دعاء قنوت التراويح .. ” اللهم اهدنا فيمن هديت “

دعاء القنوت في التراويح

الدعاء بشكل عام مستحب جداً في شهر رمضان شهر البركة ونزول القرآن، كما أن دعاء القنوت محبب ومشروع في قيام رمضان، حيث روي البخاري ومسلم وغيرهما، عن أنس رضي الله عنه قال “بعث النبي صلى الله عليه وسلم سبعين رجلاً لحاجة يقال لهم الفراء، فعرض لهم حيان من سليم، زعل وذكوان عند بئر يقال لها بئر معونة، فقتلوهم فدعا النبي صلى الله عليه وسلم شهراً في صلاة الغداة وذلك بدء القنوت”[2].

وفيما يلي

دعاء القنوت مكتوب



اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت، تبارك ربنا وتعاليت

“، وفي رواية أخرى يزيد على الدعاء “ولا منجى منك إلا إليك”، وفي أخرى يزيد عليه” اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك”[3].

دعاء القنوت بصوت ماهر المعيقلي

وقت قنوت رمضان

قنوت رمضان، و

هو الركعة الأخيرة من صلاة الوتر في قيام رمضان

، حيث يقنت الإمام في رمضان في النصف الثاني منه لثبوت ذلك عن الصحابه في عهد عمر بن الخطاب، كما يتميز قنوت رمضان عن غيره من القنوت في الأيام العادية أو النوازل، وذلك في:

  • إن قنوت رمضان يكون جهر من الإمام في جماعة بينما قنوت الوتر باقي العام يكون للمنفرد ويسر به لنفسه.
  • قنوت رمضان أو التراويح يكون في النصف الثاني من شهر رمضان بينما قنوت الوتر يكون على دوام العام.

حيث أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد حسن عن محمد بن بكر عن أبي خريج قال” قلت لعطاء القنوت في رمضان؟ قال عمر أول ما قنت، قلت النصف الآخر أجمع؟ قال نعم، وعن أيوب بن نافع عن عمر أن كان لا يقنت إلا في النصف الثاني من رمضان.

متى يكون الدعاء في صلاة التراويح

يجوز الدعاء بدعاء القنوت أو بأي أدعية أخرى يريدها المسلم في صلاته، فالله تعالى عليم بالنوايا وذات الصدور فلا بأس من الدعاء بأي دعاء آخر غير القنوت، فهو دعاء محبب ذكر في السنة النبوية والشريعة الإسلامية ولكنه ليس فرض، حيث يمكن للمصلي أن يدعي بالقنوت أو غيره أو فيما معناه أو يزيد عليه، على أن يكون الدعاء في الركعة الأخيرة الواحدة التي يوتر بها، بعدما يرفع من الركوع يرفع ديه ويقنت ويدعوا الله بما يسر نفسه ويتمناه، حيث ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم القنوت بعد الركوع، فالله سميع بصير مجيب الدعاء.

معنى القنوت

الدعاء هو أحد سبل التقرب والتذلل والطلب من الله عز وجل، حيث يقول الإمام بن القيم أن الدعاء هو طلب ما ينفع الداعي وطلب كشف الضر ودفعه وابتعاده عنه، كما أن الدعاء أحد العبادات المحببة لله عز وجل ودليل على خشوع العبد وتسليمه بأن الله تعالى هو المالك الواحد صاحب الشأن والحكمة والتصرف في كل أموره، فما يملك العبد لنفسه شيئاً وما بيده حيله في أي من أمور دينه ولا دنياه ولا أخرته، كما يقول الإمام ابن القيم عن الدعاء ” والدعاء من أنفع الأدوية وهو عدو البلاء يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه، أو يخففه وهو سلاح المؤمن، كما يقول عبد الله الأنطاكي رحمة الله “دواء القلب خمسة أشياء مجالسة الصالحين وقراءة القرآن وإخلاء البطن من الحرام وقيام الليل والتضرع عند الصبح”[1].

أما القنوت في اللغة هو الطاعة، لقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة الأحزاب آية 35 “

إِ

نَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ”، ويأتي بمعنى السكون لقول الله تعالى في سورة البرة آية 238″حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ”، والقنوت في حقيقته بمعنى الدعاء والعبادة لله عز وجل والتضرع والصلاة أيضاً، حيث حدثنا جابر قائل” سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصلاة أفضل، فقال طول القنوت”، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث شريف” مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصائم”، والقنوت المشروع المقصود به الدعاء ويأتي في ثلاثة قنوت النوازل أي عندما يقع بالعباد نازلة أو غم أو أمر يحتاج العبد التضرع لله بالدعاء، وقنوت الوتر والذي يقال بعد الانتهاء من ركعة الوتر، وقنوت رمضان الذي يقال في الوتر في النصف الثاني من رمضان.

دعاء القنوت بصوت ياسر الدوسري

بدع القنوت في رمضان

الدعاء فضله عظيم وأثره جميل، حيث إنه من العبادات المستحبة لله عز وجل وعباده، لقوله تعالى في كتابه العزيز سورة غافر آية 60 “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”، ولكن هناك العديد من الأمور التي تجعل الدعاء غير محبب وتدخله في جانب البدعة وهو عكس المراد منه، وتتمثل

البدع في دعاء شهر رمضان

في[4]:


  • التطويل في الدعاء

يلاحظ أن كثيراً من الأئمة يطيلوا الدعاء بطريقه مملة وغير مرغوبة، برغم أن دعاء القنوت الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء بسيط قليل السطور ينتهي في دقائق معدودة.


  • غفلة الأئمة عن معاني الدعاء

نتيجة للتطويل في الدعاء بات الكثير من الأئمة يغفلوا معنى الدعاء نفسه حيث يحدث نوع من السآمة بسبب الإعياء من طول القيام ورفع الأيدي والوقوف طويلاً وهو ما ينافي المقصود من الدعاء.


  • أختراع أدعية ينقص الأج والثواب

كثيراً من الأئمة باتوا لا يدعوا بالأدعية المأثورة في القرآن وصحيح السنة النبوية الشريفة ويستعيضوا عنها بأدعية مخترعة وهو استبدال ما هو أدنى بالذي هو خير ويكفي فاعله إعراضه عن السنة والشريعة فهو أثم عظيم لا يدركه الكثير، حيث يقول ابن تيمية “والمشروع للإنسان أن يدعو بالأدعية المأثورة، فإن الدعاء من أفضل العبادات وقد نهانا الله عن الاعتداء فيه، فينبغي لنا أن نتبع فيه ما شرع وسن، كما أنه ينبغي لنا ذلك في غيره من العبادات”.


  • السجع والتكلف

يلاحظ أن بعض من الأئمة يتصنعوا السجع والتكلف وقد ذكر عن أبن عباس قوله “فانظر السجع من الدعاء فأجتبه فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلوا الاجتناب”.


  • تلحين الصوت في الدعاء

يقوم البعض بتلحين أصواتهم أثناء الدعاء وتحسين الصوت وترتيله وكأنهم يتلوا القرآن الكريم، وهذا يخالف ما ينبغي أن يكون عليه الداعي وهو التضرع والتمسكن، حيث للدعاء شأن غير شأن القرآن الكريم فالدعاء ليست قراءة للتزين.


  • قنوت رمضان لا يزاد فيه عن الوارد

نص بعض أهل العلم أن قنوت الوتر في رمضان لا يجب أن يزاد فيه عن الوارد في الآثار، حيث يقول الإمام النووي في معرض حديثه عن القنوت يجب أن يكون “السنة في لفظ القنوت اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت”، كما قال ” فاعتمد ما حققته فإن ألفاظ الأذكار يحافظ فيها على الثابت عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم”، ولكنه أقر بأن هناك خلاف في الزيادة وذلك لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه زاد عن الدعاء فقال”اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم وانصرهم على عدوك وعدوهم. اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك، اللهم خالف بين كلمتهم وزلزل أقدامهم وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين، بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك، ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونخشى عذابك ونرجوا رحمتك إن عذابك الجد بالكفار ملحق”، لذا فيجوز زيادة دعاء القنوت ولكن لا يجب التغني به ولا تحسين الصوت ولا تطويل الصلاة على المصلين، لما يتنافى مع الشريعة الإسلامية ويعاكس الهدف الحقيقي من الدعاء.


  • رفع الصوت بالدعاء

يعتبر رفع الصوت بالدعاء أمر مخالف للسنة، فقد روي البخاري ومسلم  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه لما سمعهم يرفعون أصواتهم بالتكبير” اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً بصيراً، وهو معكم والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته”