تاريخ الفكر الاقتصادي

تاريخ الفكر الاقتصادي

تاريخ الفكر الاقتصاديّ (بالإنجليزيّة: History of Economic Thought) هو عبارة عن حساب تاريخيّ يَشمل تطوّر الأفكار الخاصة بالمدارس الاقتصاديّة والعلاقات المُطبّقة بينها، ويختلف تاريخ الفكر الاقتصاديّ عن التاريخ الخاص بعلم الاقتصاد؛ حيث يهتمّ تاريخ الفكر الاقتصاديّ بدراسة التطوّرات الخاصة بالأفكار الاقتصاديّة، بينما يهتمّ تاريخ الاقتصاد بدراسة وتحليل التنمية الاقتصاديّة لدولةٍ مُعيّنة، فيُشكّل كلٌّ منهما فروعاً اقتصاديّةً مُنفصلةً عن بعضها ولكنها ترتبط معاً، فالأفكار الاقتصاديّة عموماً تتأثر بظروف الاقتصاد والبيئة السائدة في دولة معينة؛ حيث توجد علاقة وثيقة بينهما.[١]

نشأة الفكر الاقتصادي

عاصر الفكر الاقتصاديّ مجموعةً من المراحل التاريخيّة الاقتصاديّة التي أدّت إلى تطوره، ومن أهمّ هذه المراحل:

الفكر الاقتصادي اليوناني

شهد الفكرُ الاقتصاديّ في اليونان تطوّراً مستمراً، وكان ذلك بِسببِ التطوّرات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، والتوسعات في البنية السياسيّة، ولكنّ النشاط الاقتصاديّ كان محدوداً بشكل عام؛ حيث كانت المُشكلات الناتجة عن هذا النشاط ذات أهميّةٍ قليلة بالنسبة للمُفكّرين والفلاسفة، ولم تُدرس إلا بصورة عادية ووفقاً لدراسات غير اقتصاديّة؛ لذلك درس الفلاسفة اليونانيون المُشكلات الخاصة في الاقتصاد باعتبارها أبحاثاً مرتبطةً مع الأخلاق والسياسة والفلسفة، نتيجة افتقار اليونان لوجودِ نشاطاتٍ اقتصاديّة تتناسَبُ مع موضوعات علم الاقتصاد، لذلك من المُمكن اعتبارُ أنّ الفكر الاقتصاديّ اليونانيّ هو ما ارتَبط بكتابات الفلاسفة والمُفكّرين اليونانيين، مثل أرسطو وأفلاطون.[٢]

الفكر الاقتصادي الروماني

اختلف الرومان عن اليونان في الأفكار الفلسفيّة؛ لذلك لا يُمكن العثور على أبحاثٍ ومؤلّفات فلسفيّة رومانيّة حول الآراء الاقتصاديّة التي كانت سائدةً عندهم، لكن ظَهرت القليل من الآراء الاقتصاديّة الرومانيّة التي عبّرَ عنها حُكماؤهم نتيجة تأثرهم بالآراء الاقتصاديّة اليونانيّة. في المقابل تميّز الرومان بالفكر القانونيّ، لكنّه لم يكن يحتوي على أيّ دراساتٍ خاصّة بالفكر الاقتصاديّ، بل ساهم في التأثير على الأفكار الاقتصاديّة التي ظهرت في العصور اللاحقة، ومن أهمّ هذه الأفكار ما عُرِفَ باسم القانون الطبيعيّ، الذي حاز على مكانةٍ مهمة في الفكر الاقتصاديّ.[٢]

الفكر الاقتصادي الغربي الأوروبي

يُعدّ الفكر الاقتصاديّ الغربيّ مجموعةً من الأفكار الاقتصاديّة التي انتشرت بين المُفكّرين الاقتصاديين الأوروبيين، ويُقسم إلى مرحلتين هما:[٢]

  • الفكر الاقتصاديّ في العصور الوسطى: هو الفكر الذي انتشر في جامعات أوروبا، واهتمّ في التوفيق بين العقل والإيمان؛ أي بين الفلسفة والدين، وساد في تلك العصور النظام الاقتصاديّ الإقطاعيّ؛ حيث اعتمد على تأسيس علاقةٍ بين أصحاب الأملاك والفلاحين، وفي هذا العصر كانت الزراعة هي المُكوّن الاقتصاديّ الأساسيّ، أمّا التبادلات التجاريّة فكانت ضئيلةً ومحدودة حتى إنّ بعض التبادلات العينيّة كانت تتمّ دون استخدام النقود؛ لذلك لم تحتوِ هذه المرحلة الاقتصاديّة في أوروبا على تحليل علميٍّ واضح للاقتصاد.
  • الفكر الاقتصاديّ في عصر النهضة: هو الفكر الذي ظهر بعد انتهاء مرحلة العصور الوسطى التي بقيت إلى القرن الخامس عشر للميلاد؛ حيث دخلت الدّول الأوروبيّة في عصر جديد أُطلق عليه اسم عصر النهضة، امتدّ ثلاثة قرون أي إلى القرن السابع عشر للميلاد، فتحوّل الفكرُ الاقتصاديّ الأوروبيّ من الاعتماد على الزراعة إلى الاهتمام بالصناعة، وشهد قطاع الاقتصاد الأوروبيّ تطوّراتٍ واضحةٍ ساهمت في عكسِ صورة عصر النهضة، وتأثيراته التي أدّت إلى ظُهور العَديد من النظريّات الاقتصاديّة.

الفكر الاقتصادي العربي الإسلامي

لم يقتصر تطوّر تاريخ الفكر الاقتصاديّ على ما ظهر من دراساتٍ فكريّة يونانيّة ورومانيّة وأوروبيّة، بل ظهرت العديد من الدراسات الفكريّة الاقتصاديّة الخاصة بالمُفكّرين الاقتصاديين المسلمين، وساهم الفكر الاقتصاديّ العربيّ الإسلاميّ الذي اعتمد على التسامح والمساواة والعدل في تحديد ملامح الأفكار الاقتصاديّة، والمُعاملات الخاصة بها والتي تتعلّق في الرّبح الحلَال وتحريم الغش والرِّبا، واعتمد على قاعدتين أساسيتين؛ الأخلاق، والعقيدة الإسلاميّة، حيث تُعتبر مَبادئ الإسلام الواردة في القرآن الكريم والسنّة النبويّة المصادر الأساسيّة لبناء الفكر الاقتصاديّ في الإسلام.[٢]

مدارس تاريخ الفكر الاقتصادي

أثناء مراحل تطور الفكر الاقتصاديّ في أوروبا ظهرت مجموعةٌ من المَدارس الفكريّة الاقتصاديّة، واعتمدت على العديد من المَبادئ والأُسس للتعامل مع علم الاقتصاد بشكلٍ عام، والفكر الاقتصاديّ بشكل خاص، وفيما يأتي معلومات عن أهمّ هذه المدارس:

  • المدرسة الكلاسيكيّة (Classical School): هي المدرسة الأساسيّة والأولى في الفكر الاقتصاديّ، تعود إلى القرن الثامن عشر للميلاد. اعتمدت على أفكار المُفكّر الاقتصاديّ آدم سميث؛ حيث تُشير الفكرة الرئيسيّة لهذه المدرسة إلى أنّ الأسواق تستطيع العمل بأفضل الأشكال عندما تكون وحدها أي بوجود تأثيرٍ قليلٍ للحكومة عليها، ويُعدّ هذا المنهج الفكريّ بداية فكرة الأسواق الحُرّة لدَعم التنمية الاقتصاديّة.[٣]
  • المدرسة الكينزية (Keynesian School): نظرية فكريّة اقتصاديّة تعود للعالم والمُفكّر الاقتصاديّ جون كينز في فترة الثلاثينات من القرن العشرين للميلاد، اهتمّت في الوصول إلى فهم واضح لمُصطلح الكساد العظيم؛ حيث تدعو هذه المدرسة الفكريّة إلى زيادة النفقات الحكوميّة وتقليل الضرائب الماليّة، بهدف تحفيز الطلب وخفض تأثر الاقتصاد بالكساد العظيم، كما اعتمدت الأفكار الكينزية على تطبيق نظريّة جانب الطلب، والتي اهتمّت بدراسة التغيّرات الاقتصاديّة قصيرة الأجل.[٤]
  • المدرسة الماركسيّة (Marxian School): هي عبارة عن مدرسة فكريّة تعود للمُفكّر الاقتصاديّ كارل ماركس، تُركّز على دور وأهمية العمل في المُشاركة بالتنمية الاقتصاديّة، وتَنتقد المَدرسة الماركسيّة النهج المُتبع في المدرسة الكلاسيكيّة، خُصوصاً في كلٍّ من تطبيقات الإنتاج والأجور التي وُضعت من قبل المُفكّر الاقتصاديّ آدم سميث؛ حيث تقول المدرسة الماركسيّة بأنّ زيادة عدد السُكّان تؤدّي إلى تراجعٍ في قيمة الأجور، وأنّ القيمة الماليّة المفروضة على كلٍّ من الخَدمات والسلع لا تتناسب مع التكاليف الحقيقية الخاصّة بالعمل.[٥]

المراجع

  1. Samia Rekhi, “History of Economic Thought: Meaning and Significance”، Economics Discussion, Retrieved 25-6-2017. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث د. نجلاء راتب، الاقتصاد والمجتمع، مصر: جامعة بنها، صفحة 13، 14، 19، 21، 22، 23، 24، 31، 32. بتصرّف.
  3. “Economics – Schools of Thought”, Economics Online, Retrieved 25-6-2017. Edited.
  4. “Keynesian Economics”, Investopedia, Retrieved 25-6-2017. Edited.
  5. “Marxian Economics”, Investopedia, Retrieved 25-6-2017. Edited.