ما هو طواف الإفاضة

طواف الإفاضة

يُستمَدّ تعريف طواف الإفاضة اصطلاحاً من المعنى اللغويّ للإفاضة، وهو: الدفع والزحف في المسير بشكل كبير، وهو مأخوذ في أصله من الصبّ واستعمل على سبيل الاستعارة؛ لبيان دَفع المسير، وهو بذلك: الطواف الذي يؤدّيه الحاجّ يوم النَّحر في مكّة المكرّمة بعد إفاضته من منطقة مِنى؛ حيث يطوف ثمّ يرجع إلى مِنى، وقد أُطلِقت على طواف الإفاضة عدّة أسماء؛ بالنظر إلى عدة اعتبارات، وذلك كما يأتي:[١]

  • طواف الإفاضة: وقد سُمِّي بذلك؛ لأنّه يأتي بعد إفاضة الحُجّاج من منطقة مِنى.
  • طواف الزيارة: وقد سُمِّي بذلك؛ لأنّ الحاجّ يأتي كالزائر إلى بيت الله الحرام؛ فيطوف ويرجع إلى منى ولا يُقيم بمكة.
  • طواف الصَّدر: وهو اسم يُطلَق على طواف الوداع أيضاً، وقد سُمِّي بذلك؛ لأنّه يُؤدّى بعد الرجوع من مِنى.
  • طواف الفرض: أو طواف الواجب، أو طواف الرُّكن، وقد سُمِّي بهذه الأسماء؛ بالنظر إلى حُكمه.

حُكم طواف الإفاضة

اتّفقَ الفقهاء على أنّ طواف الإفاضة هو رُكن من أركان الحجّ لا يتمّ الحج إلّا بالإتيان به؛ ودليل ذلك قوله -تعالى-: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)،[٢] وما رَوَته عائشة -رضي الله عنها- من قولها: (حَجَجْنَا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأفَضْنَا يَومَ النَّحْرِ، فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ فأرَادَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- منها ما يُرِيدُ الرَّجُلُ مِن أهْلِهِ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّهَا حَائِضٌ، قالَ: حَابِسَتُنَا هي، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ أفَاضَتْ يَومَ النَّحْرِ، قالَ: اخْرُجُوا)،[٣] واستدلّ العلماء من هذا الحديث على وجوب طواف الإفاضة، وأنّ من تركه عليه أن يعود من بلده مُحرِماً ويأتي به، ولا يجوز غير ذلك، ويأتي به في أيّ وقت.[٤]

كيفيّة طواف الإفاضة

تُعَدّ كيفيّة الطواف واحدة لأنواع الطواف جميعها؛ وهي أن يطوف المسلم ساتراً لعورته، ومُتطهِّراً سبعة أشواط يبدأ كلّ شوطٍ منها بالحجر الأسود، وينتهي عنده، بحيث يجعل الكعبة على يساره، ويكون الطواف خارج الكعبة وداخل المسجد.[٥]

وقت طواف الإفاضة

وقت ابتداء طواف الإفاضة

اختلف الفقهاء في وقت ابتداء طواف الإفاضة على قولَين، كما يأتي:[٦]

  • القول الأوّل: ذهب الحنفية، والمالكية، إضافة إلى الحنابلة في قول لهم إلى أنّ وقت ابتداء طواف الإفاضة يكون عند طلوع فجر يوم النَّحر بعد أن يرمي الحاجّ جمرة العقبة ويحلق؛ واستدلّوا بفِعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، فيما رواه عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- أَفَاضَ يَومَ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بمِنًى، قالَ نَافِعٌ: فَكانَ ابنُ عُمَرَ يُفِيضُ يَومَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَرْجِعُ فيُصَلِّي الظُّهْرَ بمِنًى وَيَذْكُرُ أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- فَعَلَهُ)؛[٧] فأداء الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لطواف الإفاضة يوم النَّحر دليل على أنّ هذا وقته.
  • القول الثاني: ذهب الشافعية، والحنابلة في المشهور عندهم إلى أنّ طواف الإفاضة يبدأ بعد نصف ليلة عيد الأضحى؛ واستدلّوا على ذلك بما رَوته أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-؛ إذ قالت: (أرسل رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ- بأمِّ سلمةَ ليلةَ النحرِ فرمت الجمرةَ قبلَ الفجرِ، ثم مضت فأفاضَت)؛[٨] فإذا كان رَمي الجمرات مُباحاً قبل الفجر، فيجوز أداء طواف الإفاضة أيضاً.

وقت استحباب طواف الإفاضة

أجمع الفقهاء على استحباب أن يُؤدّي الحاجّ طواف الإفاضة في وقت الضحى من يوم النَّحر في بداية اليوم، ويكون ذلك بعد رَمي الجمرات، والنَّحر، والحلق، وقد نقل الإجماعَ الإمام النوويّ؛ واستدلّوا بموافقة ذلك لفِعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-.[٩]

وقت انتهاء طواف الإفاضة

اتّفقَ الفقهاء على عدم وجود وقت مُعيَّن لانتهاء طواف الإفاضة؛ لعدم ورود نصٍّ شرعيّ يُحدّد ذلك، إلّا أنّهم اختلفوا في وجوب الدم، أو عدم وجوبه على من أَخَّر الطواف، وذلك على النحو الآتي:[١٠]

  • الحنفيّة: قالوا إنّ آخر وقت للطواف هو آخر أيّام النَّحر، ومن أَخَّره عن ذلك وجبَ عليه الدم؛ واستدلّوا بأنّ تأخير طواف الإفاضة يُوجب الدم كمَن تركه؛ بدليل أنّ من تجاوز الميقات ولم يُحرِم وجبَ عليه دم.
  • المالكيّة: ذهب المالكيّة إلى أنّ آخر وقت للطواف هو نهاية شهر ذي الحجّة، ومن أَخَّره عن ذلك وجبَ عليه دم؛ واستدلّوا بقوله -تعالى-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ)؛[١١] فأيّام شهر ذي الحجّة جميعها أوقات تُؤدّى فيها أعمال الحجّ، والتأخير عن ذلك يُوجِب الدم.
  • الشافعيّة والحنابلة: ذهب الشافعيّة والحنابلة إلى أنّ آخر وقت لطواف الإفاضة غير مُحدَّد، وتأخيره لا يُوجِب الدم؛ واستدلّوا بما رواه عبدالله بن عمرو أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لم يُسأل عن أمر قدَّمه حاجّ أو أَخَّره إلّا قال: (افْعَلْ ولَا حَرَجَ).[١٢]

شروط طواف الإفاضة

تتعيّن في طواف الإفاضة بعض الشروط، كما يأتي:

  • يُشترَط أن يكون طواف الإفاضة بعد الوقوف بعرفة، وإن أدّاه الحاجّ قبل عرفة لا يسقط عنه حتى يطوفه بعد الوقوف بعرفة؛ واستدلّ الفقهاء بفِعل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- الذي رواه عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- بقوله: (أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- أَفَاضَ يَومَ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بمِنًى، قالَ نَافِعٌ: فَكانَ ابنُ عُمَرَ يُفِيضُ يَومَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَرْجِعُ فيُصَلِّي الظُّهْرَ بمِنًى وَيَذْكُرُ أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- فَعَلَهُ).[٧][١٣]
  • يُشترَط أن يكون الحاجّ مُحرماً قبل طواف الإفاضة؛ وذلك لأنّ الإحرام يُعَدّ شرطاً لأعمال الحجّ جميعها.[١٤]

للمزيد من التفاصيل عن الطواف الاطّلاع على مقالة: ((طريقة الطواف)).

المراجع

  1. مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 293، جزء 2. بتصرّف.
  2. سورة الحج، آية: 29.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1733، صحيح.
  4. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا-دمشق: دار الفكر، صفحة 2205، جزء 3. بتصرّف.
  5. ابن النقيب المصري (1982)، عمدة السالك وعدة الناسك (الطبعة الأولى)، قطر: الشؤون الدينية، صفحة 134. بتصرّف.
  6. أيمن الذيابات، أوقات الطواف في الحج، صفحة 2304-2307. بتصرّف.
  7. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1308، صحيح.
  8. رواه ابن الملقن، في البدر المنير، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6/250، إسنادة صحيح.
  9. أيمن ذيابات، أوقات الطواف في الحج، صفحة 2309. بتصرّف.
  10. أيمن الذيابات، أوقات الطواف في الحج، صفحة 2310-2312. بتصرّف.
  11. سورة البقرة، آية: 197.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1737، صحيح.
  13. “الفصل الرابع: طوافُ الإفاضةِ”، www.dorar.net. بتصرّف.
  14. مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 294، جزء 2. بتصرّف.