سبب نزول لا إكراه في الدين

سبب نزول آية لا إكراه في الدين

قال الله -تعالى- في محكم التنزيل: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)،[١] وورد في سبب نزول تلك الآية أنّ نساء الأنصار كنّ إذا لم يعش لهنّ ولد يحلفن بالله أن يجعلنه يهودياً إذا كُتبت له الحياة، وحينما أجلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يهود بني النضير على المدينة كان من بينهم عددٌ من أبناء الأنصار الذين تهوّدوا؛ فنزل قوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)،[١] ومعناها كما ذكر سعيد بن جبير أنّ من شاء من هؤلاء الدخول في الإسلام دخل فيه، ومن شاء أن يذهب مع اليهود ذهب معهم، وذكر مجاهد أنّ تلك الآية نزلت في رجلٍ من الأنصار كان يُكره غلاماً له على الإسلام، وذكر السُديّ ومسروق أنّ هذه الآية نزلت في رجلٍ من الأنصار يكنى بأبي الحصين؛ حيث تنصّر ابناه بعد أن التقيا تجاراً نصارى من الشام في المدينة، فحاول أبوهما اللحاق بهما، وقيل إنّه حاول أن يجبرهما على العودة إلى الإسلام فنهاه النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ذلك، ونزل فيهم قوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)،[١] كما ذكر مجاهد أنّ تلك الآية نزلت في أبناء الأنصار الذين أرادوا اللحاق باليهود حينما أجلاهم النبي عن المدينة؛ لأنّهم كانوا مسترضعين من قَبل عند اليهود.[٢]

تفسير آية لا إكراه في الدين

ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره أنّ الآية الكريمة تؤكّد مبدأ عدم إكراه أحدٍ الدخول في الإسلام؛ لأنّ طريقه بيّنٌ واضحٌ جليٌّ، ولا يدخله إلّا من شرح الله صدره للإسلام، أمّا من ختم الله على قلبه وأعمى بصره بسبب ما يفعل؛ فلن يفيد دخوله في الدين مكرهاً مجبوراً.[٣]

نسخ آية لا إكراه في الدين

نقل الإمام الشوكاني أنّ آية لا إكراه في الدين قد نسخت بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)،[٤] والدليل على ذلك أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قاتل مشركي مكة ولم يقبل منهم غير الإسلام، بينما ذهب الشعبي والضحاك وغيرهما إلى القول بأنّها ليست منسوخةً، وإنّما هي خاصةٌ بأهل الكتاب حيث لا يجوز إكراهم على دخول الإسلام إذا أدّوا الجزية، وقيل كذلك أنّ نفي الإكراه في الآية متعلّقٌ بالسبي في المعارك؛ حيث لا يجوز إكراههم على دخول الإسلام إن كانوا من أهل الكتاب.[٥]

المراجع

  1. ^ أ ب ت سورة البقرة، آية: 256.
  2. أبو الحسن الواحدي ، “سبب نزول قوله تعالى لا إكراه في الدين من كتاب أسباب النزول للواحدي “، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-21. بتصرّف.
  3. “تفسير الآية رقم 256 من سورة البقرة / تفسير ابن كثير”، www.quran.ksa.sdu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-21. بتصرّف.
  4. سورة التوبة، آية: 73.
  5. فادي عبداللطيف (2013-10-29)، “لا إكراه في الدين “، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-14. بتصرّف.