بماذا يتميز القصص القرآني

تعريف القَصص القرآنيّ

يُعرَّف القَصص القرآنيّ بأنّه: حكايةُ الأنباء، وممّا تنبغي الإشارة إليه ما يدخل في تلك الحكايا من قَصصٍ، كقَصص الأنبياء -عليهم السلام-، وما أُخبِر عنهم، أو ما حدث لقومٍ كفروا أو كذّبوا بالله، أو ما جاء في ذِكْر المؤمنين من إكرام الله -تعالى- لهم، أو ما جاء من أخبار الدُّنيا والآخرة؛ إذ إنّ كُلّ ما ورد في ذلك قَصَصٌ قرآنيٌّ، بالإضافة إلى ما ورد في تحريم الله -تعالى- بعض الأمور على السَّابقين من الأقوام الماضية، كقول الله -عزّ وجلّ-: (وَعَلَى الَّذينَ هادوا حَرَّمنا ما قَصَصنا عَلَيكَ مِن قَبلُ)،[١][٢] وتجدر الإشارة إلى أنّ مادّة القَصص التي وردت في القرآنِ الكريم تتَّسم بمَعانٍ عديدةٍ في السياق القرآنيّ، ومن تلك المعاني:[٣]

  • الإخبار: فقد قال الله -تعالى: (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).[٤]
  • تتبُّعُ الآثار: كقَوْله -تعالى-: (وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ).[٥]
  • لَفت الانتباه إلى الأدلّة بالتلاوة أو التأويل: كما قال الله -عزّ وجلّ- في كتابه: (يا بَني آدَمَ إِمّا يَأتِيَنَّكُم رُسُلٌ مِنكُم يَقُصّونَ عَلَيكُم آياتي فَمَنِ اتَّقى وَأَصلَحَ فَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ).[٦]
  • البيان والإعلام: كقَوْل الله -تعالى-: (نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ بِما أَوحَينا إِلَيكَ هـذَا القُرآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبلِهِ لَمِنَ الغافِلينَ)؛[٧] أي نُبيّن لك، ونُعلمك بما حدث قبلك من الأحداث.

مُميّزات القَصص القرآنيّ

المُميّزات الدينيّة للقَصص القرآنيّ

تتعدّد المُميّزات الدينيّة للقَصَص القرآنيّ، وبيانها فيما يأتي:[٨]

  • تعميق العقيدة في النُّفوس المُؤمنة؛ لتكون العقول على بصيرةٍ؛ إذ إنّ القرآن اتَّبع في ذلك أقوى الأساليب إقناعاً؛ فالعقيدة هي الفقه الأكبر الذي دَلّ على ركائز الشريعة الثابتة، كتوحيد الأُلوهيّة، والإيمان باليوم الآخر، والرسالة السماويّة الخالدة، فقد حملت كُلّ تلك الركائز في طيّاتها قضايا مُهمّةً جاءت على هيئة القَصص التي ركّزت في المَقام الأوّل على الإيمان بالله وتوحيده، والإقرار بحِكمته، وعَدله، وقُدرته، والإخلاص في حُبّه.
  • النهوض بالإنسان، والسُّمو بمكانته، وتفضيله على المخلوقات، مع الإشارة إلى أنّ الارتقاء بالكيان الإنسانيّ لا يُركّز فحسبُ على السُّمو من جانبٍ واحدٍ؛ بل هو مُتعدّد الجوانب؛ من خلال الارتقاء بالرُّوح، وبالخُلُق الرفيع، وبالنَّفس البشريّة إلى أن تصل إلى ذروة الرقيّ الروحيّ، والخُلُقيّ، والنفسيّ؛ فالقرآن يُعزّز الارتقاء الجماعيّ في أعلى مستوياته، وتلك هي الغاية المَرجُوّة، والضالّة التي يبحث عنها الإنسان السويّ.
  • عدم تركيز القَصص القرآنيّ على الجوانب الروحيّة التي فيها ارتقاء الذات البشريّة فحسب؛ وإنّما جاءت تحُثّ أيضاً على الجانب المادّي الذي يضمّ أسباب القوّة؛ لأنّ المَوادّ أساس دعائم حياة الإنسان.
  • أثر القَصص القرآنيّ في بيان أسباب الهلاك التي تَتنزّل؛ سواءً على الأُمم، أو الجماعات، أو الأفراد، وقد جاء ذلك مُفصَّلاً بشكلٍ هائلٍ؛ من خلال الحديث عن البَذخ، والتَّرف، والفُجور، والظلم، والإبعاد الفكريّ، والأخلاقيّ، والاستكبار، والسُّخريّة، والذُّل، والخذلان، والكثير من الأسباب.
  • الاهتمام بالتديُّن، والتركيز عليه؛ إذ إنّه لا ينفصل عن حياة الإنسان العمليّة، ولا يتزحزح عن واقع مصير الإنسان؛ وإنّما يرتبط به ارتباطاً أصيلاً وثيقاً، وهو جزءٌ لا يتجزّأ منه.
  • التفصيل في الأسباب المادّية كما جاء التفصيل في أسباب الرقيّ الروحيّ؛ وهما العامِلَان الرئيسيَّان لاكتمال حياة الإنسان المؤمن، وإرشاده، وتوجيهه .
  • تميُّزه عند المُربّين؛ إذ يستطيعون صياغتَها بما يتناسب ويتلاءم مع شتّى المُستويات الفكريّة، والتعليميّة، مِمّا يزيد من نجاحهم في مَهامّهم، وهي تمدُّهم بأداوت التربية الرئيسة؛ من التهذيب الذي تمتلئ السِّيَر به، ومن أخبار الماضِين، وسُنّة الله -تعالى- في حياة الأُمَم، وما يطرأ من أحوالٍ في المُجتمعات.[٩]
  • تنوُّع القَصص القرآنيّ، وكثرة ورودها في القرآن الكريم في مواضع عديدةٍ، كقَصص الأنبياء والأُمَم الغابرة؛ فهي تضمّ قَصصاً مُتعلِّقة بالأحداث التي حدثت في زمن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وقَصصاً مُتعلّقة بالغيبيّات، بالإضافة إلى وجود قَصص قصيرة، كقَصص الأنبياء؛ هود، وصالح، وشُعيب -عليهم السَّلام-، وقَصص طويلة، كقصّة موسى، وعيسى -عليهما السلام-، وقَصص مُتوسّطة الطُّول، كقصّة آدم، ونوح -عليهما السلام-، وغيرهم،[١٠] ومنها ما كان قَصصاً لغير الأنبياء -عليهم السلام-، كقصّة ابنَيْ آدم، وقصّة هاروت وماروت، وقصّة الذي انسلخَ من آيات الله، وغيرها، وهناك نوعٌ آخر من القَصص التي لا يمكن القول إنّ أبطالها من الأنبياء، بل هم رجالٌ صالحون، كقصّة لقمان الحكيم مع ابنه، بالإضافة إلى نوع آخر يتمثّل بالقَصص التي تكون ذات علاقةٍ بقَصص الأنبياء، كقصّة أمّ موسى، وقصّة ملكة سبأ مع سليمان -عليه السلام-، وغيرها من القَصص.[١١]

المُميّزات الأدبية للقَصص القرآنيّ

هناك مُميّزاتٌ أدبيّةٌ عدّة للقَصص القرآنيّ، وبيانها فيما يأتي:

  • المُساواةُ في تتبُّع الأخبار من المَرويّات المَقصوصة، والمُتابعة فيها؛ بحيث تكون ذات مَعانٍ معنويّةٍ؛ فلا تُزاد أحداث فيها، ولا تُنقَصُ منها؛ ولا إضافات؛ لأنّها واقعيّةٌ لا تدخل فيها المادّة؛ فليس الكلام فيها مُساوياً للمَرويّ من الخبر كما هو الحال في المَرويّات المعنويّة؛ إذ تكون مُطابقةً لواقع الكلام.[١٢]
  • الجَمع بين أمرَيْن اثنَيْن في القصّ المَعنويّ؛ أولاهما: استحسان التتبُّع في القَصص، وجَمعها، وثانيهما: تَساويها بين المَرويّ والواقع المَأخوذ عنه.[١٣]
  • الرونق الخاصّ بأسلوب القرآن الكريم، وجمال التصوير فيه، والإبداع في النَّظْم، والإعجاز فيه.[٨]

خصائص القَصص القَرآنيّ

يتمتّع القَصص القرآنيّ بعدّة خصائصٍ تُميّزه بشكلٍ أو بآخر عن القَصص البشريّة، وبيانها على النحو الآتي:[١٤]

  • التكرار: وهذه الخاصّيّة في القَصص القرآنيّ لا تعني سَرد الأحداث في القصّة الواحدة مُكرَّرةً بمعناها ذاته، وبمُفرداتها نفسها، وإنّما هي خاصّيّةٌ إبداعيّةٌ، وسِمةٌ بلاغيّةٌ من سِمات القرآن الكريم؛ بحيث تُعرَض أحداث القصّة في أكثر من مَوضعٍ بطريقةٍ مُغايرةٍ ومُختلفةٍ عن سابقتها؛ بتقديمٍ وتأخيرٍ، أو بإيجابٍ ونَفيٍ، أو بخبرٍ وإنشاءٍ؛ وذلك ممّا يجعله ذا جماليّاتٍ تكراريّةٍ بلاغيّة في طَرحه، وإيراده القصّة الواحدة في عدّة لقطاتٍ لكُلٍّ منها زاوية مُعيَّنةٍ، والتركيز على هدفٍ مُعيَّنٍ في كُلّ لقطةٍ ومَشهدٍ، فقد وردت قصّة موسى -عليه االسلام- مثلاً في كُلّ مشهدٍ مختلفةً عن المَشهد الآخر؛ من حيث التفصيل، والكلمات، والأحداث، مع الإشارة إلى أنّ التكرار ليس أمراً سيّئاً؛ وإنّما هو مِيزةٌ وهدفٌ من أهداف القَصص القرآنيّ؛ فهو يرتبط ارتباطاً تامّاً بالهدف الدينيّ المَنشود، والذي يسعى النَّظم القرآنيّ بإعجازه الفريد إلى إثباته، وتلك التكرارات جاءت جميعها مُناسبة لمَوضعها في كُلّ قصّةٍ، ممّا يزيد من الجمال البلاغيّ في القَصص القرآنيّ.
  • عدم إيراد القصّة كاملةً في مَوضعٍ واحدٍ: وإنّما يُؤتى بالموقف الذي يُناسب الغرض من القصّة ويتناسق معه في كلّ مَوضعٍ؛ إذ لم يأتِ القرآن الكريم بغاية سَرده القَصص مُتتابعةً مُتكاملةً في مَوطنٍ واحدٍ، بل يعرض ما يتلاءم مع ترابُط الآيات من ناحيةٍ موضوعيّةٍ؛ فهو ليس كتاباً تاريخيّاً يسردُ الحكايا بتسلسُلٍ وتتابُعٍ؛ وذلك لأنّ القَصص لم تأتِ لذاتها، وإنّما للإخبار عن أحوال الأقوام الماضية باستعمال أسلوبٍ ترغيبيٍّ يُرسِّخ جمال العقيدة في النفوس ويغرسُه فيها.
  • استخلاص الفوائد والعِبَر من القصّة: وذلك من خلال تضمين المَغزى القّصصيّ في بداية القصّة، وفي ختامها، وهذه الفوائد والعِظات ترجع إلى أهداف القرآن الأخلاقيّة والدينيّة، وما السَّرد القَصصيّ إلّا جزءٌ لا يتجزّأ من بُنية القرآن الكريم؛ رسالة الله -تعالى- الخالدة.
  • التنويع في طرائق عَرض القصّة: فقد جاء القَصص القرآنيّ على أربعة تنوُّعاتٍ، وهي:
    • تلخيص ما سبقها من تفصيلاتٍ، كقصّة أصحاب الكهف.
    • ذِكْرالعاقبة من القصّة، والغاية منها، ثمّ البدء بها من أوّلها إلى نهايتها، مثل قصّة موسى -عليه السلام- في سورة القَصص.
    • ذِكْر القصّة كتمثيليّة؛ بذِكر الألفاظ التي تثشير إلى البداية، ثمّ بيان أحداثها من خلال أبطالها.
    • ورود القصّة دون تقديمٍ، ولا تلخيصٍ قبلها، كقصّة مريم وعيسى -عليهما السلام-.
  • التنويع في طُرق عَرض المُفاجأة في القصّة: فتارةً يُكتَم السرّ عن بطل القصّة ومَن ينظر فيها، كقصّة موسى مع الخَضِر -عليهما السلام-، وتارةً تُكشَف بعض الأسرار للناظرين، وقد تُخفى عن البطل في بعض الأحيان، وتُخفى عن الناظرين في البعض الآخر، كقصّة ملكة سبأ، وتارةً أخرى لا يكون هناك سِّرٌ حتى يُكشَف، كقصّة مريم حينما اتَّخذت من أهلها حجاباً.
  • إخضاع عَرض المشاهد لقيمة التصوير: وذلك ممّا يُميّز القَصص القرآنيّ؛ وذلك بإيراده الأحداث وعَرضه لها على شكل التَّصوير في سَيْر ما يحدث من مواقف، وفي وَصف الحِوارات، وكيفيّة إبراز الشخصيّات، مِمّا يجعل القَصص حَيّةً نابضةً بالرُّوح، ويأتي التصوير في القرآن مُشتملاً على عدّة كيفيّاتٍ، وهي:
    • الوَصف الدقيق، كما في قصّة نوح -عليه السلام-، وإعراض قومه عن دعوته، وعنادهم في ذلك؛ قال الله -تعالى-: (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا).[١٥]
    • ذِكْر المشاعر، والأحاسيس، والانفعالات الحيّة، كما في قصّة مريم -عليها السلام- عندما فاجأها المَلَك الرَّسول، والصدمة التي أصابتها؛ فقد قال الله -تعالى-: (قالَت إِنّي أَعوذُ بِالرَّحمـنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا)،[١٦] وقال أيضاً: (فَأَجاءَهَا المَخاضُ إِلى جِذعِ النَّخلَةِ قالَت يا لَيتَني مِتُّ قَبلَ هـذا وَكُنتُ نَسيًا مَنسِيًّا).[١٧]
    • ورود الصِّراع بشكلٍ بارزٍ في القصّة بما يتلاءم مع الغاية القَصصيّة في القصّة، كصراع الخير والشرّ، والهداية والضَّلال، والظُّلمات والنُّور، والصراع المادّي، كصراع كموسى وسَحَرة فرعون، والصراع النفسيّ، كصراع إبراهيم -عليه السلام- مع الكواكب، والشمس، والقمر، وما بدا له من حقائق إيمانيّةٍ، وما أُزيل من أوهام خاطئة.
  • التنويع في وسائل الرَّبْط بين الأحداث: إذ يأتي التنوُّع في رَبط المَشاهد في تَرك بعضها، ثمّ العودة إليها من خلال وضع فاصل بينها، كقصّة أصحاب الكهف؛ إذ ذُكِرت بعض المواقف مُتتاليةً في مَوضعٍ واحدٍ، ثمّ تُرِك فراغ لخيال القارئ؛ فأوّل مَشهدَين في قصّة أصحاب الكهف يُرسّخان العقيدة؛ وذلك بالحِوار الدائر بين أصحاب الكهف بشأن قومهم، ثمّ كانت مساحةٌ بين المَشهدَين: الثاني، والثالث؛ وتلك المساحة كانت الفاصل في استقرار أمرهم، وإيوائهم في الكهف، وبيان ما كان من غروب الشمس، وطلوعها مع رقودهم؛ فكان تجاوُزاً للأحداث بين كِلا المَشهدَيْن؛ إذ لا حاجة للاستمرار القَصصيّ ونُموّه.[١٨]

أهداف القَصص القرآنيّ

تهدف القَصص القرآنيّ إلى أمورٍ مُتعددّةٍ، يُذكَر منها ما يأتي:[١٩][٢٠]

  • إثبات الوَحي والرسالة؛ ويكون ذلك من حيث إخبار القرآن الكريم بقَصص الأنبياء، كقصّة آدم، وإبراهيم، ونوح -عليهم السلام-، وغيرهم، بدقّةٍ، وإطنابٍ، وصِدقٍ في الوقائع والأخبار، والتي تفرضُ بقوّةٍ سيطرةَ القرآن المُنزَّل على كُلّ ما سَبَقه، ومن حيث جلاء الحقيقة الإلهيّة، والدعوة الربّانية التي دعا إليها الله -تعالى-، وانتفاء كُلّ الصُّور التي تُشوّه الأنبياء والمُرسَلين -عليهم السلام-.
  • الدعوة إلى مكارم الأخلاق، والإيمان، وبيان عاقبة المُتَّقين، وهلاك المُفسِدين؛ بإيراد أدلّةٍ على توحيد الله -تعالى-، وذلك من خلال الأحداث، والأمثلة على ذلك كثيرة، ومنها ما يُنبّه ويُحذّر من اتِّباع الشَّيطان وغوايته لبَني آدم، وأنّ العداوة بينهما قديمةٌ منذ خَلَقَ الله الخَلْقَ؛ فقد قال الله -عزّ وجلّ-: (يا بَني آدَمَ لا يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيطانُ كَما أَخرَجَ أَبَوَيكُم مِنَ الجَنَّةِ يَنزِعُ عَنهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوآتِهِما إِنَّهُ يَراكُم هُوَ وَقَبيلُهُ مِن حَيثُ لا تَرَونَهُم إِنّا جَعَلنَا الشَّياطينَ أَولِياءَ لِلَّذينَ لا يُؤمِنونَ).[٢١]
  • مُواساة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- تُثبّت قلبه، وتُسلّيه، وتُضمِّدُ جُرحَه، وتُداويه، ممّا يُعانيه في سبيل دعوته، وما يُعانيه من تكذيب قومه له، وآيات التسلية للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كثيرةٌ، منها قَوْله -تعالى-: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ في هـذِهِ الحَقُّ وَمَوعِظَةٌ وَذِكرى لِلمُؤمِنينَ).[٢٢]
  • تقرير الإيمان الجازم بالله -تعالى- في النُّفوس، والإيمان برسالات أنبيائه -عليهم السلام-، وتحقيق الإخلاص في القلوب؛ فالقَصص عِبرةٌ للمؤمنين، وفيها ثباتُهم وصلاحهم؛ فهم قدوةٌ للعالَمِين في شَتّى أحوالهم.
  • الوَعظ والتذكير في القَصص القرآنيّ، بالإضافة إلى الترهيب والترغيب، والفوائد الفقهيّة، والأحكام الشرعيّة، والأسرار التي لا يستغني طالب العلم عنها بأيٍّ حالٍ من الأحوال.
  • بيان الابتلاءات للمؤمنين؛ إذ لا بُدّ أن يقع الابتلاء بهم، وأن يعيشوه؛ فجاءت القَصص تُبيّن أنّ أهمّ وظائف الرُّسل تبليغ رسالة الله -تعالى- إلى عباده، وأقرّت كذلك شُبهة بعض الأقوام على رُسُلهم وأنبيائهم بأنّهم بَشرٌ، وأنّ هدايتهم للنَّاس سببٌ يزيد النِّعَم على القوم، ويحفظُها.
  • الإقرار بأنّ حِكَم الله -تعالى- تسير بالإنسان باستعداداته النَّفسيّة، والفكريّة إلى كُلٍّ من الضلال والهداية، والحَقّ والباطل.
  • زيادة محبّة الأنبياء والمرسلين -عليهم السلام- في القلوب، وذلك من مُكمِّلات الإيمان، ولا يكون المرء مُؤمناً إلّا إن آمنَ بهم وأحبَّهَم؛ فحُبّهم إيمانٌ.
  • تفكُّر الناس في القَصص القرآنيّ، واعتبارِهم بأحوال مَن مَضى قبلَهم، والآيات التي تدلّ على ذلك كثيرةٌ، كقَوْله -تعالى-: (لَقَد كانَ في قَصَصِهِم عِبرَةٌ لِأُولِي الأَلبابِ ما كانَ حَديثًا يُفتَرى وَلـكِن تَصديقَ الَّذي بَينَ يَدَيهِ وَتَفصيلَ كُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحمَةً لِقَومٍ يُؤمِنونَ)،[٢٣] وتجدر الإشارة إلى أنّ القَصص القرآنيّ جاء ليُحقّق غايةً عُظمى، وهدفاً أمثل يتمثّل ببيان دعوة الأنبياء والمُصلِحين، وأساليبهم لعدّة أقوامٍ؛ من إصلاحٍ، وجهادٍ، ومُجابهةٍ، وفي ذلك تكمُن التربية الدعويّة الإلهيّة للأنبياء والمرسلين -عليهم السلام-.[٢٤]

المراجع

  1. سورة النحل، آية: 118.
  2. أسامة محمد عبدالعظيم حمزة (1418هـ)، القصص القرآني وأثره في استباط الأحكام (الطبعة الأولى)، عمّان: دار الفتح، صفحة 14. بتصرّف.
  3. رنا أحمد عبد الحليم، جماليات المفارقة في القصص القرآني، عمّان: وزارة الثقافة، صفحة 57. بتصرّف.
  4. سورة القَصص، آية: 25.
  5. سورة القصص، آية: 11.
  6. سورة الأعراف، آية: 35.
  7. سورة يوسف، آية: 3.
  8. ^ أ ب فضل حسن عبّاس (1407هـ)، القصص القرآني إيحاؤه ونفحاته (الطبعة الأولى)، عمّان: دار الفرقان، صفحة 10-11. بتصرّف.
  9. “أثر القَصص القرآني في التربية والتهذيب”، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 11/6/2020. بتصرّف.
  10. رنا أحمد عبدالحليم، جماليات المفارقة في القصص القرآني، عمّان: وزارة الثقافة، صفحة 67-68. بتصرّف.
  11. صلاح الخالدي (1419هـ)، القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث (الطبعة الأولى)، دمشق: دار القلم، صفحة 28-29، جزء 1. بتصرّف.
  12. رنا أحمد عبدالحليم، جماليات المفارقة في القصص القرآني، عمّان: وزارة الثقافة، صفحة 56. بتصرّف.
  13. صلاح الخالدي (1419هـ)، القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، دمشق: دار القلم، صفحة 21، جزء 1. بتصرّف.
  14. رنا أحمد عبد الحليم، جماليات المفارقة في القصص القرآني، عمّان: وزارة الثقافة، صفحة 72-78. بتصرّف.
  15. سورة نوح، آية: 7.
  16. سورة مريم، آية: 18.
  17. سورة مريم، آية: 23.
  18. فضل حسن عبّاس (1430هـ)، قصص القرآن الكريم (الطبعة الثالثة)، عمّان: دار النفائس، صفحة 49. بتصرّف.
  19. أسامة محمد عبد العظيم حمزة (1418هـ)، القصص القرآني وأثره في استباط الأحكام (الطبعة الأولى)، عمّان: دار الفتح، صفحة 18-19. بتصرّف.
  20. أحمد فريد (1429هـ)، تيسير المنان في قصص القرآن (الطبعة الأولى)، الدمّام: دار ابن الجوزي، صفحة 21-24. بتصرّف.
  21. سورة الأعراف، آية: 27.
  22. سورة هود، آية: 120.
  23. سورة يوسف، آية: 111.
  24. صلاح الخالدي (1419هـ)، القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث (الطبعة الأولى)، دمشق: دار القلم، صفحة 32-36، جزء 1. بتصرّف.