أحداث يوم القيامة بالترتيب

الإيمان باليوم الآخر

يعرف يوم القيامة باليوم الآخر، ويبدأ هذا اليوم من حين الحشر إلى أن يدخل الناس الجنّة أو النّار، أو إلى الأبد، وسُمي بذلك؛ لأنه آخر يومٍ في الدُنيا، ولأنّه مُتأخرٌ عنها، أو لأنّه آخر وقتٍ مُحدد، ويعرّف الإيمان به بأنّه التصديق الذي لا شكّ فيه بنهاية الحياة الدُنيا في وقتٍ حدده الله -تعالى- بعلمه، كما أنّه يعرّف بالإيمان بكل ما جاء في القُرآن أو السنّة النبويّة من الأحداث التي ستقع بعد الموت؛ كالبعث، والصراط، والشفاعة وغيرها؛ لأنّ ذلك كلّه من الغيب، ويجب الإيمان به، وقد وردت الكثير من الأدلة التي تُثبت وقوعه؛ كقوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ).[١][٢]

أحداث يوم القيامة بالترتيب

اتفق العُلماء على أنّ أحداث يوم القيامة تبدأ بالبعث، ثُمّ النشور، ثُمّ الحشر، ثُمّ الحساب وفي الحساب يكون تطاير الصُحف والكُتب والميزان، ثُمّ الصراط، وقد اختلف العُلماء في الحوض هل يكون قبل الصراط أو بعده بناءً على الأدلة الواردة فيهما.[٣]

النّفخ في الصّور

تعيش في هذه الحياة الكثير من الكائنات المُشاهدة وغير المُشاهدة والتي هي في حركةٍ دائمةٍ لا تتوقّف، وتبقى على هذه الحال إلى أن يأمر الله -تعالى- بالنفخ في الصور؛ فيتنهي كلّ حيّ في هذه الحياة سواءً في الأرض أو في السماء؛ قال -تعالى-: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ)،[٤] والصور في لُغة العرب هو عبارة عن قرن، وقد بيّن النبي -عليه الصلاة والسلام- بأنّه كذلك، قال -عليه السلام-: (إنَّ اللهَ تعالى لما فرغ من خلقِ السمواتِ والأرضِ خلق الصُّورَ وأعطاهُ إسرافيلَ فهو واضعُه على فيهِ شاخصٌ ببصرِه إلى العرشِ ينتظرُ متى يؤمَرُ فقال أبو هريرةَ قلت : يا رسولَ اللهِ وما الصُّورُ ؟ قال : قرنٌ فقلتُ : وكيفَ هوَ ؟ قال : هو عظيمٌ)،[٥] وقد بيّن -عليه السلام- أنّ الملك الموكل بالنفخ فيه هو إسرافيل -عليه السلام-، وبعد النفخ لا يستطيع الإنسان أن يوصي أو أن يرجع إلى أهله، وقد أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن أوّل من يسمع صوت الصور؛ فقال: (وَأَوَّلُ مَن يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إبِلِهِ، قالَ: فَيَصْعَقُ، وَيَصْعَقُ النَّاسُ)،[٦] وتكون سريعة بأخذ الناس؛ حتى يكاد الرجل يرفع اللقمة إلى فمه فلا يأكُلها.[٧]

واليوم الذي تقوم فيه الساعة، ويكون فيه النفخ هو يوم الجمعة، قال -عليه السلام-: (خيرُ يومٍ طلعت فيهِ الشَّمسُ يومُ الجمعةِ، فيهِ خُلِقَ آدمُ، وفيهِ أُهْبِطَ، وفيهِ تيبَ علَيهِ، وفيهِ قُبِضَ، وفيهِ تقومُ السَّاعةُ، ما علَى الأرضِ من دابَّةٍ إلَّا وَهيَ تصبحُ يومَ الجمعةِ مُصيخةً)،[٨] وجميع المخلوقات تكون خائفةً في كُلّ يوم جمعة ما عدا الإنس والجن، ويكون لإسرافيل نفختين في البوق؛ تموت في الأولى جميع الكائنات، وفي الثانية تحيا؛ للبعث والحساب، وقد سمّى القُرآن النفخة الأُولى بالصيحة وأحياناً بالراجفة، والنفخة الثانية بالرادفة أو النفخ في الصور، وقد أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن المُدّة التي تكون بينهما بقوله: (ما بيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أرْبَعُونَ قالَ: أرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قالَ: أرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً؟ قالَ: أبَيْتُ)،[٩] وذهب بعض العُلماء ومنهم ابن العربي، وابن تيمية، وابن كثير إلى أنها ثلاثُ نفخات، وهي: الفزع والصعق والبعث.[٧]

ويكون هُناك أصناف من المخلوقات لا تتأثر بالصعق، وقد اختلف العُلماء في بيانهم؛ فذهب ابن حزم إلى أنّهم الملائكة، وذهب مُقاتل إلى أنهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت -عليهم السلام-، وقد ذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى أنهم الولدان والحور العين الذين في الجنّة، وذهب القُرطبي إلى أنّهم الموتى، وجاء عن ابن عباس وأبي هُريرة إلى أنّ الأنبياء والشُهداء لا يُصعقون يوم القيامة، وقد جاء عن بعض أهل العلم ومنهم القرطبيّ أنّ الأصل التوقّف فيمن استثناهم الله -تعالى- من الصعق؛ لعدم وجود حديث صريح بأصنافهم.[٧]

البعث والنّشور

يُعرف البعث في اللُغة بأنه الإرسال، وأمّا في الإصطلاح الشرعيّ فهو إحياء الله -تعالى- للناس بعد موتهم من قبورهم لحسابهم، ويكون البعث بالروح والجسد كما جاء عن السيّد سابق، ومما يدل على ذلك قوله -تعالى-: (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)،[١٠] وأمّا النشور في اللُغة فهو الانتشار والتفرّق، وفي الإصطلاح الشرعي هو انتشار الناس وتفرّقهم بعد خروجهم من قبورهم إلى مكان الحساب، وقد جاء ذكر النشور في قوله -تعالى-: (ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ)،[١١][١٢] ويكون النشور بعد أن يُنزل الله -تعالى- المطر، فتنبت الأجساد كالزرع، ثُمّ يُنفخ في الصور ليقوم الناس للحساب، قال النبي -عليه السلام- في وصف البعث: (ثم يُرْسِلُ اللهُ مَطَرًا كأنه الطَّلُّ ، فيَنْبُتُ منه أجسادَ الناسِ ، ثم يُنْفَخُ فيه أخرى ، فإذا هم قِيامٌ ينظرونَ).[١٣][١٤]

أرض المحشر

يُحشر الناس يوم القيامة على أرضٍ بيضاء خالصة، وجاء وصف أرض المحشر في أحاديث كثيرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنها قوله: (يُحْشَرُ النَّاسُ يَومَ القِيامَةِ علَى أرْضٍ بَيْضاءَ عَفْراءَ، كَقُرْصَةِ النَّقِيِّ، ليسَ فيها عَلَمٌ لأَحَدٍ)،[١٥] ويكون لكل إنسان فيها موضع قدميه فقط، ولا يوجد فيها جبال أو زرع، ويكون الناس فيها حُفاة، عُراةٌ، خائفين، ويجتمع مع ذلك الجوع والعطش والتعب، ويأتون الناس إليها أفواجاً، فيأتي بعضهم كالذرّ وهم المُتكبرون، وبعضهم يشتعل جسده ناراً وهم المجرمون، وهكذا كُلٌ حسب عمله، ويبقى الناس في أرض المحشر يوماً واحداً ومقداره خمسون ألف سنة، وفيها تدنو الشمس من الناس ويغرق الناس في العرق بمقدار أعمالهم، ويكون هُناك أصناف من الناس يجلسون بظل عرش الرحمن، مثل الشاب الذي ينشأ في طاعة ربه، والذي يكفل اليتيم وغيرهم، كما تأتي الملائكة بالنار، وتُعرض على النّاس ترمي باللهب كالمدائن.[١٦]

أهوال يوم القيامة

ليوم القيامة الكثير من الأهوال التي تحدث في السماء والأرض والشمس والجبال، والتي تُصاحب خروج الناس من قبورهم، ومنها ما يأتي:[١٧]

  • السماء: تُبدّل السماء بسماءٍ أُخرى، قال -تعالى-: (يَومَ تُبَدَّلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزوا لِلَّـهِ الواحِدِ القَهّارِ)،[١٨] ويسبق ذلك انشقاقها وانفطارها ومورها، كما أنّها تُفتح بعد أن كانت مُغلقة ومحبوكة، كما أنّها تموج وتذوب.
  • الأرض: تُبدّل الأرض بأرضٍ غيرها، كما أنها تمتد وتتسع؛ لكي تسع الناس في الحشر، وتُخرج كُل ما فيها من الموتى، والكُنوز والأرزاق وكُل شي، قال -تعالى-: (وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ)،[١٩] وتسير الجبال التي عليها بعد أن كانت ثابتة، ثُمّ تُصبح سراباً، ثُم ّ ينسفها الله -تعالى- حتى تكون كالصوف المُتطاير، وأمّا الشمس فأنها تُكوّر ويذهب نورها، قال -تعالى-: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ).[٢٠]

الشفاعة العظمى

بيّن العُلماء أنّ الشفاعة العُظمى تكون للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وهي المقام المحمود الخاصّ به، وتكون عندما تقترب الشمس من المخلوقات بمقدار ميل حتى يغشاهم العرق، فيأتي الناس إلى آدم -عليه السلام-، وإلى نوح -عليه السلام-، وإلى إبراهيم -عليه السلام-، وإلى عددٍ من الأنبياء، وكُلهم يعتذر ويقول: نفسي نفسي، حتى يأتون إلى النبي مُحمد -عليه الصلاة والسلام- فيقول: (أنَا لَهَا، فأسْتَأْذِنُ علَى رَبِّي، فيُؤْذَنُ لِي، ويُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أحْمَدُهُ بهَا لا تَحْضُرُنِي الآنَ، فأحْمَدُهُ بتِلْكَ المَحَامِدِ، وأَخِرُّ له سَاجِدًا، فيَقولُ: يا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وسَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأقُولُ: يا رَبِّ، أُمَّتي أُمَّتِي…)،[٢١] ويشفع لمن يشفع له في أرض المحشر؛ ليبدأ بعدها الحساب والعرض.[٢٢]

الحساب والجزاء

بعد البعث يجمع الله -تعالى- الناس؛ ليحاسبهم على أعمالهم، فتُخبر الأرض بما حصل عليها، ويشهد اللسان واليدين والرجلين والجلد بما عمل به صاحبه، قال -تعالى-: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[٢٣] ويكون الناس حُفاة عُراة، ويكون نبي الله إبراهيم -عليه السلام- أول من يُكسى من الخلائق، وتأتي الملائكة بالكُتب التي سجّلتها على الناس في الدُنيا؛ لتعرِضَ كُلَ كتاب على صاحبه، وقد سُجِّل فيه كُلّ حركة وفعل قام به الشخص، ومن الناس من يأخذ كتابه بيمينه وهم أصحاب الجنّة، ومنهم من يأخُذه بشماله وهم أصحاب النار، ثُمّ توزّن هذه الصحف بما فيها من أعمال، ويكون الجزاء حسب وزن أعماله، قال -تعالى-: (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ)،[٢٤][٢٥]

والله -تعالى- هو من يتولى حساب الناس دون حجاب أو واسطة، فالمؤمن لا يُناقش في حسابه؛ رحمةً به، وأمّا الكافر فيفضحه الله -تعالى-؛ فينادي عليه أمام الناس جميعاً بكذبه وظُلمه،[٢٥] ويكون المؤمن فرحاً مسروراً بما قدّم، ويكون حسابه يسيراً، وأمّا الكافر فيُصاب بالذُل، ويلجأ إلى إنكار ما هو موجود في كتابه؛ فتتوقف ألسنتهم عن الكلام وتتكلم أعضائه بما عمل بها من حرام، فيكون حسابه شديداً عسيراً.[٢٦]

الميزان

يُعد الميزان من القضايا الخطيرة التي يجب على المؤمن الإيمان بها، وقد جاء ذكره في قوله -تعالى-: (وَنَضَعُ المَوازينَ القِسطَ لِيَومِ القِيامَةِ فَلا تُظلَمُ نَفسٌ شَيئًا وَإِن كانَ مِثقالَ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ أَتَينا بِها وَكَفى بِنا حاسِبينَ)،[٢٧]، ويُعدّه الله -تعالى-، ليوزن به أعمال العباد، أو لتوزن به صُحفهم، أو ليوزن به العبد، ولا يُعلم مقداره إلا الله -تعالى-، ومما جاء عن عظمته أنّه يوزن السماوات والأرض، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته فقد فاز ودخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر فقد خسر، ومن تساوت حسناته وسيئاته فهو من الأعراف يكون بين الجنة والنار.[٢٨]

وبعد الميزان يقف الناس حسب تشابه أعمالهم؛ فالظالم مع الظالم، والكاذب مع الكاذب، قال -تعالى- في ذلك: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ* مِن دُونِ اللَّـهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ)،[٢٩] ثُم يُقام لواءٌ لكلّ نبي؛ لتقف كُلّ أُمّة تحت لواء نبيّها، وبعدها يحجب الله -تعالى- النور عن الناس، فيمشي كُل شخص بما معه من نور عمله، فيضرب السور بين المؤمن والمُنافق فلا يرى المُنافق شيئاً لشدّة الظُلمة فيقع في جهنم.[٣٠]

الحوض والصِّراط

يكون لكلّ نبي يوم القيامة حوض خاصّ به وبأُمّته، ويكون قبل الصراط؛ لما يعانيه الناس من العطش في أرض المحشر، ويَرِدُ الناس إلى حوض النبي -عليه الصلاة والسلام- وتطرد الملائكة بعضهم عنه بسبب ردّتهم، ويكون ماؤه من نهر الكوثر الذي في الجنّة، ومن يشرب منه لا يعطش بعد ذلك أبداً، والشرب بعدها يكون بقصد التلذذ،[٣١] ثُمّ يمرّ الناس على الصراط، وهو جسرٌ منصوب فوق جهنّم يعبر المسلمون عليه إلى الجنّة، ويكون النبي -عليه الصلاة والسلام- على الصراط ويدعو للمؤمنين بالسلامة، ويكون مرور كُل شخصٍ على الصراط حسب عمله، فيجتازه كُلّ من غُفر له، ومن لم يجتازه يسقط في النار.[٣٢][٣٠]

ويقف من اجتاز الصراط في ساحات الجنّة؛ ليُقتصّ لهم من بعضهم وليُزال الحقد من قلوبهم، وذلك ما يُسمى بالقنطرة، لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (يَخْلُصُ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فيُحْبَسُونَ علَى قَنْطَرَةٍ بيْنَ الجَنَّةِ والنَّارِ، فيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِن بَعْضٍ مَظالِمُ كانَتْ بيْنَهُمْ في الدُّنْيا، حتَّى إذا هُذِّبُوا ونُقُّوا أُذِنَ لهمْ في دُخُولِ الجَنَّةِ)،[٣٣] وأوّل من يدخل الجنة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- فقراء المهاجرين، ثُم فقراء الأنصار، ثُمّ فقراء الأمة، وأمّا الأغنياء فيؤخرهم الله -تعالى-؛ لمُحاسبتهم،[٣٢][٣٠] ويكون القصاص بين جميع الخلائق حتى الحيوانات؛ فيُقتصّ المظلوم من الظالم، سواءً كان مسلماً أو غير مسلم، ويُقتص للشاة التي لا قرون لها من الشاة صاحبة القرون، وبيّن ابن حجر الهيتمي أنّه يُقتص للحيوانات من الإنسان الذي يجوّعها ويُحمّلها ما لا تُطيق.[٣٤]

الجنة و النار

جعل الله -تعالى- يوم القيامة الجنة والنار، حسب العمل، وهما من حيث العدد فُكلٌ منهما واحدة، ولكن جعل للجنّة درجات، وللنار دركات، وذلك حسب أعمال أهلهما، وبيان ذلك فيما يأتي:[٣٥]

  • الجنة: جاء ذكرها في القُرآن الكريم وفي السنّة النبويّة بصيغة الجمع؛ للدلالة على عِظمها، ونوعها، ودرجاتها، وليس من باب أنها أكثر من واحدة، ولم يأتي دليلٌ صريحٌ ببيان عدد درجاتها، ولكن ذهب بعض العُلماء كالخطابي إلى أنها بعدد آيات القُرآن، وأعلى وأفضل درجاتها الفردوس وهذا معلومٌ باتّفاق، وقد جاء في بعض الأحاديث بيانٌ لبعض الأعمال التي تُدخل الجنّة وتثبت درجاتها؛ ومن الأعمال التي تدخل الجنّة الإيمان بالله -تعالى- وتصديق أنبيائه، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أهْلَ الغُرَفِ مِن فَوْقِهِمْ، كما يَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ في الأُفُقِ، مِنَ المَشْرِقِ أوِ المَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ ما بيْنَهُمْ قالوا يا رَسولَ اللَّهِ تِلكَ مَنَازِلُ الأنْبِيَاءِ لا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ، قالَ: بَلَى والذي نَفْسِي بيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا باللَّهِ وصَدَّقُوا المُرْسَلِينَ)،[٣٦] ومن هذه الأعمال أيضاً الجهاد في سبيل الله -تعالى-، وكذلك الإنسان الصادق في دعائه بتحصيل الشهادة، والمُنفق في سبيل الله -تعالى-، وكلّهم لهم الدرجات العالية، ومن ذلك أيضاً إسباغ الوضوء، وإكثار المشي إلى المساجد، وانتظار الصلوات، وكذلك حفظ القُرآن الكريم.
  • النار: تختلف دركاتها بحسب أعمال الناس الذين يدخلونها، ولكنّ المُنافقين يكونون في أسفل درجة منها، وتُسمى بالدرك الأسفل، قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً)،[٣٧] وأسهل دركاتها من يكون له حذاءين من نار يغلي منهما دماغه، قال -عليه السلام-: (إنَّ أهْوَنَ أهْلِ النَّارِ عَذابًا مَن له نَعْلانِ وشِراكانِ مِن نارٍ، يَغْلِي منهما دِماغُهُ كما يَغْلِ المِرْجَلُ، ما يَرَى أنَّ أحَدًا أشَدُّ منه عَذابًا وإنَّه لأَهْوَنُهُمْ عَذابًا).[٣٨]

المراجع

  1. سورة سبأ، آية: 3.
  2. علي محمد مقبول الأهدل (15-4-2014)، “من أركان العقيدة .. الإيمان باليوم الآخر”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-6-2020. بتصرّف.
  3. ناصر بن عبد الكريم العلي العقل، التعليق على شرح السنة للبربهاري، صفحة 14، جزء 2. بتصرّف.
  4. سورة الزمر، آية: 68.
  5. رواه ابن العربي، في التذكرة للقرطبي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 194، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم: 2940، صحيح.
  7. ^ أ ب ت عمر سليمان الأشقر (1995)، اليوم الآخر. القيامة الكبرى (الطبعة السادسة)، الأردن: دار النفائس، صفحة 31-49. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1429، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 4935، صحيح.
  10. سورة الأنعام، آية: 36.
  11. سورة عبسى، آية: 22.
  12. محمد طاهر عبدالظاهر الأفغاني (30-11-2017)، “معنى البعث والنشور”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2020. بتصرّف.
  13. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8047، صحيح.
  14. مصطفى أبو النصر الشلبي (1994)، صحيح أشراط الساعة ووصف ليوم البعث وأهوال يوم القيامة (الطبعة الثانية)، جدة: مكتبة السوادي للنشر، صفحة 346. بتصرّف.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سهل بن سعد الساعدي ، الصفحة أو الرقم: 2790، صحيح.
  16. عبد الرحمن التركي، مشاهدة القيامة، صفحة 25-32. بتصرّف.
  17. محمد متولي الشعراوي (1999)، عذاب النار وأهوال يوم القيامة (الطبعة الأولى)، شبرا: مطبعة النصر، صفحة 113-119. بتصرّف.
  18. سورة إبراهيم، آية: 48.
  19. سورة الإنشقاق، آية: 4.
  20. سورة التكوير، آية: 1.
  21. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 7510، صحيح.
  22. عطية بن محمد سالم، شرح الأربعين النووية، صفحة 8، جزء 10. بتصرّف.
  23. سورة النور، آية: 24.
  24. سورة المؤمنون، آية: 102-103.
  25. ^ أ ب سيد سابق، العقائد الإسلامية ، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 281-287. بتصرّف.
  26. علي بن مصطفى الطنطاوي (1989)، تعريف عام بدين الإسلام (الطبعة الأولى)، جدة: دار المنارة للنشر والتوزيع، صفحة 111-114. بتصرّف.
  27. سورة الأنبياء، آية: 47.
  28. محمد حسان (2007)، أحداث النهاية ونهاية العالم، المنصورة: مكتبة فياض، صفحة 639-648. بتصرّف.
  29. سورة الصافات، آية: 22-23.
  30. ^ أ ب ت صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل، صفحة 542. بتصرّف.
  31. سعيد حوّى (1992)، الأساس في السنة وفقهها – العقائد الإسلامية (الطبعة الثانية)، السعودية: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 1303، جزء 3. بتصرّف.
  32. ^ أ ب محمد بن إبراهيم التويجري (2012)، اليوم الآخر (الطبعة الخامسة)، السعودية: دار أصداء المجتمع للنشر والتوزيع، صفحة 36-37. بتصرّف.
  33. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 6535، صحيح.
  34. “القصاص يوم القيامة”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 4-6-2020. بتصرّف.
  35. “دليل المسلم الجديد – [40 الجنة والنار “]، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2020. بتصرّف.
  36. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 3256، صحيح.
  37. سورة النساء، آية: 145.
  38. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 213، صحيح.