قصائد ابن الرومي في الهجاء

من هو ابن الرومي

اسمه ونسبه الكامل: علي ابن العباس بن جريج، أو جورجيس، الرومي، أبو الحسن، ولد في

بغداد

وترعرع فيها إلى أن مات بسبب السم وقد قيل في قديم الزمان إن القاسم بن عبيد

الله

هو من دس السم له بسبب شعر الهجاء الذي كتب عنه ابن الرومي ولهذا السبب معروف ابن الرومي بالشاعر الذي قتله شعره

وقيل في ابن الرومي إنه من الشعراء المميزين والذين لا يتكرر شعرهم في

التاريخ

مرتين وبالأخص هجاءه الذي يختلف عن أي شعر هجاء قبله.

قصائد ابن الرومي في الهجاء

قصيدة يا سيداً لم تزل فروع

هذه القصيدة هي من أهم

قصائد ابن الرومي

في الهجاء:

يا سيداً لم تزلْ فُروعٌ      من رأيه تحتها أصولُ

أمثلُ عمروٍ يَسُومُ مثلي   خسفاً وأيامُه تطو

أمثلُ عمروٍ يُهين مثلي    عمداً ولا تُنتَضَى النُّصولُ

ألا يرى منك لي امتعاضاً  كالسيف فيه الردى يجولُ

يا عمرو سالتْ بك السيولُ       لأمّك الويل والهبول

وجهك يا عمرو فيه طولُ    وفي وجوه الكلاب طولُ

فأين منك الحياءُ قل لي     يا كلبُ والكلب لا يقولُ

والكلبُ من شأنه التعدّي     والكلبُ من شأنه الغلولُ

مقابح الكلب فيك طرّاً         يزولُ عنها ولا تزولُ

وفيه أشياءُ صالحاتٌ            حَماكَها الله والرسولُ

فيه هريرٌ وفيه نبحٌ          وحظُّهُ الذلُّ والخمولُ

والكلب وافٍ وفيك غدرٌ       ففيك عن قدْره سُفولُ

وقد يحامي عن المواشي    وما تحامي ولا تصولُ

وأنت من أهلِ بيْتِ سوءٍ      قصتُهم قصةٌ تطولُ

وجوهُهم للورى عِظات      لكن أقفاءهم طبولُ

نستغفرُ الله قد فعلنا      ما يفعل المائق الجهولُ

ما إن سألناك ما سألنا        إلا كما تُسْأَلُ الطُّلولُ

صَمْتٌ وعيبٌ فلا خطابٌ     ولا كتابٌ ولا رسولُ

إن كنت حقاً من الندامى    فمنْ ندامى

الملوك

غولُ

وجهٌ طويلٌ يسيل فوه      أحسنُ منه حِرٌ يبولُ

قصيدة وجاهلٍ أعرضت عن جهله

وجاهلٍ أعرضتُ عن جهلهِ     حتى شكا كفِّي عنِ الشكوى

قد هام وجْداً باكْتراثِي له   وقد أبتْ نفسيَ ما يهوى

إنَّ مِنَ السلوى لخيلولةً      تُوهِمني البلوى به بلوى

أحضرتُ نجوى النفسِ تمثالَهُ    مستَحيِياً من شاهِد النجوى

وقلت للشعر أَلا أَعِدْني     على طويلِ الغَيِّ مُسْتَهوَى

فقال من خاصمتَ مستهلَكٌ   ليست على أمثالهِ عَدْوى

لو كان لي في مثلهِ موضعٌ    غادرتُهُ أُحدوثةً تُروَى

بكل بيتٍ سائرٍ عائرٍ          يُسمَعُ والوجهُ لهُ يُزوَى

لكنّ من تُهدي له شتمَهُ     تُهدي إليه المَنَّ والسلوى

قوَّمتُهُ بالشتمِ يُهدَى لَهُ    فلم أجدْ قيمتَهُ تَسوى

قصيدة يا واحد الناس في الآلاء والمنن

يا واحدَ الناس في الآلاءِ والمننِ    والمستجارُ به من نَوْبِة الزمنِ

وابنَ الذين بَنَوْا آساس دولتهم    على النبوةِ والقرآنِ والسُّننِ

أشدُّ ما بيَ مِنْ شَكْوٍ ومن ألمٍ      فَقْدي جَنَى مقلتِي من وجهِكَ الحَسَنِ

وفوتُ ما كنتَ تُلقيه إلى أُذني   من فَضْلِ علم يُجَلَّى عنه باللَّسنِ

ومن بدائع ظَرفٍ ذاتِ أَوْشيةٍ    تَدُقُّ عن أن تراها أعينُ الفطنِ

كتبتَ طولاً بأبياتٍ وجَدْتُ بها    خِفَّاً وقد كنتُ في ثِقْلٍ مِنَ المِحَنِ

وكيف أشكُر لُطْفاً ساقَ عافيةً   هيهاتَ ليس لذاك اللُّطْفِ من ثمنِ

وقبل ذلك بِرٌّ منكَ آنسني   حتى سلوْتُ عن الخُلان والوطنِ

أعجِبْ بِبرٍّ تعلمتُ العقوقَ به   فما أحِنُّ إلى إلفٍ ولا سكنِ

يا زينةَ الدين والدنيا إذا احتفلا  وأظهرا ما أعدَّاهُ مِنَ الزِّيَنِ

يا مَنْ يرى حاسدوُه أنَّ تَرْكَهُمُ   حسنَ الثناءِ عليه أعظم الغبنِ

نُعْماك عنديَ في مثواه مُعتَقَدٌ    والشكرُ عندك في مثواه مُرتهن

أجريتَ حُبِّيك مني بالذي اصطنَعَتْ  يداك عنديَ مجرى الرُّوح في البدنِ

أطال عمرَك في النعماءِ واهبُها   مقرونةً لك والعلياءُ في قَرنِ

مُسَلَّمَ النفسِ والأحبابِ من مِحنٍ    تكدِّرُ العيشَ أحياناً ومن فِتنِ

قصيدة إن تطل لحية عليك وتعرض

إن تَطُل لحيةٌ عليك وتعرض    فالمخالي معروفة للحميرِ

علَّق الله في عِذاريك مِخْلاة    ولكنها بغير شعيرِ

لو غدا حكمها إليّ لطارت   في مهبّ

الرياح

كلَّ مَطيرِ

ألْقِها عنكَ يا طويلةُ أوْلى   فاحتسبْها شرارةً في السعيرِ

أرعِ فيها الموسى فإنك منها   شَهِد الله في أثامٍ كبيرِ

أيُّما كَوْسَج يراها فيلقَى   ربه بعدها صحيحَ الضميرِ

هو أحرى بأن يشكَّ ويُغْرَى  باتهام الحكيم في التقديرِ

ما تلقّاك كوسجٌ قطُّ إلّا            جَوَّر الله أيَّما تجويرِ

لحيةٌ أُهمِلتْ فسالت وفاضتْ    فإليها تُشير كفُّ المشيرِ

ما رأتها عين امرئٍ ما رآها       قطُّ إلا أهلَّ بالتكبيرِ

روعة تستخفُّه لم يُرَعْها   من رأى وجهَ مُنكَر ونَكيرِ

فاتّقِ الله ذا الجلال وغيِّرْ  منكراً فيك ممكنَ التغييرِ

أو فقصِّر منها فحسبُك منها  نصفُ شبرٍ علامةَ التذكيرِ

لو رأى مثلها النبيُّ لأجرى   في لحى الناس سُنَّة التقصيرِ

واستحبَّ الإحفاءَ فيهن والحَلْ  ق مكان الإعفاء والتوفيرِ

قصيدة أقصر وعور

أقِصَرٌ وَعَوَرٌ      وصَلَعٌ في واحِدِ

شواهدٌ مقبولةٌ   ناهيك من شواهدِ

تُخبرنا عن رجلٍ   مسْتعمَلِ المقافِدِ

أقْمأَهُ القفْدُ فأضْ   حى قائماً كقاعدِ

فكفَّ منه بصراً     مثل السراج الواقدِ

وحَتَّ منه شَعراً      أسْوَدَ كالعناقِدِ

قصيدة يا مستقر العار والنقص

يا مُستقرَّ العار والنقصِ    أغنتْ مخازيك عن الفحصِ

أنت الذي ليست لسوآتِه     ولا لنُعْمى اللَه من مُحصي

لولا أبو الغوث عميدُ العلا  والماجد الحر أبو حفص

جاءك عني منطقٌ مُمرِضٌ     أدْبَغُ للجلد من العَفْص

إني وإن غُيبتُ عن طيِّئٍ      أهل العلا والمجد والقَبْص

لواجدٌ فيك بلا فِريةٍ          مشاتماً تُغني عن النصِّ

معايبُ الناس وسوآتُهُم      قد جُمعت لي منك في شخص

قصيدة أحب المهرجان لأن فيه

أُحبُّ المِهْرَجانَ لأنَّ فيهِ   سروراً للملوكِ ذوي السَناءِ

وباباً للمصير إلى أوانٍ     تُفتَّح فيه أبوابُ السماءِ

أُشبِّههُ إذا أَفضَى حميداً بإفضاءِ المَصيفِ إلى الشتاءِ

رجاءَ مؤمِّليكَ إذا تناهَى  بهم بعد البلاءِ إلى الرخاءِ

فَمَهرِجْ فيه تحت ظلال عيشٍ  ممدَّدةٍ على عيشٍ فضاءِ

أخا نِعَمٍ تتمُّ بلا فناءٍ     إذا كان التمامُ أخا الفناءِ

يزيدُ اللَّه فيها كلَّ يومٍ    فلا تنفكُّ دائمةَ النَّماءِ

ويُصْحبُك الإلهُ على الأَعادي  مساعدةَ المَقادرِ والقضاءِ

شهدتُ لقد لهوتَ وأنت عفُّ    مصونُ الدِّين مبذولُ العطاءِ

تَغَنَّتك القيانُ فما تغنَّتْ    سوى محمولِ مدحِك من غِناءِ

وأحسَنُ ما تغنّاك المغنِّي   غناءٌ صاغَهُ لك من ثناءِ

كَمُلْتَ فلستُ أسألُ فيك شيئاً   يَزيدُكَهُ المَليكُ سوى البقاءِ

وبعدُ فإنّ عذري في قصوري  عن الباب المحجَّب ذي البهاءِ

حدوثُ حوادثٍ منها حريقٌ   تَحيَّف ما جمعت من الثراءِ

فلم أسألْ له خَلَفاً ولكنْ   دعوتُ اللَّه مجتهدَ الدعاءِ

ليجعَلَه فداءَك إنْ رآه      فداءك أيها الغالي الفداءِ

وأما قبلَ ذاك فلم يكن لي  قَرارٌ في

الصباح

ولا المساءِ

أعاني ضيعةً ما زلتُ منها   بِحمدِ اللَّه قِدْماً في عناءِ

فرأيَك مُنعِماً بالصفحِ عنِّي  فما لي غيرَ صفحِك من عَزاءِ

ولا تعتب عليَّ فداك أهلي  فتُضعِفَ ما لقيتُ من البلاءِ

قصيدة قل لمن عند أخرتها المنون

قل لمن عنك أخَّرَتْها المنونُ  ليس يجري في بَحْركم لي سَفينُ

أنا من أفْحل البريَّة إلا       أنّني عنك مُخفَرٌ عِنِّين

ليس لي دينُ يُونسٍ فأُرجِّي  نجوةً بعد أن تفيءَ النون

لا ترومي نيكيك ذلك شيءٌ    لم يكن مثلُه وليس يكون

لك فِي هَنْكِ خَصلتانِ من الجَنْ   نةِ بَردٌ كبردها وصحونُ

غيرَ أَن بردها يطيبُ وما إن      فيك طيبٌ بل فيك داءٌ دفينُ

قصيدة رثت الأمانة للخيانة إذ رأت

رَثَتِ الأمانةُ للخيانة إذ رأتْ   بالشمس موقفَ أحمد بنِ علِيِّ

منْ ذا يؤمِّلُ للأمانةِ بعده       لوَليِّ سُلطانٍ ثوابَ وَليِّ

بدرٌ ضَحَى للشمس يوماً كاملاً    فبكتْ هناك جَليَّةٌ لجِليِّ

من يَخْلُ من جزع لضَيْعة حُرْمةٍ    من مثله فالمجدُ غيرُ خَليِّ

يا شامتاً أبدى الشماتة لا تَزلْ     تَصْلَى بمرمَضَة أشدَّ صُلِيِّ

ستراكَ عيناهُ بمثل مَقامهِ     وببعضِ ذاك يكون غير مَليِّ

وقعتْ قوارعُ دهرِه بصَفاتِه    فتعلّلتْ عن مَصْدَقٍ سَهْلِيِّ

عن ذي الشهامة والصرامةِ والذي  ما عيبَ قطُّ بمذهب هَزْلِيِّ

عن ذي

المرارة

والحلاوة والذي      لم يؤت من خُلق له مَقْلِيِّ

وأبي الوزير بن الوزير أبَى له   إلا الحفاظ بمجدِهِ الأصلِيِّ

بل كاد من فَرْط الحميَّة أن يَرَى  فيما تقلَّد رأي معْتَزلِيِّ

وإذا أبو عيسى حَمَى مُتَحرِّماً  أضحى يَحُلُّ بمَعْقِل وعَليِّ[1]