تعريف الحديث الضعيف

تعريف الحديث

إنّ الحديث في اللغة من مادة حدث؛ وهو: نقيض القديم، والحُدُوث: نقيض القدمة، يُقال: حَدَث الشيء، يحدث حُدُوثاً وحَداثة، وأحدثه هو، فهو مُحْدَثٌ، وحَديث،[١] ويُطلق الحديث على الخبر قلّ أو كثُر، وجمعه: أحاديث.[٢]

ورد لفظ الحديث في القرآن الكريم في خمسة معانٍ؛ القول والكلام، ومنه قول الله سبحانه وتعالى: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا)،[٣] وبمعنى الإخبار والآثار، ومنه قول الله سبحانه وتعالى: (..أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ… )،[٤] والقصص التي فيها العِبر، ومنه قول الله سبحانه وتعالى: ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ…)،[٥] والقرآن العظيم، ومنه قول الله سبحانه وتعالى: (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ)،[٦] والعِبرة من حديث الكفار، ومنه قول الله سبحانه وتعالى: (… فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ..).[٧][٨]

ويُعرّف الحديث النبوي: بأنه ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، من قول أو فعل، أو تقرير، أو صفة.[٩]

عرّف الإمام السخاوي الحديث فقال: (الحديث ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ قولاً له، أو فعلاً، أو تقريراً، أو صفة، حتى الحركات والسكنات في اليقظة والمنام).[١٠]

أقسام الحديث

يُقسم الحديث إلى عدة أقسام، وذلك حسب اعتبارات مختلفة؛ فينقسم باعتبار وصوله إلينا إلى الحديث المتواتر وهو ما رواه عدد كثير من الرواة في كل طبقة من طبقات الإسناد، يستحيل عادة تواطؤهم على الكذب، ومستند خبرهم إلى الحس؛ كقولهم سمعنا أو رأينا، والحديث الآحاد وهو ما لم يجمع صفات التواتر، ويُقسم حديث الآحاد باعتبار عدد طرقه، إلى: الحديث المشهور، والعزيز، والغريب، وينقسم باعتبار قبوله ورده إلى: المقبول والمردود، ويُقسم المقبول إلى: الصحيح والحسن، ويندرج الحديث الضعيف تحت قسم المردود.[١١][١٢]

تعريف الحديث الضعيف

  • الضعيف في اللغة مأخوذ من: الضَعْفُ والضُعْفُ، ويُراد به: خلاف القوَّة، ويُقال: ضَعُفَ فهو ضعيفٌ، وقومٌ ضِعافٌ، وضُعَفاءُ، وضَعَفَةٌ.[١٣]
  • الحديث الضعيف: هو الحديث الذي لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح من عدالة الرواة، وتمام الضبط، واتصال السند، وسلامته من الشذوذ ومن العلة القادحة، ولم تجتمع فيه أيضاً صفات الحديث الحسن وهي كصفات الحديث الصحيح، إلاّ أنّ ضبط الرواة أو أحدهم أخفّ من ضبط الحديث الصحيح.[١٤]

أسباب ضعف الحديث

من الأسباب التي تجعل الحديث ضعيفاً:[١٥]

  • عدم وجود اتصال في السند.
  • عدم عدالة الرواة أو بعضهم.
  • عدم ضبط الرواة أو بعضهم.
  • وجود الشذوذ، سواء كان في السند، أو المتن، أو كليهما.
  • وجود العلة القادحة في السند، أو المتن، أو كليهما.
  • عدم مجيئه من وجه آخر، إذا كان الحديث قابلاً للانجبار.

حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف

اختلف العلماء في حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف في الأحكام، وفضائل الأعمال، وذلك على ثلاثة أقوال:[١٦]

  • القول الأول: ذهب الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام أحمد، وأبو داود، وابن الهمام، ومحمد المعين بن محمد الأمين، إلى أنّه يُعمل بالحديث الضعيف مُطلقاً في الأحكام وفضائل الأعمال ولكن بشروط، منها: أن يكون الضعف غير شديد، وألا يوجد حديث يُعارض هذا الحديث، وألا يكون هناك حديث غيره في الباب، واستدل أصحاب هذا القول بأنّ الحديث الضعيف فيه احتمال الصواب، فإذا لم يُعارضه شيء قوي جانب الإصابة فيه فيُعمل به.
  • القول الثاني: ذهب يحيى بن معين، والإمام البخاري، والإمام مسلم، والحافظ أبو زكريا النيسابوري، وأبو زرعة الرازي، وابن حبان، وابن حزم، وابن تيمية، والإمام الشوكاني، والإمام الألباني، إلى أنّه لا يُعمل بالحديث الضعيف مُطلقاً لا في الأحكام، ولا في فضائل الأعمال، واستدل أصحاب هذا القول بأنّ الحديث الضعيف يُفيد الظنّ المرجوح، وقد ذمّ الله سبحانه وتعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم الظنّ، كما أنّه في الحديث الصحيح ما يُغني عن الحديث الضعيف.
  • القول الثالث: ذهب بعض المحدّثين والفقهاء إلى أنّه لا يُحتج بالحديث الضعيف في باب الأحكام، ويُحتج به في باب فضائل الأعمال، والترغيب والترهيب، واشترط أصحاب هذا القول للعمل بالحديث الضعيف في باب الفضائل شروطاً وهي: ألا يكون الضعف شديداً، وأن يكون الضعيف مندرجاً تحت أصل عام معمول به، وألا يُعتقد ثبوته عند العمل به، وأن يكون موضع العمل به في فضائل الأعمال، وألا يُعارض حديثاً صحيحاً، وألا يُعتقد سُنّية ما يدل عليه، وألا يُشتهر العمل به، فيظن الجاهل أنّه سنة صحيحة.

أنواع الحديث الضعيف

ينقسم الحديث الضعيف باعتبار فقده واحدة من صفات الصحة أو أكثر أو جميعها إلى أنواع عديدة منها:

  • الموضوع: هو الحديث الذي يكون فيه طعن في الراوي بسبب كذبه على الرسول صلى الله عليه وسلم.[١٧]
  • المقلوب: وهو الحديث الذي يكون فيه إبدال لفظ بلفظ آخر، سواء كان الإبدال في سند الحديث، أو في متنه، بتقديم، أو تأخير.[١٨]
  • الشاذ: هو الحديث الذي خالف فيه الراوي الموصوف بالضبط من هو أضبط منه.[١٩]
  • المعلّل: الحديث الذي وُجدت فيه علة تقدح في صحته، مع الظاهر سلامته منها؛ كأن يكون سبب الطعن في الراوي هو الوهم.[٢٠]
  • المضطرب: الحديث الذي يكون بين رواياته اضطراب؛ بحيث تكون رواياته مختلفة، ولا يمكن الجمع بينها لتساويها في القوة.[٢١]
  • المرسل: وهو الحديث الذي سقط من إسناده الراوي الذي بعد التابعي؛ أي الصحابي.[٢٢]
  • المنقطع ويُعرّف بأنّه سقوط رجل من إسناد الحديث، أو وجود رجل مبهم في الإسناد.[٢٣]
  • المعضل ويُعرّف بأنّه ما سقط من إسناده اثنان فأكثر.[٢٤]

المراجع

  1. ابن منظور (1414هـ)، لسان العرب (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار صادر، صفحة 131، جزء 2، بتصرّف.
  2. زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي (1999)، مختار الصحاح (الطبعة الخامسة)، بيروت: المكتبة العصرية، صفحة 68، بتصرّف.
  3. سورة النساء، آية: 87.
  4. سورة البقرة، آية: 76.
  5. سورة الزمر، آية: 23.
  6. سورة الطور، آية: 34.
  7. سورة سبأ، آية: 19.
  8. د. عبد الكريم الخضير (1425هـ)، الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به (الطبعة الأولى)، السعودية: دار المنهاج، صفحة 11-12، بتصرّف.
  9. عمرو عبد المنعم سليم (2000)، تيسير علوم الحديث للمبتدئين (الطبعة الرابعة)، مصر: دار الفاروق الحديثة، صفحة 12، بتصرّف.
  10. السخاوي (2003)، فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي (الطبعة الأولى)، مصر: مكتبة السنة، صفحة 22، جزء 1.
  11. محمود طحان (2004)، تيسير مصطلح الحديث (الطبعة العاشرة)، بيروت: مكتبة المعارف، صفحة 23-76، بتصرّف.
  12. د. عبد الكريم الخضير (1425هـ)، الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به (الطبعة الأولى)، السعودية: دار المنهاج، صفحة 25-30. بتصرّف.
  13. أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (1987)، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (الطبعة الرابعة)، بيروت: دار العلم للملايين، صفحة 1390، جزء 4، بتصرّف.
  14. د. عبد الكريم الخضير (1425هـ)، الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به (الطبعة الأولى)، السعودية: دار المنهاج، صفحة 56-57. بتصرّف.
  15. د. عبد الكريم الخضير (1425هـ)، الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به (الطبعة الأولى)، السعودية: دار المنهاج، صفحة 62-63. بتصرّف.
  16. د. عبد الكريم الخضير (1425هـ)، الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به (الطبعة الأولى)، السعودية: دار المنهاج، صفحة 249-274. بتصرّف.
  17. محمود الطحان (2004)، تيسير مصطلح الحديث (الطبعة العاشرة)، بيروت: مكتبة المعارف، صفحة 111. بتصرّف.
  18. محمود الطحان (2004)، تيسير مصطلح الحديث (الطبعة العاشرة)، بيروت: مكتبة المعارف، صفحة 134. بتصرّف.
  19. ابن كثير (1996)، الباعث الحثيث شرح اختصار الحديث (الطبعة الأولى)، السعودية: مكتبة المعارف، صفحة 179، جزء 1. بتصرّف.
  20. محمود الطحان (2004)، تيسير مصطلح الحديث (الطبعة العاشرة)، بيروت: مكتبة المعارف، صفحة 125. بتصرّف.
  21. ابن كثير (1996)، الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث (الطبعة الأولى)، السعودية: مكتبة المعارف، صفحة 221، جزء 1. بتصرّف.
  22. محمود الطحان (2004)، تيسير مصطلح الحديث (الطبعة العاشرة)، بيروت: مكتبة المعارف، صفحة 87. بتصرّف.
  23. ابن كثير (1996)، الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث (الطبعة الأولى)، السعودية: مكتبة المعارف، صفحة 162، جزء 1. بتصرّف.
  24. ابن كثير (1996)، الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث (الطبعة الأولى)، السعودية: مكتبة المعارف، صفحة 167، جزء 1. بتصرّف.