إن الحكيم له مقال سائر – الشاعر البحتري

إِن الحكيمَ لهُ مَقَالٌ سائرٌ
يَلتَذُّهُ ما قَالَ أُذْنُ السَّامِعِ
لا حُكمَ إِلا مِنْ تُقًى وتَوَاضُعٍ
أَوْ لا فإِنَّ الحُكْم َليسَ بنافعِ
وكَذا الحُكُومةُ من أَثمَّةِ هاشِمٍ
مِنْ لَدْنُ أَولهمْ إِلى ذَا التَّاسعِ
فَعَلى امْريء جَمَعَ القُرَانَ وفَسرهُ
من عِلْمِهِ صَافِي الدَّخيلةِ جامعِ
وَسما إلي الأَمرِ الجَليلِ بِنَفسِهِ
وبفَضْلِ معْرِفَةٍ وعِلمٍ بارعِ
أَلَّ يَجوزَ لَدَيهِ حُكْمٌ عادِلٌ
إِلاَّ بِعدْلِ شَهادةٍ من قاطِعِ
وبِشاهِدٍ يتلُوهُ عَدلٌ مِثلهُ
في كُلِّ أَمرٍ مُسْتَنِير ساطعِ
أَو لا فَقَدْ جارت حُكُومةُ حُكْمِهِ،
وكَذاكَ فِعْلُ الخاطِىءِ المُتَتَابِعِ
أَفَجِئتني برَّا ،وترجِعُ مُغْضَباً
من قَولِ عبدٍ أو غُلامٍ تابعِ؟
أَفلا كَتبْتَ بِبَعْضِ ما أَنكرْتَهُ
وفعلْتَ فِعْلَ المْنصِفِ المُتَوَاضِع؟
قَبْلَ اعْتقَادِكَ لِلْقَطِيعةِ جائراً
تَشْكُو أَخاك لَدَى الطَّريق الشَّارعِ
بالظَّنِّ تَحْتِمُهُ عَليْنَا ظالِماً،
والظَّنُّ ليسَ عَلَى اليَقينِ بواقِعِ
فَلأَهْتِفنَّ غداً بحُكمِكَ في الْوَرَى
أَو تَستَجيرَ بكُل ِّخِلٍّ شَاسِعِ
وأَنا امْرُؤٌ أَبتاعُ وُدَّ ذَوي النُّهى
بجَميعِ ما أَحوي ولَستُ بِبائِعِ
وإِذا هَفا خِلِّي بِغَيْر تَعَمُّدٍ
أَغْضَيْتُ غيرَ مُبَايِنٍ ومُمَانِعِ
وكَذَاك ما لأَدَعُ العِتابَ مُخَفِّفاً
ولِذَاكَ ما أَوْليتَ لَيس بِنافِعِ