أحكام التجويد كاملة

التّجويد

يُعرّف التجويد لغةً على أنه إتقان الشيء وإحسان صنعه، أو جعله جيداً،[١] أما اصطلاحاً فيُعرّف التجويد من الناحية التطبيقية على أنه إخراج كل حرف من مخرجه، وإعطائه حقه من الأحكام والصفات، ومن الناحية النظرية فيمكن القول أن علم التجويد علم يبحث في قواعد تصحيح التلاوة والتجويد، وهو من الناحية التطبيقية واجبٌ على كل مسلم، فيُثاب فاعله ويأثم تاركه، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)،[٢] ومن الجدير بالذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يقرؤون القرآن الكريم مجوّداً سجيّة من غير أن يحتاجوا إلى تعلم أحكام التجويد، لأنهم كانوا عرباً أقحاحاً، ولذلك لم يقم المقتضى لتدوين علم التجويد إلى أن دخل الأعاجم في الإسلام، ولم يُعرف مصطلح التجويد بمعنى العلم الذي يدرس مخارج الحروف وأحكامها إلا في حدود القرن الرابع الهجري، ولم يُعرف كذلك كتابٌ في التجويد قبل ذلك القرن.[٣][٤]

وقيل إن نشأة علم التجويد ترجع إلى عهد الصحابة رضي الله عنهم، حيث رُوي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: “جوّدوا القرآن، وزيّنوه بأحسن الأصوات”، كما قيل أيضاً إن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- تفطّن إلى أخطاء الأعاجم في اللغة العربية عندما دخلوا في الإسلام، فأمر أحد كبار التابعين واسمه أبو الأسود الدؤلي بوضع قواعد هذا العلم.[٣][٤]

أحكام التجويد كاملة

أحكام النون الساكنة والتنوين

هناك أربع أحكام ينبغي مراعتها عند التقاء النون الساكنة أو التنوين مع الأحرف الهجائية الأخرى، وفيما يأتي بيان هذه الأحكام:[٥]

  • الإظهار: يُعرّف الإظهار لغةً بالبيان، أما اصطلاحاً فيُعرّف على أنه إخراج الحرف من مخرجه من غير غنة، وينبغي إظهار النون الساكنة أو التنوين عند التقائها بأحد أحرف الإظهار، وهي: “الهمزة، والخاء، والحاء والهاء، والعين، والغين”، وهي مجموعة في أوائل كلمات “أخي هاك علما حازه غير خاسر”، وقد تلتقي النون الساكنة مع أحد أحرف الإظهار في نفس الكلمة، كما ورد في قول الله تعالى: (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ).[٦]
حيث التقت النون الساكنة مع الهمزة في: “ينأون”، وقد تلتقي النون الساكنة بأحد أحرف الإظهار في كلمتين منفصلتين، كما ورد في قول الله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا)،[٧] حيث التقت النون الساكنة بالهمزة في: “مَنْ آمَنَ”، أما التنوين فلا يلتقي بأحرف الإظهار إلا في كلمتين منفصلتين، كما ورد في قول الله تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)،[٨] حيث التقى التنوين بالهمزة في: “كُلٌّ آمَنَ”.
  • الإدغام: يُعرّف الإدغام لغةً على أنه إدخال الشيء في الشيء، أما اصطلاحاً فيُعرّف على أنه التقاء حرف ساكن بآخر متحرك، فيصيران حرفاً واحداً مشدداً، ويجب إدغام النون الساكنة والتنوين عند التقائها بأحد أحرف الإدغام، وهي: “الياء، الراء، الميم، اللام، الواو، النون”، والمجموعة في كلمة: “يرملون”، وتجدر الإشارة إلى أن الإدغام ينقسم إلى إدغامٍ بغنة، وإدغامٍ بغير غنة.
والغنة صوتٌ رخيم يخرج من الأنف، وأحرف الإدغام بغنة أربعة مجموعة في كلمة: “ينمو”، فإذا جاء بعد النون الساكنة أو التنوين أحد هذه الأحرف وجب إدغامها بغنة، كما ورد في قول الله تعالى: (وَمَن يَعمَل مِنَ الصّالِحاتِ وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلمًا وَلا هَضمًا)،[٩] حيث التقت النون الساكنة بحرف الياء في: “مَن يَعمَل”، أما الإدغام بغير غنة فأحرفه: “الراء، واللام”، فإذا جاء بعد النون الساكنة أو التنوين أحد هذاين الحرفين وجب إدغامها بغير غنة، كما ورد في قول الله تعالى: (قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأسًا شَديدًا مِن لَدُنهُ وَيُبَشِّرَ المُؤمِنينَ الَّذينَ يَعمَلونَ الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُم أَجرًا حَسَنًا)،[١٠] حيث التقت النون الساكنة مع حرف اللام في: “مِن لَدُنهُ”.
  • الإقلاب: يُعرّف الإقلاب لغةً على أنه تحويل الشيء عن وجهه، أما اصطلاحاً فهو جعل حرف مكان آخر مع مراعاة غنة الأول، ويجب الإقلاب عند التقاء النون الساكنة أو التنوين بحرف الإقلاب وهو حرف الباء، حيث تُقلب النون أو التنوين وتُلفظ ميماً، كما ورد في قول الله تعالى: (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)،[١١] حيث التقت النون الساكنة بالباء في كلمة: “أَنبَتْنَا”، والتقى التنوين مع الباء في: “زَوْجٍ بَهِيجٍ”.
  • الإخفاء: يُعرّف الإخفاء لغةً بالستر، أما اصطلاحاً فهو النطق بالحرف بصفةٍ بين الإدغام والإظهار، مع بقاء غنة النون الساكنة أو التنوين، وحروف الإخفاء هي ما تبقّى من الأحرف باستثناء أحرف الإظهار، وأحرف الإدغام، والإقلاب، وهي مجموعة في أوئل أحرف كلمات البيت القائل: “صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما، دم طيباً، زد في تقى، ضع ظالماً”، فيجب إخفاء النون الساكنة أو التنوين إذا التقت مع أحد أحرف الإخفاء.

أحكام الميم والنون المشددتين

يجب غنّ الميم والنون المشدّدتين مقدار حركتين، والحركة تعني المدة الزمنية اللازمة لقبض الأصبع أو فتحه، ويُطلق على كل منهما حرف أغنّ، أو حرف غنّة.[١٢]

أحكام الميم الساكنة

تُعرف الميم الساكنة على أنها الميم الخالية من الحركات، وثمة ثلاثة أحكام للميم الساكنة عند التقائها مع باقي الأحرف، ويمكن بيان هذه الأحكام فيما يأتي:[١٢]

  • الإخفاء: حيث يجب إخفاء الميم الساكنة عند التقائها بحرف الباء، كما في قول الله تعالى: (يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّـهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ)،[١٣] ويُطلق على هذا الحكم الإخفاء الشفوي لخروج حرفه من الشفة.
  • الإدغام: حيث يجب إدغام الميم الساكنة عند التقائها بحرف الميم، سواءً كانت الميم أصلية أو منقلبة عن نون ساكنة أو تنوين، كما في قول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا).[١٤]
  • الإظهار: حيث يجب إظهار الميم الساكنة عند التقائها بكل الأحرف باستثناء حرفي الإدغام والإخفاء، وهما الميم والباء.

المدود

يُعرّف المد لغةً بالمطّ والزيادة، أما اصطلاحاً فيُعرّف على أنه إطالة الصوت بأحد أحرف المد الثلاثة وهي: (الألف الساكنة المفتوح ما قبلها، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها)، وينقسم المد إلى قسمين رئيسيين وهما: المد الفرعي، والمد الطبيعي، وفيما يأتي بيانهما:[١٥]

  • المد الطبيعي: هو المد الذي لا يتوقف على سبب، ولا تقوم ذات الحرف إلا به، ومنه ما يثبت وصلاً دون الوقف، ومنه ما يثبت وقفاً دون الوصل، ومنه ما يثبت وصلاً ووقفاً.
  • المد الفرعي: يُقسم المدّ الفرعي إلى قسمين اثنين يأتي بيانهما فيما يأتي:
    • مد فرعي بسبب الهمر: ويُقسم أيضاً إلى أنواع، وهي:
      • البدل وشبيه البدل: أمّا البدل فجاءت تسميته من ضرورة إبدال الهمزة الثانية إلى حرف مدّ من جنس الهمزة الأولى، وذلك في حال كانت الهمزة الأولى ساكنة والثانية متحركة، ومن الأمثلة على ذلك “أوتوا”، أمّا الشبيه بالبدل فهو المد الناجم عن حرف المد الواقع بعد الهمز، ويجدر بالذكر أنّ مدّ البدل وشبيه البدل يُمدّان بمقدار حركتين.
      • المد المتصل: يُطلق مصطلح المدّ المتصل على المد الناشئ عن التقاء حرف المد والهمزة في كلمة واحدة، بحيث تكون الهمزة بعد حرف المدّ، ويُمدّ أربع حركات كوجه مُقدّم في الأداء، ويجوز مدّه خمس حركات، وحكمه الوجوب.
      • المد المنفصل: وهو المد الناشئ عن التقاء حرف المد والهمزة بكلمتين مختلفتين، بحيث يكون حرف المد في نهاية الكلمة الأولى والهمزة في بداية الكلمة الثانية، وحكمه الجواز، ويجدر بالذكر أنّ الوقوف على الكلمة الأولى تُزيل سبب المدّ، أمّا في حال عدم الوقوف عليها فيمكن مدّها أربع أو خمس حركات، والمُقدّم مدّها أربع حركات، وقد عدّ العلماء مدّ الصلة من المدود التي تتبع المد المنفصل، ويتمثل مدّ الصلة بمدّ الهاء في آخر الكلمة عندما تتبعها همزة في بداية الكلمة التي تليها مباشرة.
    • مد فرعي بسبب السكون: يُقسم هذا المدّ أيضاً إلى أنواع يأتي بيانها فيما يأتي:
      • المد اللازم: حكمه الوجوب، ويُمدّ بمقدار ست حركات، وهو المد الناشئ عن التقاء حرف ساكن سكون أصليّ بحرف مدّ، بحيث يكون حرف المدّ هو الأول، ويُقسم إلى كلمي وحرفي، وكل منهما يُقسم إلى مثقّل ومُخفّف.
      • المد العارض للسكون: وقد سُمّي بهذا الاسم لأنّ السكون عارض بسبب الوقف، ولا يُعتبر المدّ عارضاً للسكون إلا في حال الوقوف على الكلمة التي يسبق آخر حرف فيها حرف مدّ.

المراجع

  1. “تعريف و معنى التجويد في معجم المعاني الجامع “، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2019. بتصرّف.
  2. سورة المزمل، آية: 4.
  3. ^ أ ب أبو الحسن هشام المحجوبي (4-2-2016)، “تعريف علم التجويد”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب فرغلي عرباوي (11-9-2005)، “نشأة علم التجويد وحال مصنفاته القديمة”، www.vb.tafsir.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2019. بتصرّف.
  5. “أحكام النون الساكنة والتنوين”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2019. بتصرّف.
  6. سورة الأنعام، آية: 26.
  7. سورة آل عمران، آية: 99.
  8. سورة البقرة، آية: 285.
  9. سورة طه، آية: 112.
  10. سورة الكهف، آية: 2.
  11. سورة ق، آية: 7.
  12. ^ أ ب محمد الصادق قمحاوي (1985م)، البرهان في تجويد القرآن (الطبعة الأولى)، بيروت: عالم الكتب، صفحة 23-26. بتصرّف.
  13. سورة غافر، آية: 16.
  14. سورة البقرة، آية: 29.
  15. د.عماد علي جمعة، أحكام التلاوة والتجويد الميسرة (الطبعة الأولى)، الأردن: دار النفائس، صفحة 24-27. بتصرّف.