صعوبات النطق والكلام عند الأطفال

صعوبات النطق والكلام عند الأطفال

صعوبات النطق والكلام عند الأطفال، أو اضطرابات النطق والكلام عند الأطفال، أو مشاكل النطق والكلام عند الأطفال؛ جميعُها تراكيب تهدف إلى وصف المشاكل المتعلّقة بإنشاء أو تكوين أصوات الكلام الضروريّة لتواصل الطفل مع الآخرين؛[١] فما الكلام إلّا عملية لإنتاج أصواتٍ مُعينة تحمل المعنى المُراد للشخص المُستمع، وبالكلام يستطيع الأشخاص نقل أفكارهم، والتعبير عن مشاعرهم وإيصالها للآخرين، إذ يعدّ الكلام إحدى طُرق التواصل الرئيسيّة والتي يحتاجُ إنجازها إلى التنسيق الدقيق والتوافق بين أجزاءٍ متعددة من الجسم؛ بما في ذلك الرأس، والرقبة، والصدر، والبطن.[٢]

وفي إحدى الدراسات التي نشرتها مجلة “Acta Medica Iranica” عام 2011م والتي أُجريت في إيران حول اضطرابات التواصل (بالإنجليزية: Communication Disorders)، ذكرت الدراسة أنّ اضطراب التواصل يُمثل مشكلة ذات نتائج سلبية طويلة الأمد، بحيث يؤثر هذا الاضطراب في الفرد والعائلة؛ بما يتضمّن التحصيل الأكاديمي خلال السنوات الأولى من عمر الطفل والاختيارات المهنيّة في المراحل اللاحقة بعد سن البلوغ، وتذكر الدراسة أنّ معدل انتشار اضطرابات الكلام الإجماليّة بلغ 14.8%، بحيث كانت 13.8% منها اضطرابات متعلّقة بصوت الكلام (بالإنجليزية: Speech-Sound Disorders)، و1.2% منها اضطراباتٍ مرتبطةٍ بالتأتأة (بالإنجليزية: Stuttering)، و0.47% مشاكل متعلّقة باضطراب الصوت (بالإنجليزية: Sound Disorder)، ويختلف نمط انتشار تلك الأنواع الثلاثة من اضطرابات الكلام وفقًا لعوامل عدّة؛ من بينها تعليم الوالدين، وعدد أفراد الأسرة، والجنس؛ حيث يُذكر أن اضطرابات الكلام أكثر انتشارًا بين الذكور مُقارنةً بالإناث، بحيث تصِل نسبة انتشاره إلى 16.7% بين صفوف الذكور مقارنةً بـ 12.7% للإناث، في حين أنّ ترتيب الطفل بين إخوته، والديانة، وقرابة الأبوين لم تكن ذات تأثيرٍ في نمط الانتشار.[٣]

أنواع صعوبات النطق والكلام عند الأطفال

تتعدد أنواع صعوبات النطق والكلام عند الأطفال، ومن أبرز هذه الصعوبات ما يأتي:[٤][٥]

  • التأتأة: أو التلعثُم (بالإنجليزية: Stammering)، أو اضطراب الطلاقة الذي يبدأ في مرحلة الطفولة (بالإنجليزية: Childhood-Onset Fluency Disorder)، ويُمكن تعريفه على أنّه أحد اضطرابات النطق المتعلّقة بمشاكل طلاقة النطق وتدفق الكلام بشكلٍ مُتكرر وكبير، والتي قد تكون حالة مزمنة تستمر حتى البلوغ في بعض الحالات بما يؤثر سلبيًا على الصعيد الشخصي والاجتماعي، ولكن في معظم الحالات يتغلّب الأطفال على التأتأة التي تُعدّ جزءًا من مرحلة تعلّم الكلام؛ إذ إنّهم يعرفون ما يريدون قوله، لكنّهم يجدون صعوبةً في تحويل ما يدور في عقولهم إلى كلام، وتظهر التأتأة بأشكالٍ متعددة مثل تكرار أو إطالة كلمةٍ معينة، أو مقطع صوتي، أو حرفٍ ساكن، أو حرف متحرك، أو التوقف أثناء الكلام عند الوصول إلى كلمة أو صوت لا يجيدون نُطقه.
  • تعذر الأداء النُّطقي في الطفولة: (بالإنجليزية: Childhood Apraxia of Speech)، وهو أحد اضطرابات النطق غير الشائعة التي تتمثّل بصعوبة ممارسة الحركات الدقيقة عند التحدّث، ويعود السبب في ذلك إلى أنّ مواجهة دماغ الطفل صعوبةً في ترتيب الحركات وتوجيهها بما يؤثر في قدرة عضلات الكلام على العمل بشكلٍ طبيعي على الرغم من أنّها لا تكون ضعيفة، وفي هذا الحالة يجب تمرين عقل الطفل وتدريبه على كيفيّة وضع الخطط المتعلّقة بترتيب وتوجيه العضلات الخاصّة بالكلام والموجودة في الشفاه، والفك، واللسان، ليتمكّن الطفل من إصدار أصوات دقيقة، وقول كلمات دقيقة بسرعةٍ وإيقاعٍ عاديين.
  • عسر التلفّظ عند الأطفال: (بالإنجليزية: Pediatric Dysarthria)، وهو اضطرابٌ صوتيّ في الكلام الحركيّ يحدث نتيجةً ضعفٍ، أو شللٍ، أو عدم توافقٍ في العضلات المسؤولة عن إنتاج الكلام؛ ويمكن ملاحظته على الطفل عن طريق الانتباه إلى حديثه غير الواضح والمشوّش لبعض الوقت، أو طوال الوقت، بالاعتماد على شدّة الضعف العصبي.[٦]
  • اضطراب صوت الكلام: (بالإنجليزية: Speech Sound Disorder)، ويمكن تعريفه على أنّه اضطراب في التواصل يتمثّل باستمرار صعوبة نُطق الكلمات أو إصدار أصوات الكلام بشكلٍ صحيح؛ حيث يتطلّب إصدار الأصوات المتعلّقة بالكلام المعرفة الصوتية لتلك الأصوات، والقدرة على التنسيق بين عضلات الكلام والتنفّس والصوت؛ فما صوت الكلام إلّا تعبيرٌ واضحٌ عن الأصوات الفرديّة التي تتكوّن منها الكلمات المنطوقة،[٧] ويتضمن اضطراب صوت الكلام نوعين من المشاكل هما:[٨]
    • اضطراب النطق (بالإنجليزية: Articulation Disorder)، ويتمثّل بوجود مشكلةٍ في إصدار أصوات حروف معيّنة؛ مثل صوت حرف الشين.
    • اضطراب العمليّة الخاصّة بتغيير بُنية الكلمة بما يخص الحركات البنائية (بالإنجليزية: Phonological Process Disorder)، وهو أحد أنماط الأخطاء الصوتيّة التي تشمل عدم القدرة على نطق أحرف معيّنة.
  • اضطراب الصوت: (بالإنجليزية: Voice Disorder)، إذ إنّ لكلّ عمرٍ جودة صوت يتمتّع بها الأطفال تختلف عن بقية الأعمار كما أنّها تختلف تبعًا للجنس، وإنّ غياب هذه الجودة بشكلٍ ملحوظ لطفلٍ ما يعني أنّه مُصاب باضطراب الصوت نتيجةَ عدم اهتزاز الطيات الصوتية (بالإنجليزية: Voice Folds) بشكلٍ مناسبٍ لإنتاج الأصوات الواضحة، ومع هذا فإنّ معظم حالات اضطراب الصوت غير ضارّة وتزول وحدها، والبعض منها قد يتطلب استشارة الأخصائي.[٩][١٠]

أعراض صعوبات النطق والكلام عند الأطفال

تظهر أعراض صعوبات النطق والكلام على الأطفال تِبعًا لنوع الاضطراب الذي يعاني منه الطفل، ويمكن بيانها بشكلٍ تفصيليّ على النحو التالي:[٨][١١]

  • التأتأة: وتشمل أعراضها ما يأتي:
    • تكرار أصوات الكلام، أو أجزاءٍ من كلمات، أو كلماتٍ كاملة، أو عبارات وذلك بعد بلوغ الطفل الرابعة من العمر.
    • إدخال أصوات كلام أو كلمات إضافية زائدة.
    • مدّ الكلمات وجعلها أطول.
    • التوقف أثناء قول الجمل أو الكلمات؛ بحيث تتوقف شفتا الطفل معًا.
    • التوتر الواضح في نبرة صوت الطفل وأصوات الكلام.
    • شعور الطفل بالإحباط واليأس من محاولات التواصل مع الآخرين.
    • اهتزاز الرأس (بالإنجليزية: Head Jerking) أثناء الكلام.
    • إغلاق جفن العين وفتحه بشكلٍ متكرر وسريع أثناء الحديث، ضمن ما يُعرف بالرَّمش (بالإنجليزية: Blinking).
    • الشعور بالإحراج عند التحدّث.
  • اضطراب النطق: وتشمل أعراضه ما يأتي:
    • تغيّر أصوات حروف معيّنة؛ مثل حرف الرّاء، والسين بشكلٍ متكرر، كأن يُصدر الطفل حرف السين على هيئة صوت صافرة.
    • عدم القدرة على فهم ما يقوله الطفل من قِبل المستمعين، وقد يتمكّن أفراد أسرته فقط من فهم كلامه.
  • اضطراب العملية الخاصّة بتغيير بُنية الكلمة بما يخص الحركات البنائية: وتشمل أعراضه ما يأتي:
    • عدم لفظ أو تغيير صوت الحرف الأول من الكلمات أو الحرف الأخير، وذلك غالبًا عند نطق الحروف الساكنة.
    • نطق أصوات الحروف المتماثلة من الكلمات المتعددة مع حذف الحرف الأخير الساكن، كأن يقول “كتا” عند نطق كلمة “كتاب”، على الرغم من عدم مواجهة مشكلة في الغالب عند لفظ الكلمات غير المنتهية بحرف ساكن مثل “جرو”.
  • اضطراب الصوت: وتشمل أعراضه ما يأتي:
    • بحّة الصوت (بالإنجليزية: Hoarseness)، وخشونته (بالإنجليزية: Raspiness).
    • انقطاع الصوت.
    • تغيّر درجة الصوت بشكلٍ مُفاجئ.
    • تباين سمة الصوت، كأن يكون مرتفعًا جدًا، أو ناعمًا جدًا.
    • نفاذ الهواء من الشخص أثناء لفظ الجمل، بحيث لا يستطيع تحدث الجملة كاملة على ذات النفس بما يستلزم أخذ أكثر من نفس واحد أثناء التحدّث بالجملة.
    • غرابة صوت الكلام بسبب خروج كمية كبيرة من الهواء من الأنف ضمن ما يُعرف بالخُنّة المفرطة (بالإنجليزية: Hypernasality)، أو تغيُّره بسبب قلة الهواء الخارج من الأنف ضمن ما يُعرف بنقص الخُنّة (بالإنجليزية: Hyponasality).

أسباب صعوبات النطق والكلام عند الأطفال

يعتقد الكثيرون أنّ الكلام عملية سهلة، في حين أنّه عملية معقّدة تحتاج إلى تنسيق القدرة على فهم اللغة وإنتاج الكلام من الدماغ، ويتضمّن ذلك التوافق الدقيق بين الأعصاب، والعضلات الخاصّة بالكلام من الشفتين، واللسان، والفم، والحنجرة التي تحتوي على الحبال الصوتيّة، وعضلات الجهاز التنفسي أيضًا، ويُمكن بيان مُسببات صعوبات النطق والكلام عند الأطفال وعوامل الخطر على النّحو التالي:[١٢]

الأسباب الرئيسية

بالمجمل فإنّ سبب اضطراب النطق والكلام عند الأطفال غير معروف، لكن قد تتسبّب بعض المشاكل الأخرى بحدوثه، ومن أبرزها ما يأتي:[١٣]

  • تعرّض الدماغ للإصابة.
  • الإعاقة الفكرية، أو الاضطرابات المتعلّقة بالنمو.
  • فقدان السمع، أو مشاكل السمع مثل عدوى الأذن السابقة.
  • مشاكل جسدية تؤثر في النطق والكلام؛ مثل الحنك المشقوق (بالإنجليزية: Cleft palate) أو الشفّة المشقوقة (بالإنجليزية: Cleft lip).
  • اضطرابات تؤثر في الأعصاب المسؤولة عن الكلام.

عوامل الخطر

من ناحيةٍ أُخرى تظهر عوامل خطر تزيد من احتماليّة الإصابة باضطرابات النطق والكلام، والتي قد تتضمّن العوامل الموضّحة في الأسباب، ومن أبرز عوامل الخطر الأخرى ما يأتي:[١٣]

  • الاضطرابات المتعلّقة بالنمو؛ مثل التوحّد (بالإنجليزية: Autism).
  • الاضطرابات المتعلّقة بالوراثة والجينات؛ مثل متلازمة داون (بالإنجليزية: Down Syndrome).
  • فقدان حاسّة السّمع.
  • اضطرابات المتعلّقة بالجهاز العصبي؛ مثل الشلل الدماغي (بالإنجليزية: Cerebral Palsy).
  • الأمراض المختلفة؛ ومن أمثلتها عدوى الأذن المتكررة.
  • العادات الخاطئة لدى الأطفال مثل مصّ الإبهام، أو استخدام اللهايّة بشكلٍ مبالغ فيه.
  • تدني المستوى التعليمي للوالدين.
  • قلّة دعم التعلّم من قِبل أفراد الأسرة في المنزل.

تشخيص صعوبات النطق والكلام عند الأطفال

يتمّ تشخيص صعوبات النطق والكلام من قِبل أخصائي أمراض النطق واللّغة، ويعتمد الأخصائي على دراسة مجموعة الأعراض الظاهرة، ومعرفة التاريخ الطبي والعائلي للطفل، والفحص السريري المُتضمن مراقبة الأعضاء المسؤولة عن الكلام من شفتين، وفك، ولسان، وعضلات الفم والحلق، كل ذلك في سبيل الوصول إلى التشخيص الدقيق وتحديد الاضطراب الذي يُعاني منه الطفل واستبعاد إصابته بالاضطرابات الأخرى، كما يمكن أن يلجأ الأخصائي إلى إجراءاتٍ أخرى لتشخيص اضطرابات الكلام والنطق، ومن أبرزها ما يأتي:[٢]

  • اختبار دنفر لفحص النطق (بالإنجليزية: Denver Articulation Screening Examination)، والذي يقيّم وضوح النطق لدى الطفل.
  • اختبار نغمة الصوت (بالإنجليزية: Prosody-Voice Screening Profile)، ويهدف هذا الاختبار إلى فحص الكلام من جوانب عدّة؛ تشمل درجة الصوت، وصياغة الكلام، وأنماط الكلام وصوته.
  • دليل التقييم الديناميكي لمهارات الكلام الحركي (بالإنجليزية: Dynamic Evaluation of Motor Speech Skills) واختصارًا (DEMSS)، حيث يُستخدم كدليلٍ شامل يُساعد الأخصائي على تشخيص اضطرابات الكلام.

علاج صعوبات النطق والكلام عند الأطفال

يستطيع الأطفال التغلّب على بعض صعوبات النطق والكلام بمفردهم طالما كانت بسيطة، في حين تستلزم بعض الحالات الاستعانة بأخصائي النطق؛ وبخاصّة المعقّدة منها أو التي لا تتحسّن مع مرور الوقت؛ بحيث يقوم الطبيب بوضع خطّة العلاج المُناسبة لحلّ مشاكل النطق والكلام التي يُعاني منها الطفل، وتعتمد الخطّة العلاجيّة على زيارة الأخصائي بشكلٍ مكثّف في بداية الأمر، لينخفض عدد الزيارات مع مرور الوقت، وتتضمن الخطة العلاجية غالبًا تقنيات التنفس، وتعلُم استراتيجيات الاسترخاء التي تنعكس على عملية إرخاء العضلات عند التحدث بشكلٍ إيجابي، واستراتيجيات التحكّم في وضعية أجزاء الجسم، وتمارين الحركة الفموية التي تعدّ أحد أنواع التمارين الصوتية، وبالإضافة إلى ما يتمّ فعله أثناء زيارة الأخصائي، فإنّه يُفضّل إعادة ممارسة هذه التمارين في المنزل لجعل الخطة العلاجية أكثر نجاحًا.[١٢][١٤]

المراجع

  1. “Speech disorders – children”, www.medlineplus.gov, Retrieved 25/6/2020. Edited.
  2. ^ أ ب Jamie Eske (March 21, 2019), “What are speech disorders?”، www.medicalnewstoday.com, Retrieved 25/6/2020. Edited.
  3. “THE PREVALENCE OF SPEECH DISORDER IN PRIMARY SCHOOL STUDENTS IN YAZD-IRAN”, www.sid.ir, 2011 , Number 1، Retrieved 25/6/2020. Edited.
  4. “Stuttering”, www.mayoclinic.org,Aug. 01, 2017، Retrieved 25/6/2020. Edited.
  5. “Childhood apraxia of speech”, www.nchmd.org,5/10/2019، Retrieved 25/6/2020. Edited.
  6. “DYSARTHRIA”, www.apraxia-kids.org, Retrieved 25/6/2020. Edited.
  7. “Speech Sound Disorder”, www.psychologytoday.com, Retrieved 25/6/2020. Edited.
  8. ^ أ ب “Speech Sound Disorders in Children”, www.stanfordchildrens.org, Retrieved 25/6/2020. Edited.
  9. “Voice disorders”, www.rch.org.au, Retrieved 25/6/2020. Edited.
  10. “Voice Disorders”, www.cincinnatichildrens.org,06/2019، Retrieved 25/6/2020. Edited.
  11. “Speech disorders – children”, www.pennstatehershey.adam.com,2/19/2018، Retrieved 25/6/2020. Edited.
  12. ^ أ ب Rhonda S. Walter, MD (September 2016), “Speech Problems”، www.kidshealth.org, Retrieved 25/6/2020. Edited.
  13. ^ أ ب “Speech Sound Disorders in Children”, www.urmc.rochester.edu, Retrieved 25/6/2020. Edited.
  14. “Speech disorders – children”, www.account.allinahealth.org,2/19/2018، Retrieved 25/6/2020. Edited.