كم عدد أيام التشريق

أيّام التّشريق

أيّام التّشريق هي: الأيام الثلاث التي تعقب يوم النّحر، من شهر ذِي الحِجّة، وتُعرف أيضاً بالأيام المعدودات، كما ورد في قَوْل الله -تعالى- في كتابه: (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)،[١] وسُميّت بأيّام التّشريق؛ لأنّ النّاس كانوا يجفّفون لحوم الأضاحي فيها، ويقدّدونه،[٢] وقِيل: إنّها سُميّت بأيّام التشريق لأنّ الأُضحية لا تُذبح إلّا بعد شروق الشّمس.[٣]

عدد أيّام التّشريق

أيّام التّشريق؛ ثلاثة أيّامٍ، تبدأ باليوم الحادي عشر من شهر ذي الحِجّة، وتنتهي باليوم الثالث عشر منه، أيّ أنّها الأيّام الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذِي الحِجّة،[٤] وقيل: إنّ أيّامُ التّشريق أربعة أيّامٍ، من ضِمنها يوم النحَّر، وهو يوم العيد، ولو تَفرّد باسمٍ خاصٍّ، فكلّ يومٍ من أيّام التّشريق يحمل اسماً آخراً؛ فيُقال لليوم الحادي عشر من ذِي الحِجّة: يوم القَرّ، ويُقال لليوم الثاني عشر: يوم النَّفْر الأوّل، ويُقال لليوم الثالث عشر: يوم النَّفْر الثّاني، كما أنّها كلّها تسمّى أيّام مِنى؛ بسبب مبيت الحُجّاج في مِنى في تلك الأيّام.[٥]

فَضْل أيّام التّشريق

تترتّب العديد من الفضائل على أيّام التّشريق، كما تمّ بيانها في القرآن الكريم والسنّة النبويّة، وفيما يأتي بيان البعض من تلك الفضائل:[٦]

  • ذُكرت أيّام التّشريق في القرآن الكريم بلفظ الأيّام المعدودات، قال -تعالى-: (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)،[١] فيُكثر المسلمون في أيّام التّشريق من ذِكْر الله -تعالى-، ومن صور ذِكْره: التكبير بعد أداء الصلوات، والتسمية والتكبير عند ذَبْح الأضاحي والهَدْي، وتسمية الله قبل الأَكْل، وحَمْده بعده، وذِكْر الله المُطلق، وذِكْر الحجّاج لله، وتكبيرهم وهم في مِنى، فقد قال الله -تعالى-: (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّـهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ)،[٧] ويكون التكبير من الحجّاج عند رَمْي الجِمار.
  • أخرج الإمام مُسلم في صحيحه أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ)،[٨] فالأكل والشُّرب ممّا يُعين على ذِكْر الله، وذلك من تمام شُكْر وحَمْد الله -تعالى-.

حُكم صيام أيّام التّشريق

اتّفق العلماء على عدم جواز صيام أيّام التّشريق لغير الحاجّ، وبيان أقوالهم فيما يأتي:

  • الحنفيّة: قالوا بكراهة صيام أيّام التشرثق كراهةً تحريميّةً؛ أيّ أنّ الصيام فيها ينعقد، يترتّب الإثم عليه، وإن شُرِعَ في صيامها، ثمّ أفطر الصائم؛ فلا قضاء عليه، استدلالاً بقَوْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ).[٩]
  • المالكيّة: حرّموا صيام أوّل يومَين من أيّام التّشريق، استدلالاً بالحديث السابق الذّي استدلّ به الحنفيّة.[١٠]
  • الشافعيّة: استدّل الشافعيّة على عدم جواز صيام أيّام التّشريق بعدّة أدلّةٍ؛ منها: ما أخرجه الإمام مُسلم في صحيحه، عن كعب بن مالك -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بَعَثَهُ وَأَوْسَ بنَ الحَدَثَانِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، فَنَادَى أنَّهُ لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلَّا مُؤْمِنٌ وَأَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ)،[١١] وما ورد عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه-: (فَهَذِهِ الأيَّامُ الَّتي كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يأمرُنا بإفطارِها، ويَنهانا عن صِيامِها، قالَ مالِكٌ: وَهيَ أيَّامُ التَّشريقِ).[١٢][١٣]
  • الحنابلة: قالوا بحُرمة صيام أيّام التّشريق بما أخرجه الإمام مُسلم عن نبيشة الخير الهُذليّ -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ).[٨][١٤]

حُكم صيام أيّام التّشريق للحاجّ المتمتّع والقارِن

اختلف العلماء في حكم صيام الحاجّ المتمتّع أو القارِن لأيّام التشريق، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما آتياً:

  • القول الأوّل: ذهب الإمامان؛ مالك، وأحمد؛ إلى القَوْل بجواز صيام أيّام التّشريق للحاجّ المتمتّع والقارِن، حال عدم توفّر الهَدْي؛ لسببٍ ما، استدلالاً بِما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه، عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وابن عمر -رضي الله عنهما-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (لَمْ يُرَخَّصْ في أيَّامِ التَّشْرِيقِ أنْ يُصَمْنَ، إلَّا لِمَن لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ)،[١٥] وبِقَوْله -تعالى-: (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ)،[١٦] وما روته أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رخَّصَ للمتمتعِ إذا لم يجدِ الهديَ ولم يصمْ الثلاثةَ في العشرِ: أن يصومَ أيامَ التشريقِ).[١٧][١٨][١٩]
  • القول الثّاني: قال الإمامان؛ الشافعيّ، وأبي حنيفة؛ بحُرمة صيام أيّام التّشريق للحاجّ المتمتّع أو القارِن، وقد استدلّ الإمام الشافعيّ بما أخرجه الإمام مُسلم في صحيحه أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ)،[٨] واستدلّ الإمام أبي حنيفة بما أخرجه الإمام الترمذيّ في سُنَنه، عن عُقبة بن عامر -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (يومُ عرفةَ ويومُ النحرِ وأيامُ التشريقِ عيدنا أهلَ الإسلامِ، وهيّ أيامُ أكلٍ وشربٍ)،[٢٠] وما ورد عن أمّ عمر بن سليم بن خلدة الزّرقيّ: (بعث رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه في أواسطِ أيامِ التشريقِ يُنادِي في الناسِ لا تصومُوا في هذه الأيامِ فإنها أيامُ أكلٍ وشربٍ وبِعالٍ).[٢١][٢٢][٢٣]

الحِكمة من تحريم صيام أيّام التّشريق

حرّم الله -تعالى- صيام أيّام التشريق؛ لأنّها أيّام عيدٍ، تملؤها البهجة والسرور، تأتي بعد يوم النَّحر؛ أوّل يومٍ من عيد الأضحى، كما توزّع في تلك الأيّام لحوم الأضاحي؛ تقرّباً لله -تعالى-، كما أنّ في عدم صيام أيّام التشريق؛ امتثالاً لأوامر الله -تعالى-، وتأسياً بأوامر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- القائل: (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ).[٨][٢٤]

المراجع

  1. ^ أ ب سورة البقرة، آية: 203.
  2. محيي الدين النووي (1994م )، الإيضاح في مناسك الحج والعمرة (الطبعة الثانية)، مكة المكرمة: المكتبة الأمدادية، صفحة 357. بتصرّف.
  3. مجد الدين ابن الأثير، جامع الأصول في أحاديث الرسول (الطبعة الأولى)، الأردن: مكتبة دار البيان، صفحة 282، جزء 3. بتصرّف.
  4. عبدالله البسام (2003م )، توضِيحُ الأحكَامِ مِن بُلوُغ المَرَام (الطبعة الخامِسَة)، مكة المكرمة: مكتَبة الأسدي، صفحة 546، جزء 3. بتصرّف.
  5. زكريا الأنصاري (2005م)، منحة الباري بشرح صحيح البخاري (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية-الرياض: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، صفحة 39، جزء 3. بتصرّف.
  6. محمد المنجد، كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 3698، جزء 5. بتصرّف.
  7. سورة البقرة، آية: 200.
  8. ^ أ ب ت ث رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن نبيشة الخير الهُذلي، الصفحة أو الرقم: 1141، صحيح.
  9. نجاح الحلبي، فقه العبادات على المذهب الحنفي، صفحة 139. بتصرّف.
  10. كوكب عبيد (1986م)، فقه العبادات على المذهب المالكي (الطبعة الأولى)، سوريا-دمشق: مطبعة الإنشاء، صفحة 324. بتصرّف.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن كعب بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1142، صحيح.
  12. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي مرة مولى أم هانئ، الصفحة أو الرقم: 2418، صحيح.
  13. مُصطفى الخِنْ، مُصطفى البُغا، علي الشّرْبجي (1992م)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 103، جزء 2. بتصرّف.
  14. عبد الرحمن المقدسي (2003م)، العدة شرح العمدة، القاهرة: دار الحديث، صفحة 173. بتصرّف.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر وعائشة، الصفحة أو الرقم: 1997، صحيح.
  16. سورة البقرة، آية: 196.
  17. رواه ابن حجر العسقلاني، في التلخيص الحبير، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2/790، أصله في صحيح البخاري.
  18. عبد الوهاب المالكي، المعونة على مذهب عالم المدينة، مكة المكرمة: لمكتبة التجارية، صفحة 466. بتصرّف.
  19. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 17-18، جزء الجزء 28. بتصرّف.
  20. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 773، حسن صحيح.
  21. رواه الطحاوي، في شرح معاني الآثار، عن أم عمر بن سليم بن خلدة الزرقي، الصفحة أو الرقم: 2/245، صحيح.
  22. الخزرجي المنبجي (1994م)، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (الطبعة الثانية)، سوريا-دمشق: الدار الشامية، صفحة 453-454، جزء 1. بتصرّف.
  23. شهاب الدين الرملي (2009م)، فتح الرحمن بشرح زبد ابن رسلان (الطبعة الأولى)، لبنان-بيروت: دار المنهاج، صفحة 485. بتصرّف.
  24. عبدالله البسام (2003م )، توضِيحُ الأحكَامِ مِن بُلوُغ المَرَام (الطبعة الخامِسَة)، مكّة المكرّمة: مكتَبة الأسدي، صفحة 546-547، جزء 3. بتصرّف.