القيم الحضارية في حديث الفسيلة


حديث الرسول عن غرس النخلة


جاءت العديد من النصوص التي يشجعنا فيها

الله

تعالى  يقول حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ (


إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا‏


) والغرض من هذا الحديث هو حث المسلمين على العمل حتى آخر لحظة وأن الإنسان المؤمن يجب أن يكون ذا عمل حتى في أسوأ الظروف وأصعبها وجاء تشبيه قيام الساعة هنا أي أنه في أصعب الحالات التي لا يستطيع فيها الإنسان القيام بشيء، كما أن

القيم

الحضارية في حديث الفسيلة كثيرة جدًا والتي كلها تحث على العمل وتعلي من شأن  القيام به.


جاء تفسير الإمام ابن باز لهذا الحديث قائلًا: (المعنى هنا التَّشجيع على العمل، وإلا فمعلومٌ عند قيام الساعة ما يتمكَّن أن يُسوي شيئًا، لكن المقصود التشجيع على العمل، وأن الإنسان ينبغي أن يعمل، وفيه حثٌّ على الزراعة والغراس، وأنه ينبغي للمؤمن أن يكون ذا عملٍ، ليس ذا بطالةٍ وكسلٍ كما يفعل بعضُ الناس، لا، ينبغي للمؤمن أن يكون ذا عملٍ، ذا نشاطٍ، ذا همَّةٍ في الزراعة، في غرس الأشجار، في أنواع المكاسب: من نجارة، من حدادة، من غراسة، من كتابة، من غير ذلك، لا يبقى مُعطلًا، بل يعمل.) [1]


ما القيم الحضارية في حديث الفسيلة


يحمل حديث الفسيلة العديد من الفوائد والقيم الحضارية والتي تصب جميعها نحو مغزى واحد وهو العمل وأهمية العمل في حياة الإنسان حتى آخر لحظة في حياته، ومن أهم القيم الحضارية في حديث الفسيلة ما يأتي: [2]



  • إيمان

    وذعن المسلم بحقيقة قيام الساعة، وأن وقت وقوعها لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى حيث قال تعالى في كتابه الكريم: (


    يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ)


    من سورة الأحزاب.

  • ترغيب الإنسان في أن ينتهز جميع الفرص المتاحة أماه حتى آخر الفرص في

    الحياة

    وهي وقت قيام الساعة.

  • ترغيب الإنسان في زرع وترك ما قد ينتفع به الناس من بعده حتى وإن لم يكن من سيحصل على هذه الفائدة حتى بعد موته، لأن ذلك سيكتب له عنها صدقة حتى يوم القيامة.

  • استخدام الرسول صلى الله عليه وسلم للفظ الفسيلة في هذا الحديث والمقصود بها هنا إن كان الإنسان يمتلك أي شيء قد ينتفع به الناس من بعده، والفسيلة معناها صغار النخل.

  • يجب على كل المسلم ألا يتوانى عن فعل الخير

  • يجب على كل المسلم أن يكون لديه أثر وفعل في حياته وحياة الناس من حوله،وأن يككون المسلم إيجابيًّا مُنتجًا.

  • يجب على كل المسلم أن يحرص كل الحرص على استغلال وقته، فالوقت هو حياة الإنسان.

  • يجب على كل المسلم أن يتفائل ويتطلع إلى

    المستقبل

    وأن يقدم الخير لمستقبل من بعده.

  • يجب على كل المسلم أن يعمل، فديننا يحث الناس على العمل ويدعو له في مواضع عدة، كما يجب عدم الاتكاء إلى العجز والكسل.

  • إن مجيئ كلمة الغرس في هذا الحديث توحي بالتفاؤل والتطلع إلى المستقبل والحياة الجديدة وتحث على العمل.

  • يجب على كل المسلم أن يبادر إلى القيام بالأعمال الصالحة وأن ينتهز جميع الفرص المتاحة أمامه قبل أن ينقضي عمره وينتهي عمله في الأرض.

  • يدل هذا الحديث على مدى حرص النبي وحبه صلى الله عليه وسلم لأمَّته وتمني الخير لهم في أبسط الأعمال.

  • يجب على كل المسلم أن يعلم أن قيام الساعة قريب بالتالي يجب عليه أن يحاول أن يقوم بصالح الأعمال في كل مكان يذهب إليه.

  • عدم الأنانية، وحبُّ الذات، ونفع الغير.

  • يجب على كل المسلم أن يعلم أن اللحظة  في هذه الحياة لها قيمتها، وأنَّه لا يُستهان بها.

  • يجب على كل المسلم أن يعمل على قدر استطاعته.

  • تدخل المرأة في الخطاب الموجه في حديث الفسيلة فهي مكلفة بالعمل ونفع الناس من بعدها مثلها مثل

    الرجل

    .

  • إن الثواب من الأعمال الصالحة التي

    ورد

    ذكرها في الحديث وفي قيمه الحضارية تعود على المسلم دون الكافر.

  • إن أفضل الكسب عند الله هو الذي يكسبه الرجل من عمل يده، وذلك كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال


    (ما أكل أحد طعامًا أفضل من أن يأكل من عمل يده، وإنَّ داود عليه

    الصلاة

    والسلام كان يأكل من عمل يده).

  • كما غرَس غيرُك ما شبعتَ به، فاغرِسْ لمن يَجيء بعدَك.

  • إن القيام بزراعة النخيل تكون بالنوى الموجود داخل التمر، وهو الذي ينبت صغار النخلة وهي المقصود بها الفسيلة.

  • يحث الحديث على زرع التمر وغرس

    أشجار

    النخيل التي يأتي منها التمر لما فيه من خيرٍ كثير.

  • جاء قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه (فليغرسْها) بغرض الاستحباب وليس الوجوب، أي أن الأمر متروك لاستطاعة الإنسان.

  • إذا قام الإسنان باستحضار النية في أي عمل مباح فإنه بذلك يأخذ عليه أجر، ففعل الغرس هو من الأعمال المباحة فإن وضع نية خير مع هذا الفعل أخذ عليه أجر.


ترجمة حديث إذا قامت السَّاعَةُ وفي يَدِ أَحَدِكُمْ فسيلة


حديث النبي عن غرس الفسيلة حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا‏.‏


ترجمة حديث النبي إلى الإنجليزية:


Anas ibn Malik reported that the Prophet, may Allah bless him and grant him peace, said, “If the Final Hour comes while you have a shoot of a plant in your hands and it is possible to plant it before the Hour comes, you should plant it.” [3]



أهمية العمل في الإسلام


كما حث النبي على أهمية العمل في العديد من المواضع والأحاديث حتى أنه يسر الأمر إلى أن العمل يمكن أن يكون بالصدقة فقط، وهذا مما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أهمية

الصدقة

للمسلم، وأن الصدقة تتمثل في أبسط الأشياء والتي يمكن لأي شخص أن يقوم بها، حتى وإن لم يكن يملك أي شيء قد يتصدق به، وفي صحيح مسلم عن النبي ﷺ أنه قال:


على كل سُلامى منكم صدقة


، قالوا: يا رسول الله، فإن لم يجد؟ ما عنده مال، قال:


يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدَّق


. وقال عليه الصلاة والسلام:


احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزنَّ


الحديث رواه مسلم. وقال ﷺ في أول هذا الحديث:



المؤمن القوي

خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضَّعيف، وفي كلٍّ خيرٌ، ومن قوة المؤمن وكمال دينه: العمل والجد والنَّشاط في طلب الرزق.


ومن ذلك يقول ﷺ لما سُئل: أي الكسب أطيب؟ قال:


عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور،


ومن هذا ما رواه البخاري في “الصحيح” أنَّ النبي ﷺ قال:


(ما أكل أحد طعامًا أفضل من أن يأكل من عمل يده، وإنَّ داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل من عمل يده)


.[1]