من هو صاحب سر الرسول

برز من بين صحابة رسول الله عليه الصّلاة والسّلام رجلٌ قلّ نظيره ووجوده بين الرّجال؛ فهو رجلٌ اتّصف بصفات الكتمان والحرص على الأسرار والأمانة الشّديدة التي أهّلته بجدارة واستحقاق أن يظفر بلقب صاحب سر رسول الله عليه الصّلاة والسّلام، وإنّ معنى أن يسرّ النّبي الكريم إلى أحدٍ من أصحابه سرًّا فهذا يعني توسّم النّبي ويقينه بهذه الشّخصية العظيمة التي لا يمكن أن تبوح يومًا بسرٍ من الأسرار، فمن هو هذا الصّحابي الجليل؟ وما هي أبرز محطّات حياته؟

مولد ونشأة حذيفة بن اليمان

ولد الصّحابي الجليل حذيفة بن اليمان في مكّة المكرّمة ولم يعرف على التّحديد سنة مولده فيها، وقد كان أبوه حسل أو حسيل بن جابر أحد الصّحابة الذين بايعوا رسول الله عليه الصّلاة والسّلام، وقد كان حسيل مقيمًا في مكّة المكرّمة ولكن حصل بينه وبين رجلٍ شجار فقتله، فلجأ حسيل إلى المدينة المنوّرة حيث سكن بين بني عبد الأشهل وتزوّج منهم أم حذيفة واسمها الرّباب التي كانت أيضًا ممّن بايع النّبي عليه الصّلاة والسّلام قبل مجيئه إلى المدينة المنوّرة، وقد كان حذيفة بن اليمان يَعتبر نفسه من المهاجرين والأنصار لأنّه ولد في مكّة وكان من ذرّية من بايع النّبي في المدينة .

حذيفة صاحب السّر

كان حذيفة بن اليمان مقرّبًا من النّبي عليه الصّلاة والسّلام حتّى أنّ النّبي أسرّ له يومًا بأسماء جميع المنافقين في المدينة المنوّرة ولم يسرّها إلى أحدٍ من صحابته فسمّي حذيفة لذلك صاحب سر رسول الله، وقد بقي حذيفة محافظًا على هذا السّرّ ولم يخبر أحدًا بأيّ اسمٍ من أسماء المنافقين حتّى توفي رضي الله عنه وأرضاه، وقد كان سيّدنا عمر رضي الله عنه يتتبّعه حينما يريد الصّلاة على الرّجال فإذا وجده قد أتى ليصلّي على أحدهم صلّى، وإن رآه تخلّف عن الصّلاة تخلّف، كما طلب الفاروق منه مرّةً أن يخبره فيما إذا كان في عمّاله أحد من المنافقين فيأبى حذيفة أن يفشي سرّ رسول الله له، وقد ألحّ عمر يومًا عليه بقوله أنشدك الله أذكرني الله في المنافقين، ولما رأى حذيفة حرصه وخشي عليه قال له، لا ، ولا أقولها لأحدٍ من بعدك .

مواقف حذيفة بن اليمان

كانت لحذيفة بن اليمان الكثير من المواقف التي تدلّ على بطولته وشجاعته وأمانته؛ ففي غزوة أحد رأى أحد المسلمين يقتل أباه خطأ فلم يزد على أن يقول لهم، يغفر الله لكم إنّه هو الغفور الرّحيم، كما شارك في المعارك كلّها ما عدا بدر لعذرٍ له، وقد تولّى المدائن في عهد عمر حتّى وفاته سنة ستّة وثلاثين للهجرة .