كيف اكون جريئه

تنمية الذات

إن تنمية وتطوير المهارات الذاتية الاجتماعية والنفسيّة والفكريّة والعلميّة في حياتنا باتت أمراً مُلحّاً، حتى نتمكن من تحقيق ذاتنا وأهدافنا والتواصل مع الناس بنجاح واحترام وتكافؤ، وهذا يتطلب مهارات وقدرات وسمات فكريّة ونفسيّة واجتماعية تؤهلنا لمواكبة طبيعة الحياة التي تغيرت في زمن العولمة، وأصبح العالم فيه عبارة عن قرية صغيرة، وأضحى التواصل الناجح هو المفتاح الأفضل لإدارة جميع أمور الحياة وحل جميع المعضلات.

اكتساب صفة الجرأة

ماذا يعني أن تكوني جريئة؟ أولاً الجرأة في اللغة العربيّة مشتقة من جَرُؤ وهي تعني الشجاعة والإقدام على أمر ما في موقف ما، الجُرأة مطلوبة ومحمودة في مواقف معينة لتستطيعي من خلالها مواجهة ما يعتريك من أمور ومواقف بحنكة وذكاء وتجنب مشاكل أنت في غنى عنها، وفي بعض المواقف قد تُفسّر الجرأة بالتطاول، بالذات إذا كان الموضوع يتعلّق بالتعامل مع من هم أكبر منك سناً ومكانَةً وعلماً.(1)

ولكي تصبحي جريئة فإن عليك تدريب نفسك على عدة أمور منها:

الثقة بالنفس

هي مفتاح سحري للنجاح، وتعني إيمانك الشخصي بقدراتكِ وإمكانيّاتكِ، ممّا يجعلك تتتخذين قرارتك باطمئنان ودون تردد، ويجب أن تنبع الثقة من داخلك أنتِ وتترجميها على أرض الواقع، في كل أمور حياتك، وبدونها لا تستطيعين تحقق أهدافك وتضيع طاقاتك وقدراتك هدراً بسبب جهلكِ للطاقات التي أودعها الله فيك وتصبح حياتك سلبية، ذات نظرة سوداوية خالية من الإنجازات. هناك عدة أمور ينبغي عليك أنت أن تمارسيها دون مساعدة من المحيط الخارجي حتى تتطوّري بنفسك:

  • يجب عليك أن تقنعي نفسك أنّك أنت منقذتها من العوامل الخارجية السلبيّة المحيطة، ولا تنتظري من أحد أن يقدم لك المساعدة في شأنك، إذا اقتنعت بهذا سوف تستطيعين أن تنهضي بنفسك مجدداً وأن تعززي ذاتك وتؤمني بقدراتك وإمكانياتك.
  • يجب أن تقنعي نفسك أنكِ ذات قيمة عالية، ولهذا خلقك الله في الكون وشرّفكِ بالعمل، من هنا يجب أن تبحثي عن عمل مستمر، حتى تشعري بالسعادة والرضى عند تحقيقه، وأن تكُفّي عن تسمية نفسك بألقاب سلبية لا تخدمك، بل بالعكس تقلل من قيمتك وتحقّر من ذاتك، أي يجب أن تصححي مفهومك عن ذاتك وتعرفي كم أنت مهمة ومُلهمة لبعض الناس.
  • يجب أن تبدئي وتحبي نفسك من جديد، والتوقف عن التفكير في الماضي واسترجاع المواقف السيّئة التي حصلت لك، حتى وإن كنتِ أنت المخطئة بها، فهذا لن يجلب لك منفعة ولن يغير حالك نحو الأفضل، ابدئي بيومك وحددي أهدافك وخططك، واهتمي بنفسك ومظهرك، كل هذا سيساهم في تنمية الثقة بالنفس.
  • عندما تبدئين بالعمل حتماً ستواجهين صعوبات ومخاوف، واجهي نفسك بهذه المخاوف وتحدّيها، وإياك أن تنسحبي وتنفردي في عزلة، هذا لن يحل خوفك، بل تحدّثي مع نفسك عن هذه المشاكل وبسّطيها، ستجدينها لاحقا أمراً عاديّاً، وبالطبع ستواجهين نقداً وتجريحاً من الآخرين، لا يهم واصلي عملك بإصرار، وستريْن بنفسكِ النتائج العجيبة لاحقاً، وستحصلين على إعجاب بعض الناس بك، حتى وإن حصل خطأ ما تتفاديه في المرة اللاحقة فلا يوجد أحد لا يُخطئ، المهم أنك قمت بخطوة نحو الأمام.
  • المشاركة والمساهمة في الأعمال الاجتماعيّة والخيريّة ترفع من ثقتك بنفسك، فحاولي أن تتركي بصمة لك في هذا المجال حتى لو كان سريّاً.(2)

التواصل الاجتماعي المستمر

بادري بالتحدث مع النّاس، وأفشي السلام فخيركم من بدأ بالسلام، واسألي واطمئني عن أحوالهم، ينبغي عليك أن تتعايشي بُرقي وسلام مع الآخرين، تحترميهم وتصغي لهم، وتتناقشي معهم في أمور مختلفة وتتفهمي اختلاف شخصياتهم وثقافاتهم، ووجهات نظرهم دون اللّجوء إلى فرض آرائك عليهم، حاولي أن تناقشي كل ما هو جديد من حولك دون التشدد بموقف ما، أو لفكرة ما، وأن تثبتي أنك أنتِ على حق وغيرك هو المخطئ، فهذه ليست من الجُرأة، وعندما تريدين نقل أي معلومة أو موضوع ما يجب التحقق من مصداقية المعلومات وصحة مصدرها، حتى لا تكوني مصدراً للشائعات وبالتالي تُعرضي نفسك لشكوك ومتاعب، وعليك أن تُلقي المعلومة بطريقة لبقة ومُنمّقة، وحاولي أن تطرحي مواضيع جديدة تُعزز آليّة النقاش فالمساهمة بالحديث مع الناس من أهم الأمور التي تساعدك على تقوية جُرأتك. أصلحي علاقاتك مع الجميع وحاولي أن تصلحي ما فسد منها، وزيّنيها بالود والكلام اللّبق، فسبحان من جعل الكلمة الطيبة صدقة في ديننا، وكما ذكر في القرآن (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) سورة آل عمران، آية( 159).

الرقي بالفكر والعلم والتعلم

لا تدعي يوماً يمر في حياتك دون أن تتعلمي فيه شيئاً حتى ولو كان بسيطاً، فالاستمراريّة في اكتساب المهارات وكسب العلم تعني اللاستمرارية في العيش الإيجابي، هذا سوف يتيح لك فرصاً تتميزي فيها عن غيرك، ممّا تزيد ثقتك بنفسك وأيضاً جُرأتك.

التوازن والتدرّج في العلاقات

وسّعي دائرة معارفك، وأصدقائك، وتعرّفي على جميع عائلتك الممتدّة، وأثبتي حضورك بمناسبات اجتماعية مختلفة في محيطك الداخلي والخارجي ولا تخجلي من نفسك، هيئتك، فهذه أمور خُلقنا عليها ولا نستطيع تغييرها، ولا يتم الحكم على الأشخاص من خلالها، إنما أسلوبك و طريقة تواصلك مع الناس هي التي تحدد حُضورك، ولكن لا تنسي المحافظة على الحدود والحواجز، فهناك أمور خاصة يجب عليك ألا تتخطّيها حتى وإن كنت صديقة مقرّبة، فتجاوز الحدود بالأفعال والأقوال لا تعتبر جُرأة بل ممكن أن يعتبرها الآخرون تعدّياً وتمادياً، حافظي على علاقاتك بطريقة متوازنة، وصحيّة، وسليمة فهذا يجنبك الوقوع في المشاكل فيما بعد.

تحديد الأهداف والأولويّات في حياتك

هذه من أهم الأمور التي أوصت بها دراسات علم النفس وعلم الطاقة وعلوم تنمية مهارات الذات لتقوية شخصيّتك، وبالتالي جُرأتك، فالإنسان وُجد على هذه الأرض ليعمل وهذا ما ميّزنا الله به عن سائر الكائنات الحيّة، بالتالي أنت عندما تحددين أولويّاتك وأهدافك حسب رغباتك ومعطيات حياتك وحسب مدى إيمانك بهذه الأفكار، وتسعين لتحقيقها فإنك تمشين بتناغم مع سنة هذا الكون، وهذا يدفعك للتقدّم بخُطى ثابتة نحو أهدافك، ممّا يزيد فُرص نجاحك، وهذا كله يتزايد في علاقة طرديّة مع تنمية الذات وبالتالي تطوير الجُرأة عندك. (1)
  • جميع ما ذُكر يُعتبر نقاطاً هامة في تنمية الذات، وتشجيع النفس على التطور، ولكن تذكري دائماً أنك أنت المسؤولة الوحيدة عن هذا كله، وأنت سيدة أفكارك الباطنة والتي تنعكس على أرض الواقع وتصبح حقيقة، فعليك أن تتحكمي بالأفكار الواردة لعقلك ثم نقّيها وتبنّي ما هو مفيد لك وتخلصي من السلبي منها.

المراجع

(1) بتصرف عن مقالة كيفية تطوير الذات Alukah.net

(2) بتصرف عن مقالة كيفية تنمية النفس The beehive.org