تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان


ما هو كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان


كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، هو كتاب لتفسير

القرآن الكريم

، يعرفه عامة الناس باسم تفسير السعدي، أو تفسير الشيخ السعدي، وهو تفسير من العصر الحديث.


حيث قام

المؤلف

بتقديم تفسير واضح وسهل وميسر وعبارات مفهومة، في تفسير القرآن الكريم، كما تجنب تماماً ما تتسم به بعض كتب التفسير الأخرى المشهورة القديمة من إسهاب، وتطويل، وزيادات وشرح، واستعانة بالمصادر، ونقل الأحاديث، وغيرها.


كما تجنب الكتاب أيضاً القصص الغير مؤكدة، والروايات الإسرائيلية حتى يتجنب التشويش الذي قد يقع على قارئ بسيط لا يعلم العلم الشرعي، ويميز بين المرويات الحقيقية والإسرائيليات.


كما يقدم الكتاب تركيزاً أكبر على معاني الآيات، كما اعتمد في تفسيره على التفسير المستند على العقيدة الصحيحة عقيدة أهل السنة والجماعة، واهتم في خلال تفسيره بمعاني التوحيد، سواء توحيد الأسماء والصفات، أو توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، ويستخدم الكاتب أسلوب التفسير بالمأثور.


كتب الشيخ السعدي كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، في تسعة مجلدات في النسخة الأولى التي صدرت من الكتاب، ثم صدرت النسخة الثانية في ثماني مجلدات.


ابتدأ السعدي رحمه

الله

كتابه بمقدمة، قال فيها عن الأسباب التي دفعته لتأليف كتاب التفسير، ثم استكمل في توضيح بعض الفوائد التي تخص موضوع الكتاب،  واستخدم في ذلك مرجع يستعين به في الفوائد، كتاب بدائع الفوائد لابن

القيم

رحمه الله.


قدم بعد الفوائد عدة علوم، في المقدمة أيضاً، والتي يعتبرها البعض لو زاد عليها شئ من التفصيل لصاحت أن تقدم في مجلد منفصل، ويتميز تفسير الشيخ السعدي بما يلي:


  • التفسير ضمن سياق الآيات بشكل جميل.

  • ذكر ما استند عليه من قواعد، ودليلها.

  • استحضار ما يتناسب بين الآيات.

  • الاستدلال بالأحاديث قليل.

  • ذكر العبرة من الآية، وهي من أهم ميزات الكتاب.

  • لا يذكر الخلاف في التفسير، ويفسر بقول واحد، ونادر ما يوضح أية خلافات شرط أن يكون خلاف قوي.

  • تعرض للنسخ في تفسيره، وضعف القول به.

  • تميز بالترجيح دون التعمق في الخلافات للحفاظ على ذهن القارئ العادي من احتمالات التأثر.

  • أغفل أسباب النزول، إلا من مواضع نادرة.

  • أكثر من نقل عنه كان كلام ابن القيم.

  • استعان بالكثير من القواعد، وذكرها سواء الأصولية أو الفقهية.

  • لا يهتم بنشر المشهور، وغير المشهور.


وكان من غاية المؤلف في  تأليف كتاب تيسير الرحمن في تفسير كلام المنان هو أن ينشر العلم ودعوة الحق، ولذلك كان يقدم ويطبع ما يستطيع من المؤلفات الخاصة به، لا يريد من وراءها عرض دنيوي زائل، أو حتى يستفيد منها في

الحياة

الدنيا، بل كان كثيرا ما يقوم بتوزيعها بشكل مجاني حتى تعم الفائدة منها، ابتغاء مرضاة الله.


وقد كان الكاتب يهتم بوضع مثال لما يقدم، منه مثلاً ما جاء في التفسير، ﴿إِنَّمَا مَثَلُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا كَمَاۤءٍ أَنزَلۡنَـٰهُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ مِمَّا یَأۡكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلۡأَنۡعَـٰمُ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّیَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَاۤ أَنَّهُمۡ قَـٰدِرُونَ عَلَیۡهَاۤ أَتَىٰهَاۤ أَمۡرُنَا لَیۡلًا أَوۡ نَهَارࣰا فَجَعَلۡنَـٰهَا حَصِیدࣰا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لِقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ﴾ [يونس 24].


وقد ضرب بها الأمثال بهذه الطريقة كما

ورد

في تفسيره، حيث قال، وهذا

المثل

من أحسن الأمثلة، وهو مطابق لحالة الدنيا، فإن لذاتها وشهواتها وجاهها ونحو ذلك يزهو لصاحبه إن زها وقتًا قصيرًا، فإذا استكمل وتم اضمحل، وزال عن صاحبه، أو زال صاحبه عنه، فأصبح صفر اليدين منها، ممتلئ

القلب

من همها وحزنها وحسرتها‏.‏


فذلك ‏﴿‏كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ‏﴾‏ أي‏:‏ نبت فيها من كل صنف، وزوج بهيج ‏﴿‏مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ‏﴾‏ كالحبوب والثمار ‏﴿‏و‏﴾‏ مما تأكل ‏﴿‏الْأَنْعَامِ‏﴾‏ كأنواع العشب، والكلأ المختلف الأصناف‏.‏


‏﴿‏حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ‏﴾‏ أي‏:‏ تزخرفت في منظرها، واكتست في زينتها، فصارت بهجة للناظرين، ونزهة للمتفرجين، وآية للمتبصرين، فصرت ترى لها منظرًا عجيبًا ما بين أخضر، وأصفر، وأبيض وغيره‏.‏


‏﴿‏وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا‏﴾‏ أي‏:‏ حصل معهم طمع، بأن ذلك سيستمر ويدوم، لوقوف إرادتهم عنده، وانتهاء مطالبهم فيه‏.‏


فبينما هم في تلك الحالة ‏﴿‏أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ‏﴾‏ أي‏:‏ كأنها ما كانت فهذه حالة الدنيا، سواء بسواء‏، ‏﴿‏كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ‏﴾‏ أي‏:‏ نبينها ونوضحها، بتقريب المعاني إلى الأذهان، وضرب الأمثال ‏﴿‏لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ‏﴾‏ أي‏:‏ يعملون أفكارهم فيما ينفعهم‏، وأما الغافل المعرض، فهذا لا تنفعه الآيات، ولا يزيل عنه

الشك

البيان‏. [1]


مؤلف كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان


المؤلف هو عبد الرحمن بن ناصر السعدي الناصري التميمي، هو الشيخ أبو عبد الله عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر السعدي الناصري التميمي، ويشتهر بابن سعدي، أو الشيخ السعدي في بعض المناطق من الدول العربية، ولد عام ألف وثماني مائة وتسع وثمانين، وتوفى عام ألف وتسعمائة وستة وخمسون.


ولد الشيخ السعدي في بلدة عنيزة في القصيم وكان ميلاده يوم إثنا عشر من محرم عام ألف وثلاثمائة وسبع من

الهجرة

النبوية.


كان يتيماً لكنه تربى تربية صالحة، حيث توفيت أمه وهو ابن أربع سنوات وتوفى والده وهو ابن سبع سنوات، لفت الأنظار إليه بذكاؤه، وحبه للعلم، وهو صاحب المصنف الشهير والكاتب لكتاب من كتب التفسير المشهورة تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان.


تفسير البقرة من تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان


وقد تضمن الكتاب تفسير كل القرآن الكريم في مجلدات، ولكن المجال لا يتسع لذكر التفسير كامل لذلك هذه مقتطفات من التفسير، تقع في الوجه الأخير من

سورة البقرة

كما قدمها الشيخ.


{ لِّلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ وَإِن تُبۡدُوا۟ مَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ أَوۡ تُخۡفُوهُ یُحَاسِبۡكُم بِهِ ٱللَّهُۖ فَیَغۡفِرُ لِمَن یَشَاۤءُ وَیُعَذِّبُ مَن یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ﴾ [البقرة 284]


هذا إخبار من الله أنه له ما في السماوات وما في الأرض، الجميع خلقهم ورزقهم ودبرهم لمصالحهم الدينية والدنيوية، فكانوا ملكا له وعبيدا، لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، وهو ربهم ومالكهم الذي يتصرف فيهم بحكمته وعدله وإحسانه، وقد أمرهم ونهاهم ويحاسبهم على ما أسروه وأعلنوه، ﴿فيغفر لمن يشاء﴾ وهو لمن أتى بأسباب المغفرة، ويعذب من يشاء بذنبه الذي لم يحصل له ما يكفره ﴿والله على كل شيء قدير﴾ لا يعجزه شيء، بل كل الخلق طوع قهره ومشيئته وتقديره وجزائه.


نظرة في تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان


تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، هو أحد أهم الكتب التي تعرضت لتفسير القرآن الكريم في السنوات الأخيرة وبالتحديد سخر مئة عام، إن لم يكن هو الأهم على الإطلاق، الكتاب يقدم التفسير، ويصلح للتدبر العملي بشكل كبير، حيث يقدم للقارئ البسيط كيفية الاستفادة العملية من كلام الله، إلى جانب بالطبع الاستفادة الروحية.


الكتاب يشتمل على تفسير شامل كامل للقرآن الكريم، مع الاستعانة بما تيسر من أدلة أصولية، وفقهية، والقليل من الأحاديث، والأثر، مع تجنب كبير لخلافات العلماء، وتجنب تام للمرويات الإسرائيلية، الكتاب يصلح للقارئ المبتدئ، والمتعمق، وكل المستويات، وللقراءة أكثر من مرة، ففي كل مرة يجد القارئ ما يستحق لإعادة قرائته. [2]