بقيت مسلما للمسلمينا – الشاعر البحتري

بَقِيتَ مُسَلَّماً للمُسلِمِينَا،
وَعِشْتَ خَليفَةً لله فِينَا
فَقَدْ أنْسَيْتَنَا،َعَدْلاً و بَذْلاً ،
أُبُوّتَكَ الهُدَاةَ الرّاشِدِينَا
أرَادَ الله أنْ تَبْقَى مُعَاناً،
فَقَدّرَ أنْ تُسَمّى المُسْتَعِينا
إذا الخُلَفَاءُ عُدّوا يَوْمَ فَخْرٍ
سَبَقْتَ سَرَاتَهُمْ سَبْقاً مُبِينا
وَقَيْنَاكَ المَنُونَ، وإنّ حَظّاً
لَنا في أنْ نُوَقّيَكَ المَنُونَا
أرَى البَلَدَ الأمينَ ازْدَادَ حُسناً،
إذِ استَكْفَيتَهُ العَفَّ الأمِينَا
نَدَبْتَ لَهُ ابنَكَ العَبّاسَ لَمّا
رَضِيتَ بخُلْقِهِ هَدْياً، وَدِينا
سَرَرْتَ بهِ القُلُوبَ، غداةَ جاءَتْ
وِلاَيتُهُ، وأقْرَرْتَ العُيُونا
فقَدْ صَدَرَ الحَجِيجُ، وهمْ وُفُودٌ
بشُكرِكَ رائحينَ، ومُغْتَدِينا
أقَمْتَ سَبِيلَ حَجّهِمِ ببَدْرٍ،
أضَاءَ السّهْلَ مِنْهُ والحُزُونَا
بأزْكَى هَاشِمٍ حَسَباً، وأَعْلاَ
هُمُ شَرفَاً، وأنداهُمْ يَمِينا
وَحَسْبُكَ أنّهُ في كلّ حالٍ
شَبِيهُكَ، يا أميرَ المؤمِنِينا
يُسَرُّ المُسْلِمُونَ بأنْ يَرَوْهُ
لَدَيْكَ وَليَّ عَهْدِ المُسْلِمِينا
فَجَدّدْ عَقْدَ بَيْعَتِهِ تُجَدِّدْ
لهُمْ خَفضاً، من الدّنيا، ولِينَا
ظُنُونُ النّاسِ تَذهَبُ فيهِ عَلواً،
فحَقّقْ مُنعماً تلكَ الظّنُونَا
نَرَاهُ مُبَارَكاً جُمِعَتْ عَلَيْهِ
مَحَبّاتُ البَرِيّةِ أجمَعِينا
تَطَلّعَتِ السّعُودُ بهِ إلَيْنَا،
وَقد غَابَتْ طَوَالِعُهُنّ حِينَا
وَكَانَ القَطْرُ مُحتَبِساً، فَلَمّا
عَزَمْتَ عَلى وِلاَيَتِهِ سُقِينا