ما قيل في الليالي العشر وما قيل في الشفع والوتر، مما يدفع الناس للتساؤل حول المقصود بالليالي العشر، والاختلاف حولها.


هناك أقوال في تلك الليالي ما بين قول يعتقد أنها هي آخر عشرة أيام من شهر رمضان المبارك، وهناك من قال أنها العشر الأول من ذي الحجة، وعلى ذلك اختلفت الأراء، والأسانيد لكل أصحاب قول عن غيرهم.


أما بالنسبة لمن قالوا أنها ليال

عشر ذي الحجة

، قالوا فيها أن المراد بها عشر ذي الحجة، مثل قول ابن عباس، وابن الزبير، ومجاهد، وغيرهم من السلف والخلف.


كما أنه ثبت في صحيح البخاري، عن ابن عباس مرفوعا : ” ما من أيام

العمل الصالح

أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام ” – يعني عشر ذي الحجة – قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ” ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجلا خرج بنفسه وماله ، ثم لم يرجع من ذلك بشيء “.


أما أصحاب قول أن العشر هي عشر رمضان، يقولون فيها أن الله سبحانه وتعالي قال {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} وهي الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك وفيها ليلة

القدر

التي أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم.


‏ولذلك فقد وصفها الله سبحانه وتعالى بأنها ليلة مباركة: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [سورة الدخان‏: 3] وبأن تلك الليلة خير من ألف شهر {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} ‏[‏القدر‏:3]‏.


وقد وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم  «ليلة خير من ألف شهر‏،‏ من حُرِم خيرها فقد حُرِم‏ »،‏ وقوله‏:‏ «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه‏» رواه البخاري.


وكان النبي صلوات ربي وسلامه عليه يجتهد في هذه العشر الأواخر من شهر رمضان ما لا يجتهد في سواها‏،‏ كما سن فيها سنة، وهي سنة الاعتكاف،‏ فكان صلى الله عليه وسلم يعتكف فيها حتى وفاته ثم اعتكف من بعده أزواجه وصحابته. [1]


مما سبق من استعراض أقوال العلماء في أمر الليال العشر واختلافهم حولها، يتضح أن هناك قولان قول يرجح أنها ليال العشر الأخيرة في شهر رمضان المبارك، وقول يرجح أنها الليالي العشر الأول من ذي الحجة.


وقد احتج أصحاب القول أن العبادة في رمضان أفضلها عبادة الليل وأن العبادة في ذي الحجة أفضلها عبادة النهار، وأن الآية ذكرت الليالي، مما يعني أن المقصود هنا عشر شهر رمضان، ويرى أصحاب الرأي المخالف لهم أن كلمة ليالي تستغرق في اللغة اليوم والليلة وليس النهار فقط.


وبعد استعراض القولين للعلماء وإن كانت هناك أقوال أخرى ضعيفة مثل التي تفسر الليال العشر بالليالي العشر الأولى من شهر رمضان، ولكن عودة إلى القولين الرئيسين للعلماء فإن قول الجمهور يرجح أنها الليالي العشر الأول من ذي الحجة.


ماذا حدث في الليالي العشر


لم ترد في أيام العشر مناسبات معينة، أو أحداث ذكرت في السيرة، وقد انتشر بين الناس قول على اعتباره حديث وهو لا وجود له في كتب الأحاظيث، مما يدل على أنه غير موضوع ولا يعتد به، وهو قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:


قَالَ:(أَوَّلُ رَحْمَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْأَرْضِ فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَدْلَ صِيَامِهِ سِتِّينَ سَنَةً، وَوُلِدَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلٌ مَنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَعْطَاهُ اللَّهُ ثَوَابَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.


وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ زَبُورَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ تَابَ عَلَيْهِ كَمَا تَابَ عَلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَشَفَ اللَّهُ الضُّرَّ عَنْ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي تِسْعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَدْلَ صِيَامِهِ السَّنَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا، وَالسَّنَةُ الْمُسْتَقْبَلَةْ، وَاسْتَجَابَ اللَّهُ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ دُعَاءَهُ كَمَا اسْتَجَابَ لِزَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ).


وكما أكد علماء أهل السنة والجماعة من أن ما سبق ليس حديث نبوي شريف، ولم يرد ذكره في كتب الأحاديث، لذا يجب عدم تداوله أو نشره، ولا يوجد لتلك الأيام ما يمكن الإشارة له سوى أفضلية القيام بالأعمال الصالحة، وأن فيهم يوم عرفات وشعيرة الحج. [2]


الجمع بين الفجر وليال عشر وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ


والفجر وليال عشر والشفع والوتر، جاء في التفسير الميسر أنه أقسم سبحانه وتعالى، بوقت الفجر، وكذلك أقسم بالليالي العشر الأُوَل من ذي الحجة وما شرفت به، وبكل شفع وفرد، كما أنه أقسم بالليل إذا يَسْري بظلامه، أليس في الأقسام المذكورة مَقْنَع لذي عقل، وما فيها من دلالة على قيمتها، لذا جمعت جميعاً في سورة واحدة متتاليين.


والقسم الجامع بين الثلاث المقسوم عليهم في سؤال بعدهم عن أصحاب العقول، وهل لمثل هؤلاء من سبيل للقناعة، والاقتناع، نعم، بعض من تلك الأقسام يكفي، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.


وهذه ثلاثة أشياء قد أقسم الله سبحانه وتعالى بها وهي الفجر وفي كل يوم فجر وجائز أن يكون قد أراد تعالى فجر يوم معين وجائز أن يريد فجر كل يوم ﴿ولَيالٍ عَشْرٍ﴾ وهي العشر الأول من شهر ذي الحجة وفيها عرفة والأضحى وقد أشاد بها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله تعالى من عشر ذي الحجة» والشفع وهو كل زوج والوتر وهو كل فرد فهو إقسام بكل الخلق ﴿وٱلَّيلِ إذا يَسْرِ﴾ مقبلاً أو مدبراً فهو بمعنى والليل إذا سار والسير يكون صاحبه ذاهبا أو آيبا وقوله تعالى ﴿هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ﴾ أي لذي حجر ولب وعقل أي نعم فيه قسم عظيم.


جواب القسم في سورة الفجر


سبق وتم بيان القسم في السطور السابقة، ﴿هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ﴾ أي لذي حجر ولب وعقل، وهو نعم فيه قسم عظيم، أما جواب القسم أو المقسم عليه.


فقد يكون قوله تعالى ﴿إنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصادِ﴾ الآتي، ومن الممكن أن يكون مقدراً مثل لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير، وهذا لأن السورة مكية، ومن المعلوم أن السور المكية الهدف منها أن تعالج العقيدة ومن أكبر ما أنكره المشركون البعث والجزاء فلذا هذا الجواب مراد ومقصود.