ما هي صلاة التراويح

صلاة التراويح

شُرِعت صلاة التراويح في آخر عهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلّم- بناءً على ظاهر المنقول بشأنها، وكانت بداية الأمر جماعة؛ ثمّ رأى النبي -عليه السلام- أنْ لا يصليها جماعة بالمسلمين؛ فقد صحّ من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنّه -عليه الصلاة والسلام- صلّاها بالناس ثلاث مرّات، وفي اليوم الرابع لم يخرج إليهم، فسأله بعض أصحابه عن ذلك، فقال: (خَشِيتُ أنْ تُفْتَرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والأمْرُ علَى ذلكَ)،[١]، ومن هنا رجّح بعض أهل العلم والمحققين أنّ صلاة التراويح شُرعت في آخر سنوات الهجرة؛ فلم تأتِ روايات أخرى تذكرُ أنّ النبيّ صلّاها جماعة بعد ذلك، كما لم يرد عنها سؤال.[٢]

وتُعَدّ صلاة التراويح من شعائر الإسلام العظيمة التي تُؤدّى في شهر رمضان المبارك، وقد أجمع العلماء على أنّها سُنّة مُؤكّدة، ووردت الكثير من الأحاديث في بيان فضل هذه الصلاة، منها قول النبيّ: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ، فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)،[٣] فصلّاها النبيّ وصلّاها الصحابة معه جماعة أياماً، ثمّ جرتْ السّنة على أنْ يُصليها المسلمون منفردين، واستمر الأمر كذلك بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، رآهم يُصلّون مُتفرّقين، ورأى أنّ بعضهم لا يحسن القراءة؛ فجمعهم على إمام، ورأى أنّ ذلك أفضل من صلاتهم مُتفرّقين، وكان ذلك أوّل اجتماع للمسلمين على إمام واحد في صلاة التراويح باستثناء تلك الليالي التي صلّاها المسلمون جماعة بإمامة النبي -صلى الله عليه وسلم-.[٤]

للمزيد من التفاصيل عن حكم صلاة التراويح الاطّلاع على مقالة: ((حكم صلاة التراويح)).

سبب تسمية صلاة التراويح بهذا الاسم

التّراويح جمعُ ترويحة، وفي لغة العرب تُطلق في الأصل على الجلسة مُطلقاً، ومن هنا سُمّيت الجلسة التي تأتي بعد كلّ أربع ركعات من قيام ليالي رمضان ترويحة، حيث يجلسُ المصلّون للاستراحة بين كلّ أربع ركعات، ثمّ تعارف المسلمون على قيام رمضان بصلاة التراويح مجازاً،[٥] واتّفق الفقهاء على مشروعيّة هذه الاستراحة؛ لورودها عن السلف؛ لأنّهم كانوا يُطيلون القيام في صلاة التراويح، فيجلسون للاستراحة، وقد ذهب الحنفية إلى أنّ حُكم هذه الاستراحة مندوب، وعلى المُصلّي إشغالها بالسكوت، أو الصلاة، أو التسبيح، أو قراءة القرآن، في حين يرى الحنابلة بجواز ترك الاستراحة بعد كلّ أربع ركعات، ولا يُسَنّ لمَن جلس للاستراحة أن يدعو بدعاء مُعيَّن.[٦]

للمزيد من التفاصيل عن سبب تسمية صلاة التراويح الاطّلاع على مقالة: ((لماذا سميت صلاة التراويح بهذا الإسم)).

مشروعيّة الجماعة في صلاة التراويح

اتفق جمهور أهل العلم على مشروعية الجماعة في صلاة التراويح؛ لما ثبت من فعل النبي -عليه السلام- كما سبق الإشارة، ولفعل الصحابة الكرام منذ زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ولاستمرار العمل بذلك عبر التاريخ الإسلامي حتى الآن، بل ذهب أهل العلم إلى أنّ أداء صلاة التراويح جماعة سنّة، وفصّلوا في ذلك؛ فالحنفية قالوا بأنّ صلاة التراويح بالجماعة سنّة على الكفاية في الأصح، فإنْ تركها الكل فقد أساءوا، ولو تركها رجلٌ من أفراد الناس وأدّاها في بيته فقد ترك الفضيلة، حتى وإنْ كانت صلاته في بيته جماعة فإنّه لا يتحصّل على فضل جماعة المسجد، أمّا المالكية فقد ندبوا صلاة التراويح في البيت؛ لحديث النبيّ بتفضيل صلاة السنّة في البيت إن لم يكن هناك تعطيل لها في المساجد، وأن لا يكون تركها تكاسلاً وقعوداً عن الصلاة نتيجة عدم خروجه إلى المسجد، وأن يكون غير آفاقي* الحرمين، وما عدا ذلك فالصلاة له في المسجد أفضل، ويرى الشافعية سُنّية الجماعة في صلاة التراويح، أمّا الحنابلة فيَرون تفضيل صلاتها جماعة على صلاتها فُرادى، وإن تعذّر عليه أن يُصلّيها في الجماعة، فله أن يُصلّيها وحده.[٦]

للمزيد من التفاصيل عن مشروعية صلاة التراويح الاطّلاع على مقالة: ((من الذي جمع الناس في صلاة التراويح)).

وللمزيد من التفاصيل عن صلاة الجماعة الاطّلاع على مقالة: ((تعريف صلاة الجماعة)).

وقت صلاة التراويح

يرى جمهور الفقهاء أنّ وقت صلاة التراويح يكون من بعد صلاة العشاء، وقبل صلاة الوتر؛ لأنّها سُنّة تابعة للعشاء، ويمتدّ وقتها إلى قبل طلوع الفجر؛ لفعل الصحابة، وقد نُقِل ذلك عنهم، ومن صلّاها بعد المغرب وقبل العشاء فإنّها لا تُجزئ عن التراويح، وتكون بمقام النافلة كما يرى المالكية، وفي رواية عند الحنفية أنّها تُجزئ عن صلاة التراويح؛ لأنّ وقتها جميع الليل واسمها قيام الليل، وأفضل وقتها يكون بعد ثلث الليل أو نصفه عند الحنفية والشافعية، وفي رواية عند الحنفية أنّها تُكرَه بعد نصف الليل؛ لأنّها تبعٌ للعشاء، والأصحّ عندهم أنّها لا تُكرَه والأفضل تأخيرها إلى آخر الليل، ويرى الحنابلة أنّ أفضل أوقاتها أوّل الليل؛ اتِّباعاً لفعل الناس في عهد عمر،[٦] وهي تصحّ قبل الوتر وبعده دون كراهة، إلّا أنّ الأفضل أن تكون قبله باتّفاق الجمهور، وخالف المالكية في ذلك فقالوا بأنّها تُصلّى قبل الوتر، وبعد العشاء، ويُكرَه تأخيرها عن الوتر؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ باللَّيْلِ وِتْرًا)،[٧] وإن خرج وقتها فإنّها لا تُقضى على قول الجمهور، في حين يرى الشافعية جواز قضائها.[٨]

للمزيد من التفاصيل عن مقالات ذات علاقة بوقت صلاة التراويح الاطّلاع على المقالات الآتية:

عدد ركعات صلاة التراويح

الأفضل في صلاة التراويح أن تُصلّى إحدى عشرة ركعة؛ لفعل النبيّ؛ فقد ورد عنه أنّه كان لا يزيد في رمضان، ولا في غيره عن ذلك، إذ وصفت السيّدة عائشة صلاة النبيّ في رمضان فقالت: (ما كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً)،[٩] ومن زاد على ذلك فهو جائز، وتُراعى في ذلك أحوال الناس، واستطاعتهم،[١٠] وقد أجمع العلماء على عدم حصر صلاة التراويح في عدد مُعيَّن، إلّا أنّهم اختلفوا في أفضليّة الزيادة، وعدمها،[١١] وذهب الشافعي، وأبو حنيفة، وأحمد، وسفيان الثوري، وابن المبارك إلى أنّها عشرون ركعة؛ لفعل عمر وعليّ -رضي الله عنهما-، وله أن يُصلّيها ستّاً وثلاثين ركعة كما هو مشهور في مذهب الإمام مالك.[١٢]

للمزيد من التفاصيل عن مقالات ذات علاقة بكيفية صلاة التروايح وعدد ركعاتها الاطّلاع على المقالات الآتية:

فضل صلاة التراويح

لصلاة التراويح الكثير من الفضائل، منها:[١٣]

  • سبب لمغفرة الذنوب؛ لحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ، فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).[٣]
  • سبب لنيل أجر قيام ليلة لمَن صلّاها مع الإمام وبقي معه حتى ينصرف؛ لحديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ الرجلَ إذا صلَّى مع الإمامِ حتى ينصرفَ حُسِبَ له قيامُ ليلةٍ).[١٤]

للمزيد من التفاصيل عن فضل صلاة التراويح الاطّلاع على مقالة: ((فضل صلاة التراويح في رمضان)).


الهامش

* الآفاقي: وهو الذي كان منزله في مكّة، إلّا أنّه خارج مواقيت الإحرام.[١٥]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2012، صحيح.
  2. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت ، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دارالسلاسل، صفحة 139، جزء 27. بتصرّف.
  3. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 759، صحيح.
  4. “صلاة التراويح”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-2-2020. بتصرّف.
  5. “تعريف ومعنى تراويح في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-2-2020.
  6. ^ أ ب ت وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دارالسلاسل، صفحة 144-147، جزء 27. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 998، صحيح.
  8. عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري ( 2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت – لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 310، جزء 1. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1147، صحيح.
  10. “الأفضل في صلاة التراويح”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-2-2020. بتصرّف.
  11. “حكم القول بأن صلاة التراويح بإحدى عشرة ركعة لا تجوز”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-2-2020. بتصرّف.
  12. “صلاة التراويح “، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-2-2020. بتصرّف.
  13. “فضل صلاة التراويح وأحكامها”، www.ar.islamway.net، 2013-07-30، اطّلع عليه بتاريخ 17-3-2020. بتصرّف.
  14. رواه الألباني، في قيام رمضان، عن أبو ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 20 ، صحيح.
  15. “ميقاتُ الآفاقيِّ وأحكامُه”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-3-2020. بتصرّف.