كيفية صلاة قيام الليل والوتر

النّوافل

تعدّ النوافل من أفضل الأعمال بعد الفرائض، التي يتقرّب بها العبد من ربّه، حيث قال الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عن ربّه -عزّ وجلّ-: (مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ)،[١] ومن أفضل النّوافل؛ قيام الليل، الذي يعدّ صفةً من صفات عباد الله الصالحين، المبشّرين بالجنّة، كما أنّه علامةٌ على الإيمان، ولذلك كانت صلاة النّافلة من أفضل وأعظم الأعمال عند الله.[٢]

كيفيّة صلاة قيام الليل والوتْر

تتعدّد كيفيّات أداء صلاة قيام الليل والوتْر الواردة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وفيما يأتي بيان تلك الكيفيات:

  • أداء قيام الليل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعةً، على أن تُصلّى اثنتَين اثنتَين، سواءً صُلّيت دفعةً واحدةً، أم على التراخي، وتُختم بركعة وتْرٍ واحدةٍ، وما سبق من البيان من أفضل الكيفيات،[٣] لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَجُلًا، جَاءَ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَخْطُبُ، فَقَالَ: كيفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فأوْتِرْ بوَاحِدَةٍ، تُوتِرُ لكَ ما قدْ صَلَّيْتَ قَالَ الوَلِيدُ بنُ كَثِيرٍ: حدَّثَني عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ عبدِ اللَّهِ، أنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُمْ: أنَّ رَجُلًا نَادَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو في المَسْجِدِ)،[٤] ويُمكن أداء ثلاثة عشر ركعةً؛ ثمان ركعاتٍ منها قيامٌ، والخمسة الباقية وترٌ، والجلوس مرّةً واحدةً في الرّكعة الخامسة فقط؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِن ذلكَ بخَمْسٍ، لا يَجْلِسُ في شيءٍ إلَّا في آخِرِهَا).[٥][٦]
  • أداء أربع ركعاتٍ من قيام الليل بسلامٍ واحدٍ، ثمّ مثلهنّ بسلامٍ واحدٍ، ثمّ أداء ثلاث ركعات وتْرٍ، لحديث أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كيفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في رَمَضَانَ؟ فَقالَتْ: ما كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا. قالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ: أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقالَ: يا عَائِشَةُ إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ ولَا يَنَامُ قَلْبِي).[٧][٨]

ويُمكن الجمع بين الوجوه المشروعة في قيام الليل الواردة في السنّة النبويّة، بأداء قيام الليل ركعتَين ركعتَين في بعض الأوقات، وأداء أربع ركعاتٍ بسلامٍ واحدٍ في أوقاتٍ أخرى؛ إحياء للسنّة من كلّ وُجوهها.[٨]

وسائل مُعينةٌ على قيام الليل

تتعدّد الوسائل التي يُمكن اللجوء إليها للاستمرار في قيام الليل، يُذكر منها:

  • دعاء الله -سُبحانه- التوفيق لقيام الليل، فمَن يقوم الليل يعدّ من عباد الله الصالحين، والدّعاء من أعظم الوسائل المُعينة على قيام الليل.[٩]
  • تَرْك الذّنوب نهاراً، إذ قيل لبعض السلف: “لا نستطيع قيام الليل، قال: أبعدتكم الذّنوب”.[١٠]
  • عدم الإكثار من الأَكْل.[١١]
  • حبّ الله -سُبحانه-، والتعلّق به؛ فمَن تعلق بأحدٍ؛ أحبّ أن يُلاقيه، ويُحادثه، ويشكو إليه.[١٢]
  • أخذ قيلولةٍ وقت الظّهيرة، وعدم السَّهر بعد العشاء، إلّا لمصلحةٍ شرعيّةٍ.[١٣]
  • الاستعانة بالوسائل التي تُعين على الاستيقاظ باكراً؛ مثل: المنبّه، وغيره.[١٤]
  • الإكثار من ذِكْر الله، فذاكر الله صاحب قلبٍ حيٍّ، ومَن كان قلبه حيٌّ، حيث قال الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ والذي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ).[١٥][١٦]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
  2. عبد المحسن بن محمد القحطاني (1427)، خطوات إلى السعادة (الطبعة الرابعة)، صفحة 77، جزء 1. بتصرّف.
  3. محمد المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد – صفة قيام الليل، صفحة 25، جزء 255. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 473، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 737، صحيح.
  6. عطية بن محمد سالم، شرح بلوغ المرام- هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل، صفحة 13، جزء 80. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1147، صحيح.
  8. ^ أ ب محمد بن إبراهيم بن عبدالله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيت الأفكار الدولية، صفحة 614-616، جزء 2. بتصرّف.
  9. محمد المختار الشنقيطي، دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي – الوسائل المعينة على قيام الليل، صفحة 27، جزء 37. بتصرّف.
  10. أحمد فريد، مجالس رمضان أحمد فريد – الأسباب الظاهرة المعينة على قيام الليل، صفحة 8، جزء 13. بتصرّف.
  11. ابن قدامة المقدسي (1978)، مختصر منهاج القاصدين – باب في قيام الليل وفضله والأسباب الميسرة لقيامه ونحو ذلك، دمشق: مكتَبَةُ دَارِ البَيَانْ، صفحة 67. بتصرّف.
  12. رقية بنت محمد المحارب، الإبانة عن أسباب الإعانة على صلاة الفجر وقيام الليل – فصل في الأسباب المعينة على قيام الليل، صفحة 32. بتصرّف.
  13. كمال بن السيد سالم (1993)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة – قيام الليل، القاهرة: المكتبة التوفيقية، صفحة 401، جزء 1. بتصرّف.
  14. عبدالله حماد الرسي، دروس للشيخ عبد الله حماد الرسي – وسائل تساعد على قيام الليل، صفحة 27، جزء 28. بتصرّف.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 6407، صحيح.
  16. وحيد بن عبد السلام بالي، الأمور الميسرة لقيام الليل، السعودية: دار الضياء للنشر والتوزيع، صفحة 69. بتصرّف.