طريقة أداء فريضة الحج

الحج

يُعرّف الحجّ بأنّه التعبّد لله -تعالى- بقصد مكّة، في زمنٍ معينٍ؛ لأداء عبادةٍ مخصوصةٍ، وقد أوجب الله -تعالى- الحجّ على كلّ مسلمٍ، عاقلٍ، بالغٍ، حرٍّ، قادرٍ، مرةً واحدةً في العمر، وكان ذلك في العام التاسع للهجرة، حيث قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)،[١] ويعتبر الحجّ ركناً من أركان الإسلام، مصداقاً لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (بنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلهَ إلّا اللهُ، وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ)،[٢] وللحجّ فضائل عظيمةٌ منها؛ تكفير الذنوب والمعاصي، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن حجَّ للهِ، فلم يَرفُث ولم يَفسُقْ، رجَع كيوم ولدَته أمُّه).[٣][٤]

كيفية أداء فريضة الحج

ممّا يدلّ على سهولة الدين أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أمر بأداء العمرة والحجّ في سفرٍ واحدٍ، وإنّ لأداء فريضة الحج، ينبغي اتباع الخطوات الآتية:[٥]

  • الإحرام من الميقات: يستحبّ عند الإحرام الاغتسال، والتطيّب؛ وذلك اقتداءً بفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولأنّ النبي أمر أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- بأن تغتسل عندما نفست في ذي الحليفة، حيث قال لها: (اغتسِلي، واستثفِري بثوبٍ وأحرمي)،[٦] وبعد الاغتسال والتطيّب، يجب خلع المخيط من الثياب، وارتداء ملابس الإحرام؛ وهي رداءٌ وإزارٌ، ويُسنّ صلاة ركعتين، وقول:(لبيك عمرة)، ثمّ الإحرام، ومن الجدير بالذكر أنّ الإحرام نية الدخول بالنسك، والنيّة محلّها القلب، لذلك لا يُشترط ولا يُستحبّ التلفّظ بالنية، ثمّ يُشرع في التلبية؛ وهي قول: (لبيكَ اللهمَّ لبيكَ، لبيكَ لا شريكَ لك لبيكَ، إنَّ الحمدَ والنعمةَ لك والمُلْكُ، لا شريكَ لك)، ويُستحبّ للرجال رفع الصوت في التلبية، والإكثار منها، وبالأخصّ عند الصلوات المفروضة، أو عند علو مرتفعٍ، أو الهبوط في وادي، وفي آخر الليل، أو عند التقاء الركبان.
  • دخول مكة: يُستحبّ الاغتسال قبل دخول مكة، ودخولها من أعلاها نهاراً، ودخول المسجد من باب السلام إن تيسّر ذلك؛ لأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- دخل من باب بني شيبة الذي أُزيل منذ زمنٍ، وأصبح باب السلام مكانه.
  • الطواف: عند دخول الحرم يتم التوجّه إلى الكعبة المشرفة، والبدء بالطواف، ويشترط الوضوء لصحّة الطواف، ويستحبّ استلام الحجر الأسود وتقبيله، فإن كان في ذلك مشقةٌ، فيجوز استقباله والإشارة إليه، ومن السنة الرمل، والاضطباع خلال الطواف، والاضطباع: هو جعل وسط الرداء تحت العاتق الأيمن، وطرفيه على العاتق الأيسر، ويكون الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى؛ وهو المشي السريع، وذلك خاصّ بالرجال، وعند المرور من محاذاة الركن اليماني، يُستحبّ استلامه إن أمكن، ويتم الطواف بسبعة أشواطٍ، وفي حال الشك في العدد يُبنى على الأقل، ثمّ يصلّي الحاجّ بعد ذلك ركعتين خلف مقام إبراهيم بعد الطواف.
  • السعي بين الصفا والمروة: بعد الانتهاء من الطواف، يتم الخروج إلى الصفا، والصعود عليه حتى تُشاهد الكعبة، فتستقبل ويكبّر الحاجّ الله ثلاثاً، ثمّ يقول: (لا إله إلّا اللهُ وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمد وهو على كل شيءٍ قديرٌ، لا إله إلّا اللهُ وحده، أنجز وعدَه، ونصر عبدَه، وهزم الأحزابَ وحدَه)، ثمّ الدعاء بما تيسّر، ثمّ النزول إلى المروة مشياً، ويستحبّ المشي السريع بين العلمين، وعند الوصول إلى المروة، يُفعل عليه كما فُعل على الصفا، ويتم السعي بسبعة أشواطٍ، وبعدها يتم التحلّل من الإحرام؛ بالحلق أو التقصير.
  • الإحرام في يوم التروية: يتم الإحرام للحجّ من أيّ موقعٍ في مكة، ويستحبّ التوجّه بعدها إلى منى، وصلاة الظهر والعصر، والإقامة إلى الليل والمبيت هناك إن تيسّر ذلك.
  • الوقوف بعرفة: في صباح اليوم التالي يجب التوجّه إلى عرفة؛ إذ إنّ الوقوف في عرفة ركنٌ من أركان الحجّ، ولا يتم الحجّ إلّا به، ويستحبّ المرور بنمرةٍ، والإقامة فيها حتى زوال الشمس، ثمّ صلاة الظهر والعصر جمعاً، ثمّ الوقوف في عرفاتٍ، ومن الجدير بالذكر أنّ عرفة كلّها موقفٌ، فيجوز الوقوف في أيّ مكانٍ فيها، إلّا بطن عرنةٍ، ثمّ يُشرع بذكر الله تعالى، والإكثار من الدعاء إلى غروب الشمس.
  • الدفع إلى مزدلفة: بعد غروب الشمس يتم الدفع من عرفات إلى مزدلفة، بخشوعٍ، وسكينةٍ، وعند الوصول إلى المزدلفة، تؤدّى صلاة المغرب والعشاء جمعاً، ويتم المبيت فيها، وفي اليوم التالي تؤدّى صلاة الفجر، ثمّ يتم التوجّه إلى المشعر الحرام؛ حتى يُحمد الله تعالى، ويُكبّر عنده.
  • الدفع إلى منى، ورمي جمرة العقبة: يتم الخروج من مزدلفةٍ إلى منى قبل شروق الشمس، ويُستحبّ الإسراع عند وصول وادي محسرٍ، وعند الوصول إلى منى، يُشرع في رمي جمرة العقبة، ويكون الرمي بسبع حصياتٍ، ويُكبّر الله مع كلّ رميةٍ، وبعدها يُنحر الهدي، ويُحلق الرأس أو يُقصّر، ويتم بذلك التحلّل الأول من الإحرام، ويحلّ للمحرم كلّ شيءٍ إلّا النساء.
  • طواف الإفاضة: يجب بعد ذلك الطواف بالبيت طواف الزيارة؛ حيث إنّه ركنٌ من أركان الحجّ، ويستحبّ بعده الشرب من ماء زمزم، ثمّ العودة إلى منى، وقد تحلّل المُحرم من إحرامه، وحلّ له كلّ شيءٍ.
  • المبيت في منى: عند العودة إلى منى يجب المبيت فيها ليالي أيّامها.
  • رمي الجمرات: يجب رمي الجمرات في كلّ يومٍ من أيام التشريق، وذلك بعد زوال الشمس، حيث يُبدأ بالجمرة الأولى؛ وهي أبعد جمرةٍ عن مكة، فتُرمى بسبع حصياتٍ، ثمّ يُشرع في الدعاء، ويُستحبّ الإطالة فيه، وبعدها يتم التوجّه إلى الجمرة الوسطى، ورميها بسبع حصياتٍ، والدعاء عندها، ثمّ التوجّه إلى جمرة العقبة، ورميها من غير التوقّف عندها، ويجوز للمريض، أو العاجر أن يوكّل من يرمي عنه الجمرات.
  • طواف الوداع: هو آخر عملٍ من أعمال الحجّ، حيث يتم الخروج من مكة بعده.

الأخطاء المتكررة في الإحرام

ثمة أخطاءٌ ومخالفاتٌ تحصل من بعض الحجّاج، فلا بدّ من التنبيه عليها لعدم الوقوع فيها، وفيما يأتي بيان بعضها:[٧]

  • عدم معرفة حقيقة الإحرام؛ حيث يعتقد البعض أنّ الإحرام مجرد لباسٍ، والصحيح أنّه نية الدخول في النسك، ويعتقد آخرون أنّ الصلاة قبل الإحرام شرطٌ لصحّته، والحقيقة أنّها مستحبةٌ عند أكثر العلماء.
  • تجاوز الميقات من دون إحرامٍ، والواجب الإحرام من الميقات.
  • الإحرام بالجوربين، أو الخفين؛ والصحيح الإحرام بالنعلين، ولا يصحّ الإحرام بالجوربين، ولا بالخفين؛ إلّا في حال عدم توفر النعلين.

المراجع

  1. سورة آل عمران، آية: 97.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1521، صحيح.
  4. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (1430 هـ – 2009 م )، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيت الأفكار الدولية، صفحة 218-220. بتصرّف.
  5. محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي (1423هـ-2002م)، منسك الحج (الطبعة الأولى)، السعودية: دار الوطن، صفحة 20-52. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1218، صحيح.
  7. عبد الله بن محمد البصيري، الحج والعمرة والزيارة (الطبعة الثاني)، السعودية: مكتبة الملك فهد الوطنية، صفحة 87،88. بتصرّف.