ما هو لقب عثمان بن عفان

صحابة الرّسول

كان من أبرز عوامل نشر رسالة الإسلام والدعوة إليها أن هيّأ الله -سبحانه وتعالى- رجالاً قلّ نظيرهم؛ من حيث الصَّلاح، والتقوى، والقوة في مواجهة الباطل، والعزم على نصر الحقّ، وقد كان من أبرزهم وأشدّهم إيماناً بالله وأكثرهم قُرباً من النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الصحابي الجليل عثمان بن عفّان رضي الله عنه، فقد عُرف عنه تحلّيه بالعديد من الخِصال الحسنة والصفات الحميدة، ولُعثمان بن عفّان -رضي الله عنه- لقب اشتُهِر به، فما هو لقبه، ولمَ لُقّب به؟

عثمان بن عفّان

للتعريف بالصحابيّ عثمان بن عفّان، لا بدّ من بيان نسبه ومولده، وبيانهما فيما يأتي:[١]

  • نسب عثمان بن عفّان: هو عثمان بن عفّان بن أبي العاص بن أميّة بن عبد شمس القرشيّ الأمويّ، ويُكنّى بأبي عبد اللَّه، ويُكنّى أيضاً بأبي عمر، أمّا أُمّه فهي أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وكانت قد أسلمت قبل وفاتها، وأمّها هي البيضاء بنت عبد المطلب، عمّة النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم.
  • مولد عثمان بن عفّان: وُلِد الصحابي الجليل عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- بعد عام الفيل بما يقارب ست سنوات، وكان يتّصف بالعديد من الصفات الخَلقيّة؛ فكان ربعةً في الجسم، وكان جميل الوجه حَسنَاً وضيئاً، وكانت بشرته رقيقةً ولحيته كبيرة، وكان منكباه متباعدين عن بعضهما.

لقب عثمان بن عفّان

لُقِّب عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- بذي النّورين؛ ويرجع سبب ذلك إلى أنّه تزوّج بابنتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهما رقيّة وأُمّ كلثوم، فبعد أن تزوّج عثمان برقيّة بنت محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- وتوفّيت، زوّجه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأختها أُمّ كلثوم، وفي ذلك قال عبد الله بن عمر: (قال لي خالي حسين الجعفي: يا بُنيّ، أتدري لما سُمِّي عثمان ذا النورين؟ قُلت: لا أدري، قال: لم يجمع بين ابنتي نبيّ منذ خُلِق آدم إلى أن تقوم الساعة غير عثمان بن عفّان، فلذلك سُمِّي ذا النورَيْن).[٢]

زواج عثمان بابنتي رسول الله

كانت رقيّة وأمّ كلثوم ابنتا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- زوجتين لابنَي أبي لهب عتبة وعُتيبة، فلمّا نزلت سورة المسد وشهّرت بأبي لهب وزوجته، أمَرا ابنيهما بفراق ابنتي رسول الله، وكان ذلك قبل أن يدخلا بهما، ممّا كان فيه تكريم لابنتي الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- ومهانة لابنَي أبي لهب، ولمّا سمع عثمان -رضي الله عنه- بذلك فرح فرحاً شديداً، وذهب إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ليخطِب رقيّة، فقَبِل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك، وزفّتها خديجة أمّ المؤمنين رضي الله عنها، فكانت من أبهى النساء جمالاً وحُسناً، وكان عثمان كذلك من أبهى الرجال وأكثرهم وسامةً.[٢]

ولمّا توفّيت رقيّة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كان زوج حفصة بنت عمر بن الخطاب قد توفّي، فأراد عمر أن يزوّجها لعثمان وذكر له ذلك، فسكت عثمان عن الإجابة، لأنّه عَلِم أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يذكرها،[٢] وقد جاء في ذلك: (فأتى النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ- فذكَر ذلكَ لهُ، فقالَ: فأنا أتَزوَّجُ حَفصةَ، وأُزوِّجُ عُثمانَ أختَها أمَّ كُلثومٍ، فقالَ عمرُ: فنَعَم، فتزَوَّجَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ- حَفصةَ، وتزوَّجَ عُثمانُ أمَّ كُلثومٍ).[٣]

زوجات عثمان بن عفّان وأولاده

بلغ عدد زوجات عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- ثماني زوجات، وهذا لا يعني أنّهنّ اجتمعن في عصمته في وقت واحد، وهنَّ: رقيّة بنت محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وهي زوجته الأولى، وقد أنجبت له عبد الله، وكانت ولادته قبل الهجرة بعامين، ومات في السنة الرابعة من الهجرة النبويّة، فقد نقره ديك في وجهه قُربَ عينه، وأخذ مكان تلك النقرة يتَّسع حتى توفّي، وكان عمره ما يقارب ست سنوات، ثمّ تزوّج عثمان بأمّ كلثوم بنت محمّد صلّى الله عليه وسلّم، أمّا زوجته الثالثة فهي فاختة بنت غزوان، أخت الأمير عتبة بن غزوان، وقد أنجبت عبد الله الأصغر.[٢]

والزوجة الرابعة هي أمّ عمرو بنت جندب الأزديّة، وأنجبت عَمْراً، وخالداً، وأبان وعُمَرَ، ومريم، أمّا زوجته الخامسة فهي فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس بن المغيرة المخزوميّة، وأنجبت من الأولاد ثلاثةً؛ هم الوليد، وسعيد، وأمّ سعد، وزوجته السادسة هي أمّ البنين بنت عيينة بن حصن الفزاريّة، وأنجبت عبد الملك، أمّا زوجته السابعة فهي رملة بنت شيبة بن ربيعة الأمويّة، وقد أنجبت ثلاث بناتٍ؛ هنّ عائشة، وأمّ أبان، وأمّ عمرو، وقد كانت رملة مُشركةً ثمّ أسلمت وبايعت النبي صلّى الله عليه وسلّم، وآخر زوجات عثمان هي نائلة بنت الفرافصة الكلبيّة، وكانت قبل أن يتزوّجها عثمان على النصرانيّة، ثمّ أسلمت قبل دخوله بها، وحَسُن إسلامها.[٢]

وفاة عثمان

كان عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- قبل وفاته بيوم صائماً، ونام على صيامه، حتّى إذا طلع فجر اليوم التالي جاءته زوجته نائلة بماءٍ عذبٍ من إحدى جاراتها، وعندما استيقظ قال لها: (إنّي قد أصبحت صائماً، وإنّ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- اطّلع عليّ من هذا السقف ومعه ماء عذب، فقال: اشرب يا عثمان، فشربْتُ حتّى رويتُ، ثمّ قال: ازدد، فشربْتُ حتّى نهلت، ثمّ قال: إنّ القوم سينكرون عليك، فإن قاتلتهم ظفِرتَ، وإن تركتَهم أفطرتَ عندنا)، وفي اليوم ذاته دخل عليه قتلتُه فقتلوه.[٤]

وبعد أن قُتِل عثمان رضي الله عنه، عثر قتلَتُه على ورقة كُتِب فيها: (هذه وصيّة عثمان، بسم الله الرحمن الرحيم، عثمان بن عفّان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ الجنّة حقّ، وأنّ النّار حقّ، وأنّ الله يبعث من في القبور ليومٍ لا ريب فيه، إنّ الله لا يُخلِف الميعاد، عليها نحيا، وعليها نموت، وعليها نُبعَث إن شاء الله تعالى).[٤]

المراجع

  1. ابن حجر (1415هـ)، الإصابة في تمييز الصحابة (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة: 377، جزء: 4. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج “عثمان بن عفّان”، www.islamstory.com، 21-7-2008، اطّلع عليه بتاريخ 1-1-2018. بتصرّف.
  3. رواه ابن حجر العسقلاني، في المطالب العالية، عن سعيد بن المسيب، الصفحة أو الرقم: 2/166، أصله في الصحيح.
  4. ^ أ ب “وفاة عثمان بن عفّان”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 1-1-2018. بتصرّف.