مفهوم التنمية البشرية

مفهوم التنمية البشريّة

التنمية البشريّة هي عمليّة زيادة الخيارات المتوفّرة للأفراد، وتشمل ثلاثة خيارات رئيسيّة، وهي توفير حياة صحيّة وبعيدة عن الأمراض، وزيادة انتشار المعرفة، وتوفير الموارد التي تُساهم في وصول الأفراد إلى مستوىً حياتيٍّ لائقٍ،[١] كما تُعرَّف التنمية البشريّة بأنّها العمليّة التي تهدف إلى زيادة كميّة الخيارات المتاحة للنّاس وحجمها؛ عن طريق زيادة المهارات والمُؤهّلات البشريّة.[٢]

نشأة التنمية البشريّة

ظهرت الجذور الأولى للتنمية البشريّة في أمريكا، وتأثّرت بالسلوكيّات اليوميّة للنّاس، فانتشرت بالتّزامن مع ظهور الترجمة اللغويّة كأحد الفنون في سبعينيّات القرن العشرين الميلاديّ، ومع الوقت تطوّرت مروراً بعدّة مراحل، وهي:[٣]

  • المرحلة الكلاسيكيّة وبعد الحرب العالميّة الثانية: هي فترة ارتبطت فيها التنمية البشريّة مع مفاهيم أُخرى، مثل التنمية الاقتصاديّة؛ حيث كان اهتمام العُلماء والمُفكّرين معتمداً على الدراسة الاقتصاديّة لزيادة الناتج القوميّ الإجماليّ؛ من أجل تطوير مستوى المعيشة ورفع دخل الأفراد للوصول إلى الاستقلاليّة الاقتصاديّة، وظهرت في ذلك الوقت النظريّة الكلاسيكيّة في الاقتصاد، المعتمدة على آراء مجموعة من العلماء المشهورين، وهم آدم سميث، وتوماس مالتوس، وديفيد ريكاردو، واعتبرت النظريّة الكلاسيكيّة أنّ السُكّان ورؤوس الأموال هما المكوّنان اللذان يُساهمان في الوصول إلى التنمية الاقتصاديّة، وصار الطابع الاقتصاديّ مُؤثّراً بوضوح على مفهوم التنمية أثناء ستينات وخمسينات القرن العشرين للميلاد، وفي أواخر الستينات لم يقتصر اهتمام التنمية بزيادة الدّخل فقط، بل صار يعتمد على تنفيذ مجموعة من السياسات التي تسعى إلى تقليل الفقر، ودعم توزيع الدخل بين الأفراد.
  • مرحلة الفترة الزمنيّة من السبعينات إلى التسعينات: هي الفترة التي تراجع فيها التأثير الاقتصادي في التنمية البشريّة، وأصبح التأثير الاجتماعيّ هو المُؤثّر الرئيسيّ؛ حيث صارت المجتمعات الغربيّة تُحقّق تطوّرات ملحوظة في معيشتها، ولكنّها لم تُساهم في تحقيق السعادة للنّاس، وفي عام 1970م حرصت هيئة الأُمم المُتّحدة على إعادة دراسة مفهوم التنمية وتحليلها، وتوصّلت إلى أنّها تهدف إلى تحقيق الرفاهيّة وتوفير فوائدها لجميع النّاس؛ حيث تمّ التركيز على عنصرَين، وهما وصول التنمية إلى وضع أفضل من الوضع السابق؛ ممّا يُساهم في تحقيق الرّفاه للأفراد، والحرص على تفعيل العدالة بتوزيع النتائج الناتجة عن الناتج القوميّ؛ لتعميم فوائد التنمية لجميع النّاس.

أهداف التنمية البشريّة

تسعى التنمية البشريّة إلى تحقيق جُملةٍ من الأهداف المهمة، وهي:[٣]

  • توفير الوسائل التي تُسهّل حصول جميع النّاس الذين يعيشون في مجتمع واحد على التعليم، والسعي إلى الحدّ من انتشار الجهل والأميّة بين الأفراد.
  • المساعدة على ظهور فُرَص العمل المُتزامِنة مع إنشاء ظروف تتناسب معها، سواء في المناطق الحضاريّة أو الريفيّة؛ وذلك للمساهمة في الحدّ من ظاهرة البطالة.
  • السعي إلى تطوير مستويات الرعاية الصحيّة، وتحديداً المُتعلقة بالأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن خمسة عشر عاماً.
  • المشاركة في بناء المساكن المناسبة للأفراد من أصحاب الدخول المحدودة.
  • المساهمة في الحدّ من انتشار الجوع، والسعي إلى زيادة مُعدّلات التغذية بين النّاس.
  • القضاء على الفقر.
  • السعي إلى رفع دخول النّاس؛ لتحسين مستوى معيشتهم.
  • توفير جميع حاجات الأفراد.
  • توفير الحريّات؛ سواء في الاقتصاد، أو السياسة.

مؤشّر التنمية البشريّة

يمتلك مُؤشر التنمية البشريّة طبيعةً مُركّبةً، وقد أعدّته هيئة الأمم المُتّحدة بالاعتماد على برنامجها الإنمائيّ في سنة 1990م؛ بهدف توفير مُؤشر يقيس مُعدّل التنمية في حوالي 180 دولةً حول العالم، ويُحسَب مُؤشّر التنمية البشريّة بشكلٍ سنويّ، ويعتمد ترتيب الدول فيه على النقطة الخاصة بكلّ دولة منها، ويهدف هذا المُؤشر إلى عرض ثلاثة أنواع من البيانات؛ لذلك تَميّزَ بطبيعته المُركبة، وتشمل هذه البيانات الآتي:[٤]

  • الدّخل القومي الإجمالي للفرد: هو المجموع الخاصّ بقيم الخدمات والسلع المُنتجة محلياً، كما يشمل صافي الدخول الناتجة عن عوائد الأوراق الماليّة كالأسهم، ورواتب التقاعد، والأجور، وغيرها من الدخول الناتجة أثناء عام واحد، مقسومة على إجمالي عدد السُكّان.
  • مأمول العمر: هو معدّل الأعوام التي يُتوقَّع أن يظلّ فيها الأفراد على قيد الحياة، بالاعتماد على استمراريّة اتّجاهات الوفاة على وضعها الحاليّ، وتُساهم هذه البيانات في توضيح مدى حصول سُكّان كلّ دولة على الرعايّة الصحيّة المناسبة، كما تُساعد على توضيح الحالة الصحيّة العامّة.
  • مُعدّل التعليم: هو المستوى الذي يُستخدَم في قياس عدد أعوام الدراسة للأفراد الذين وصل عمرهم إلى خمسة وعشرين عاماً وأكثر، مع متوسّط عدد الأعوام الدراسيّة المُقدَّر أن يدرسها الأطفال الذين يكونون في عُمرٍ أقلّ من العُمر الرسميّ للانضمام إلى المدرسة، ويُساعد هذا المُعدّل على توضيح مدى وكميّة المعرفة المُتوفّرة عند السُكّان؛ ممّا يُساهم في توفير أفضل الخيارات لحياتهم.

معوقات التنمية البشريّة

توجد مجموعة من المشكلات التي تعيق تطوّر التنمية البشريّة في المجتمعات والدُّول، وتُلخَّص وفقاً للنقاط الآتية:[٥]

  • المشكلات السياسيّة: هي الأساس لجميع مشكلات التنمية البشريّة، وتنتج عنها حصارات اقتصاديّة وحروب متنوّعة.
  • المشكلات الاقتصاديّة: هي مشكلات تؤدّي إلى تدهور الحالة الاقتصاديّة؛ بسبب تراجع الحالة السياسيّة، وتُؤثّر في البُنى التحتيّة للأمم والدول.
  • المشكلات الصحيّة: هي مجموعة من مشكلات تؤثّر سلبياً في حياة الأفراد، وتنتج عن تدهور الحالة الاقتصاديّة، مثل سوء التغذية الناتجة عن حالة الفقر، وانتشار العديد من الأمراض والأوبئة.
  • المشكلات التعليميّة: هي غياب استقرار التعليم الناجح في الأُمَم والدول.
  • المشكلات الثقافيّة والاجتماعيّة: هي مجموعة المشكلات النهائيّة الناتجة عن جميع المعوقات السابقة؛ حيث تظهر في المجتمعات جماعات سكّانيّة متعصبة وجاهلة.

المراجع

  1. أحمد ماجد (2016)، تقرير التنمية البشريّة الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، الإمارات العربيّة المتحدة: وزارة الاقتصاد، صفحة 2. بتصرّف.
  2. “أهداف التنمية البشريّة”، www.unrwa.org، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2017. بتصرّف.
  3. ^ أ ب مريبعي سوسن (2012 – 2013)، التنمية البشريّة في الجزائر-الواقع والأفاق –، الجزائر: جامعة منتوري، صفحة: 18، 20-21، 30. بتصرّف.
  4. “مؤشر التنمية البشريّة”، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2017. بتصرّف.
  5. “تعريف التنمية البشريّة”، www.abahe.co.uk، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2017. بتصرّف.