من طرق معرفة الله تعالى


مما يعين على معرفة الله تعالى


  • العلم بالله والعلم بأسمائه وصفاته وأفعاله.

  • التأمل في آيات الله.

  • تدبر كتاب الله.


العلم بالله والعلم بأسمائه وصفاته وأفعاله :


إن معرفة الطريق إلى الله تبدأ من العلم، وليس أي علم، إنما العلم الذي نستطيع من خلاله معرفة أسماء الله سبحانه وتعالى ومعرفة صفاته، ولقد قال الأصفهاني في كتابه الحجة في بيان المحجة: (قال بعض العلماء: أول فرض فرضه الله على خلقه معرفته، فإذا عرفه الناس عبدوه، قال الله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق عظمته، ولو أراد رجل أن يعامل رجلاً طلب أن يعرف اسمه وكنيته، واسم أبيه واسم جده، وسأل عن صغير أمره وكبيره، فالله خلقنا ورزقنا ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطه أولى أن نعرف أسماءه وتفسيرها.)


التأمل في آيات الله :


إن التأمل في آيات الله التي أنزلها على عباده هو مفتاح معرفة الكون والله خالق هذا الكون هو من أعطانا السمع والبصر والعقل والفؤاد كل هذه النعم من أجل أمرٍ واحد وهو عبادته، ولكن كيف نعبد الله ونحن لا نعرف الطريق الله؟ إن معرفة الطريق إلى الله يأتي من تأمل الآيات التي أنزلها على عباده كي تكون حجةً علينا يوم القيامة، كما يمكننا من خلالها تأمل كيف خلقنا الله وخلق سائر المخلوقات من حيوان ونبات وجماد،  وكيف يعرف الله سبحانه وتعالى كل ما يتعلق من النفس البشرية نفسها، كيف ذلك وهو الخالق؟ ولقد جاء في الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي : (الطريق في معرفة الله تعالى النظر في مخلوقاته، إذ لو أمكن تحصيلها بطريق آخر أسهل من ذلك لسلكه إبراهيم صلى الله على نبينا وعليه وسلم.)


تدبر كتاب الله :


كيف لا نؤمن وهذا الكتاب موجود بين أيدينا؟ ففي هذا الكتاب يمكننا معرفة أفعال الله سبحانه وتعالى المثلى ومعرفة آيات الله التي تدل على حكمته وقدرته، وإن أكثر من قام بتدير القرآن وإيضاح معانيه هم السلف الصالح وكتب التفسير التي وضعوها في هذا الأمر، ولقد قال ابن القيم في الفوائد: (الرب تعالى يدعو عباده في القرآن إلى معرفته عن طريقين: أحدهما: النظر في مفعولاته، والثاني: التفكر في آياته وتدبرها، فتلك آياته المشهودة، وهذه آياته المسموعة المعقولة) كما قال ابن قيم الجوزية ـ رحمه الله – في الفوائد: (القرآن كلام الله، وقد تجلى الله فيه لعباده بصفاته، فتارة يتجلى في صفات الهيبة والعظمة والجلال، فتخضع الأعناق وتنكسر النفوس وتخشع الأصوات ويذوب الكبر كما يذوب الملح في الماء). [1] [2]


مراتب معرفة الله


  • معرفة إقرار.

  • معرفة حب وتعظيم وإجلال.


إن مراتب معرفة الله سبحانه وتعالى جاءت على مرحلتين وهما كما يأتي:


معرفة إقرار :


إن مرتبة معرفة الإقرار لله سبحانه وتعالى هي مرتبة اشترك فيها جميع الخلق من الأبرار والفجار على حدٍ سواء.


معرفة حب وتعظيم وإجلال :


إن المرتبة الثانية من مراتب معرفة الله والتي تأتي بعد الإقرار هي مرتبة الحب والتعظيم والتي تختص بالعبد المؤمن فقط، لأن حب الله وتعظيمه أحد فروع المعرفة التي تختص بالله وحده، وإذا كان هذا العبد على معرفة صحيحة بالله تعالى انعكس هذا على العديد من الأمور في حياته كأن يشعر بالسكينة والطمأنينة والرضا، وذلك لانه يعرف الله العدل الواحد الأحد الحق الصمد العليم الحكيم الرحيم، كل هذه الأسماء التي يختص به الله سبحانه وتعالى وإذا ضعفت هذه المعرفة ضعفت معها الرضا والسكينة والطمأنينة. [3]


قصص عن معرفة الله


هذه القصة واحدة من أهم القصص التي وردت عن طرق معرفة الله تعالى وتحكي قصة رجل كان يعمل جنديًا لكنه لم يكن يعرف الله ويقول: مرّت بي تلك المرحلة، والله ما سجدت لله سجدة إلا رياءً ومجاملةً للناس، كانت تمر به الأشهر الطويلة لا يغتسل من الجنابة، لا يركع ركعة، لا يتلو القرآن، لا يذكر الواحد الديَّان، شاردٌ على الله، ميتٌ بمعنى الكلمة، ليلُهُ سهرٌ مع الغناء الماجن، مع رفقة السوء، مع شِلل الإجرام، مع عصابات التمزُّق والفشل والانهزام، مع الذين يصدُّون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً، فإذا أدركه النوم نام بلا طهارة، كالبهيمة التي لا تعقل، ميتٌ لا يعرف مواقيت الصلاة؛ لأنه لا يصلي، وإذا استيقظ استيقظ متى يريد بلا طهارة، بلا وضوء، بلا عبادة، بلا ذكر.


كان هذا الرجل يتصف بقوة البنية لكن على الرغم من قوة بنيته إلا أنه كان ضعيف القلب، لا يمتلك أي إرادة وليس لديه أي هدف في هذه الحياة وكان يسخر من أهل الدين ويجعل منهم مسخة لأنه يرى أن هذه الدين رجعي ولم يعد هناك مجالًا له في هذا العالم المعاصر ولا مجال لتطبيقه على الناس، وكان يتصف هذا الرجل بالإجرام وقسوة القلب والفساد وكان الناس يعرفون عنه  هذا وكان أهل الدعوة يذهبون لزيارته حتى يعظوه ويحذروه فكانت له إجابة واحدة على دعوتهم له وهي: (كفر صُراحٌ، ولا دين مخشخش) ولقد أراد بهذه الجملة أن يتهم هؤلاء الناس بالنفاق وأنهم متملقون ومنهم الإرهابيون، ليس هذا وحسب بل قام هذا الرجل بمقاطعة والديه ويصاحب رفقة السوء ويستهزئ بعبادات الله تعالى وسنته.


لكن شاء الله سبحانه وتعالى أن يرده إليه مردًا جميلًا، فلقد استمر حاله هذا لسنواتٍ طويلة حتى أرسل الله إليه أحد عباده الصالحين في أحد الأيام وأثناء مناوبة الحراسة بجانب أحد المساجد وقت الصلاة يقول: وفي أثناء نوبتي في الحراسة آخذاً بندقيتي بجانب مسجد في هذه البلدة، والناس يتوافدون لأداء الصلاة، وأنا لا أعرف الصلاة، إذا بهذا الدعية يرتفع صوته بعد صلاة العصر منذراً ومحذراً ومذكراً وهو يتلو قوله – سبحانه وتعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ )ويقول  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون).


الغرب بالأمر أن هذا الكلام من الداعية وصل إلى قلب هذا الرجل قبل أذنه وقال: وانتقلت من البلدة بروحي، فما أدري ما أنا، وأصابني من الإعياء ومن البكاء ومن الإغماء ما الله به عليم، حتى ما استطعت أن أتحامل على رجلَيَّ، فجلست على الأرض، قال: وكان صوته ينفذ إلى القلب مباشرة، وهو يتحدَّث عن الحشر، وأحوال الناس فيه، والصحف وتطايرها، فآخذٌ بيمينه، وآخذٌ بشماله، اللهم سلِّم سلِّم، وقال بعدها: وأخذتُ في البكاء إلى قبيل المغرب حتى سلَّمت نوبتي لزميلي، وذهل الناس منِّي واجتمعوا عليَّ، قالوا: ما لك؟ قلت: لا شيء، أتوب إلى الله، أستغفر الله، أعود إلى الله، اللهم اغفر لي اللهم ارحمني.


وبسبب هذا الداعية أخذ الله بيد هذا عبد الغافل الضعيف وكانت أول صلاة صلاها هي صلاة المغرب، وهنا رحب به هذا الداعية ترحاب جميل فاحتضنه وابتسم في وجهه، وبعدها بدأ هذا الرجل في البكاء وقص على هذا الداعية قصته فشاركه البكاء وأخذ يحدثه عن الهداية وأن الله اختاره، قال: وسألني كم تحفظ من القرآن؟ قلت: لا أحفظ شيئاً، قال: سبحان الله! كيف صليت معنا آنفاً؟ قال: وقفت هكذا حتى الفاتحة ما أحفظها، لكن بعد أربعة أشهر كان هذا الرجل قد أتم حفظ القرآن عن ظهر وهذه قصة رجل عرف الطريق إلى الله من خلال سماع آياته وتدبرها. [4]