أفراد شخصيات رواية زقاق المدق والتحليل الاجتماعي لها


نبذة عن رواية زقاق المدق


تعد رواية زقاق المدق هي من أفضل ما كتب الكاتب المصري الراحل نجيب محفوظ، وهو واحد من عمالقة الأدب آنذاك، ولقد صدرت رواية زقاق المدق عام 1947، ولقد ترجمت إلى العديد من اللغات آنذاك كما لاقت شهرة عالمية واسعة، وسميت بـ زقاق المدق لأن أحداثها تدور داخل بيتين من البيوت الواقعة في هذا الزقاق،بيتٌ يضح بالوحدة لإمرأة أرملة وحيدة نهبها زوجها وأشقى حياتها، وبيتٌ لرجلٍ ظن في أحد الأيام أنه يملك الدنيا وما فيها، حتى لطخته هذه الدنيا وقلبت حياته رأسًا على عقب، فلقد جاء مصابه في علمه وفي أولاده الذين فقدهم، وأصبحت حياته شيئًا مختلفًا تمامًا عما كان قد يظنه الناس.


أفراد شخصيات رواية زقاق المدق


كم ذكرنا سابقًا تتناول الرواية

قصة

بيتين في زقاق المدق، وهما من تقوم عليهم الرواية لكنهما ليسا الأبطال أو محور القصة بل هما الداعم الرئيسي للأبطال، ويحكي الكاتب عن بيتين بيتٌ يضج بالوحدة لإمرأة أرملة وحيدة نهبها زوجها وأشقى حياتها، وبيتٌ لرجلٍ ظن في أحد الأيام أنه يملك الدنيا وما فيها، حتى لطخته هذه الدنيا وقلبت حياته رأسًا على عقب، فلقد جاء مصابه في علمه وفي أولاده الذين فقدهم، وأصبحت حياته شيئًا مختلفًا تمامًا عما كان قد يظنه الناس، وهما كما يأتي:


  • شخصية رضوان الحسيني


يحكي الكاتب قصة

الرجل

التقي والورع ذو العلم الفائض رضوان الحسيني، وصفه الكاتب نجيب محفوظ بأنه شخص ذو لحية صهباء طويلة شيع جبينه نورًا ويمتلك طلة بهية، لكن ينتهي به المطاف فاشبًا في مسيرته الدراسية في طلب العلم من الأزهر ويفقد أولاده جميعهم مما يضعه في وضعٍ لا يحسد عليه، لكنه لا يستسلم بل يقرر أن يعطي حبه كله للناس من حوله، كما يظهر لنا رضوان في هذه الرواية بشخصية الرجل المتدين المبروك الذي يرجع إليه كل سكان المدق في كلِ صغيرةٍ وكبيرة وبالأخص إذا أصابتهم مصيبة، لأن رضوان كان بمثابة المنقذ لهم.


  • شخصية سنية العفيفي


يحكي الكاتب قصة المرأة الأرملة سنية العفيفي التي تقطن في البيت الآخر الموجود في زقاق روايتنا (زقاق المدق)، والتي كانت تبلغ من

العمر

خمسون عامًا ذاقت فيهم سنية الأمرين بعد زواجها الذي نهبها مالها وجمالها وعمرها ومشاعرها، عاشت سنية تجربة زواج

مؤلمة

انتهت بموت زوجها الذي لم تتزوج من أحدٍ بعده، بالطبع ليس حبًا فيه بل كانت تقول أنها أكتفت، فلقد تزوجت وهي في عز شبابها من رجل يمتلك دكان للروائح العطرية عاشت معه حياة شاقة للغاية.


  • شخصية حميدة


إن شخصية حميدة هي بطلة الرواية في هذا الزقاق الضيق المليئ بالأحداث، كما أنها المحور الرئيسي في هذه القصة، حميدة هي فتاة بسيطة تعيش في هذا الزقاق الفقير وتحلم بأن تهرب منه يومًا وتطلع إلى حياة القصور والترف،كما أنها فتاة جميلة، كل من حولها مفتون بها في الزقاق وغيره، لكن تتم خطبتها لجارها المدعو عباس الحلو لكن لا يكون الحظ حليفهما فسرعان ما يفترقان رغمًا عنهما.


  • شخصية عباس الحلو


عباس الحلو هو خطيب جميلة الزقاق حميدة يعمل في

محل

للحلاقة صغير في الزقاق، لكنه انتقل من زقاق المدق متوجهًا للعمل في المعسكرات

الإنجليزية

حيث كان يجني المال هناك بكثرة على عكس عمله في الحلاقة، وذلك من أجل أن يوفر لحميدة خطيبته حياة هنيئة وسعيدة، لكن على عكس توقعاته تتعلق حميدة برجلٍ آخر في غياب عباس وترحل تاركة الزقاق ورائها حيث ينتظر خطيبها أن يعود إليها من المعسكرات الإنجليزية بفراغ الصبر، لكن تتغير حياة حميدة التي تبدأ باستخدام جسدها لجني المال حتى تصبح فاحشة الثراء لكن انتهى بها المطاف بين أحضان الإنجليز وعندما يعلم عباس بذلك يحاول استعادتها لكن ينتهي به المطاف مقتولًا على يديهم في سبيل حبه لحميدة.


هناك أيضًا شخصيات أخرى في رواية زقاق المدق، مثل المعلم كرشة، وهو شخصية محيرة تشيب لها الولدان، وتحكي قصته أنه كان فتىً ثريًا في يومٍ من الأيام لكن انتهى به الحال إلى فتى ثائر وعضو فاعل فى ثورة 1919، ثم تحول إلى بلطجي ثم إلى تاجر مخدرات كبير في زقاق المدق.


التحليل الاجتماعي لرواية زقاق المدق


برع الكاتب والأديب المصري نجيب في محفوظ في اختيار الحقبة الزمنية التي كتب عنها الرواية وهي فترة الاحتلال الإنجليزي لمصر، ولكن ما ميز هذا العمل هو الصورة التي صدرها نجيب محفوظ للقراء عن

الحياة

الاجتماعية لأهالي مصر آنذاك من خلال تناول حياة أهل هذا الزقاق، زقاق المدق، حيث صورهم الكاتب بأنهم أناسٌ يسعون خلف كسب العيش على الرغم من كونهم دول محتلة لكن هذا لم يوقفهم عن الكسب الحلال والمحاولة لأجله بشتى الطرق الممكنة، وهذه الصورة كانت واقعية تمامًا عن مثل هذا الشعب الأصيل الذي يستطيع التأقلم على وضعٍ كان، فلقد كانت مصر دولة مليئة بالحياة وعامرة بأهلها على الرغم من كونها محتلة وخاضعة إلى مثل هذا الضغط فلقد كان أهل المدق كما صورهم الكاتب يملئها التفاؤل والحياة والسعادة في خضم معاناتهم.


كما قام الكاتب نجيب محفوظ بتصوير الحياة الاجتماعية لأهل مصر في الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى وأثناء وبعد الحرب العالمية الثانية فلقد قام بوصف اجتماعي دقيق لما قد تخلفه الحروب على الشعوب حيث تغير فيهم الكثير وتتبدل سلوكياتهم وتتبدل مبادئهم سواء كان هذا التغير إيجابي أم سلبي.


اقتباسات زقاق المدق


  • أيُّ واحد منا تستقبله الدنيا كملك من الملوك، ثم يصير بعد ذلك ما يشاء له نحسه، وهذا خداع حكيم من الحياة، وإلا فلو أنَّها أفصحت لنا عما في ضميرها منذ اللحظة الاولى لا بينا أن نفارق الأرحام.

  • “أما المصائب, فلنصمد لها بالحب, وسنقهرها به,

    الحب

    أشفى علاج, وفي مطاوي المصاب تكمن

    السعادة

    كفصوص الماس في بطون المناجم الصخرية, فلنلق أنفسنا حكمة الحُب.

  • إن الإنسان ليجن إذا انتزع ظفره, فكيف يكون إذا انتزعت روحه و حياته ؟ ولا يدرى إلا المحتضر نفسه حقيقة هذا

    الألم

    , فما نستطيع أن نلمس غير آثار الاحتضار الظاهرة , أما صداها فى الروح و رجعها فى الجسد , فسر

    الميت

    الذى ينطوى عليه صدره و يقبر معه فى.”

  • “تباً للقلب من صاحب خؤون, دسيسة على الروح والجسم, يحب من لا يحبهما, ويحرض على من لا يفرط فيهما, فيسيم صاحبه الخسف والهوان.”

  • “و لو انه أتيح لميت ان ينطق عن عذاب احتضاره , لما نعم انسان بساعة صفو واحدة فى الحياة , و لمات الناس ذعرا قبل أن تدركهم النهاية”

  • “كان يعيش على الفطرة لا يدرى شيئاً عما وراءها، مخلصاً لقوانين الحياة الأزلية، فوجد فى الحب جوهر حياته وخلودها، فلما أن فقده فقد الأسباب التي تصله بالحياة، وتردى مزعزعاً كذرة هائمة في الفضاء، ولولا أن الحياة – التى تجرع غصص الآلام – تتفنن في اغراء بنيها بالتعلق بها حتى في أحلك أوقاتها، لختم عمره وقضى، ولكنه مضى في سبيله حائراً قد ضل هدفه، بل شعر فى تلك اللحظة أنه ضله للأبد.”

  • “هذه حياتي، هذه النهاية التي لا مهرب منها، نحن الآن غريبان وكلانا ينكر صاحبه، لم يعد بوسعي الرجوع، ولن نستطيع مهما قلت أن تغير من الواقع شيئاً، وحذار أن تغلظ لي القول فلست على حال أملك معها السماحة أو العفو، وإني لأقر بعجزي حيال حظي ومصيري، ولكني لا أحتمل أن يضاعف لي إنسان الكرب بالغضب والزجر، انسني واحتقرني كما تشاء ثم اتركني بسلام.” [1]