التطعيمات الأساسية – الحقيقة والخرافات التي تكتنفها

نضع بين أيديكم هنا مسحاً بكل ما يتعلق بالتطعيمات الأساسية, بما في ذلك مدى نجاعتها وسلامتها, ما هي الخرافات وما هي الحقائق بخصوص التطعيمات؟

التطعيمات الأساسية - الحقيقة والخرافات التي تكتنفها

منذ وصول التطعيمات إلى أوروبا (حوالي سنة 1721)، وحتى قبل ذلك في الشرق الأقصى (فقد بدؤوا هناك باستخدام التطعيمات منذ القرن الحادي عشر)، أثار هذا الموضوع الرأي العام بشكل كبير. في الثلاثين سنة الأخيرة، ظهر العديد من المعارضين والمؤيدين لموضوع التطعيمات الأساسية، وكل دراسة أو كل تقرير حالة (Case report) بخصوص فعالية وسلامة إستخدام التطعيمات المختلفة المتبعة، تثير أصداءً جمة، أكبر بكثير من الدائرة العملية الضيقة للأشخاص المطلعين والذين يتعاملون مع هذه القضية.

يتحدث معارضو التطعيمات الأساسية عن عشرات الإدعاءات التي تدعم موقفهم، ويعتمد الجزء الأكبر منها على دراسات وأبحاث مختلفة تناولت الموضوع. من الجدير بالذكر أنه من المعقول أن يكون بعض هذه الإدعاءات مبنياً على حقائق تم التوصل إليها عن طريق الأبحاث بطريقة شرعية، ولكن مقابل كل بحث كهذا قامت العشرات، لا بل المئات، من الدراسات المضبوطة التي أثبتت صحة الإدعاء العكسي (مثل العلاقة بين التوحد والتطعيم الثلاثي، أنظر أدناه).

السلامة – السؤال الأول الذي يطرح في هذا السياق هو: هل يعتبر التطعيم آمناً؟. وفي الواقع، فإن هذا الإدعاء هو أقوى إدعاءات معارضي التطعيمات، التي تستند إلى دلائل وإثباتات. فعلى الرغم من أنه تم إثبات أن كل تطعيم متبع يعود بفائدة أكبر من الضرر الذي قد يسببه، أي أن: نسبة الأشخاص الذين يصابون بالمرض عقب تلقيهم التطعيم أقل بكثير من نسبة المرض الطبيعية دون تلقي التطعيم، يؤدي إعطاء التطعيم إلى إحداث ضرر بشكل فعلي، بينما يصاب الناس بالمرض بشكل تلقائي. المشكلة الحقيقية منوطة بالسن، بشكل أساسي. فنجاح التطعيم نفسه يؤثر بشكل عكسي، ضد التطعيم نفسه، إذ أن الآباء والامهات – وأحياناً أفراد الطاقم الطبي – لا يكونون مطلعين على تأثيرات المرض (لأن التطعيم يمنع حدوثها)، وإنما يرون التأثيرات الجانبية للتطعيم فقط (والتي تكون نادرة في كل التطعيمات المعروفة بـ 100 – 100،0000 مرة). لكل  تطعيم قائمة طويلة جداً من التأثيرات الجانبية (غالبيتها العظمى أكثر ندرة من 1 لكل مليون شخص يتلقى التطعيم) وأكثرها خطراً الإصابة بالمرض (في التطعيمات الموهنة فقط) وردات الفعل الأرجية. ومع ذلك، من الجدير بالذكر أن المرض، الذي أتت التطعيمات لمنعه (مثل إلتهاب الكبد، الخناق، الكزاز، الحصبة، النكاف والمكورات الرئوية وغيرها)، هو أكثر فتكا بكثير من التطعيم.

مناعة القطيع – إذا لم تتلقوا التطعيمات الأساسية، وكنتم تعيشون في مجموعة سكانية مستوى التطعيم فيها مرتفع جداً (يفوق الـ 70% – 80% على الأقل)، تكون إحتمالات إصابتكم بالمرض ضئيلة. يطلق على هذه الظاهرة اسم “مناعة القطيع” – يصعب على المرض أن يتفشى وينتقل بين الناس إذا قام الجميع بتلقي التطعيمات، ولذلك فإن من لا يتلقى التطعيم يكون محمياً، عمليا. هذه الظاهرة تجعل بعض الآباء يعارضون التطعيمات، دون أن ندخل في مدى أخلاقية إتخاذ قرار كهذا (من البديهي القول إنه إذا اتبع الجميع هذا الأسلوب، فسينعدم مبدأ مناعة القطيع)، كما يجدر التنويه إلى أن إحتمالات تعرض الطفل لهذه الامراض، خلال حياته، كبيرة جداً.

فعالية / نجاعة التطعيم – إدعاء آخر يعتمد عليه معارضو التطعيمات، هو عدم إثبات نجاعة بعض التطعيمات. ولكن، لا أساس من الصحة لهذا الإدعاء، وذلك لسببين اثنين:

1. تستند عملية المصادقة على اعتماد تطعيم معين، عادةً، على إجراءات الموافقة الأميركية (FDA) والأوروبية، والتي تشمل العديد من التجارب السريرية العشوائية مزدوجة التعمية (double blind randomized clinical trials)، على 3 مراحل على الأقل، إضافة إلى العديد من الإجراءات الأخرى للتأكد من عدم حصول تشويش في نتائج البحث. 

2. تشير الدراسات الوبائية الإستعادية إلى حصول إنخفاض كبير جداً في نسبة الإصابة بالمرض (وحتى في معدل المراضة والوفيات العام) في أعقاب تلقي التطعيمات الاساسية ونتيجة لها.

سوف نتطرق إلى بعض النقاط التي تخص تطعيمات أساسية محددة بعينها، لمناقشة تخوفات الأهالي المقبلين على إعطاء التطعيمات المختلفة لأطفالهم:

تطعيم الـ- MMR (الحصبة، النكاف والحصبة الألمانية): يتم إعطاؤه في سن سنة واحدة وفي سن 6 سنوات. قامت دراسة أجريت سنة 1998 بالربط ما بين هذا التطعيم وبين إحتمال الإصابة بالتوحد. إستندت هذه الدراسة إلى 12 حالة فقط، وقد تم دحض هذه الفرضية من خلال دراسات وبائية ومضبوطة، أكبر وأوسع بعشرات المرات. ومع تقدم السنين قام 10 باحثين من أصل 13 ممن كتبوا المقال بتغيير آرائهم حول الموضوع. وفي سنة 2010، تمت إزالة هذه الدراسة من أرشيف المجلة العلمية Lancet.

من الجدير بالذكر أن هذا التطعيم فعال ويمنع الإصابة بأمراض كانت تشكل أحد الأسباب الرئيسية لموت الأطفال الذين لم يتلقوا التطعيم (النكاف والحصبة)، كما أنه يمنع الإصابة بتشوهات خلقية صعبة للغاية ( كتلك التي تنجم عن مرض الحصبة الألمانية).

تطعيم الـ- HPV: حتى يومنا هذا، لا يتم إعطاء هذا التطعيم بشكل روتيني للفتيات قبل سن المراهقة. فقد تبين أن هذا الفيروس يعتبر المسبب الرئيسي لبعض أنواع السرطان (وعلى رأسها سرطان عنق الرحم). في سنة 2009، وقع حادث مؤسف أسفر عن موت فتاة بريطانية بعد تلقيها هذا التطعيم، ثم تبين لاحقاً أنه لم تكن لموتها أية علاقة بالتطعيم (إنما كان نتيجة للإصابة بمرض السرطان الذي لم يتم تشخيصه من قبل).

التطعيم المضاد للمكورات الرئوية (Pneumovax): تعتبر هذه الجرثومة المسبب الأكثر شيوعاً لإلتهاب الرئة الجرثومي الحاد وإلتهاب السحايا لدى الاطفال، إضافةً إلى كونها مسبباً لإلتهابات الأذن الوسطى. وقد تحدثت  تقارير واردة من اليابان، مؤخراً، عن موت 4 أطفال، نتيجة لتلقيهم التطعيم، على ما يبدو. وكانت قد سبقت ذلك، تقارير أكثر قدما صدرت في فنلندا واشارت إلى موت 3 أطفال بعد تلقيهم هذا التطعيم، إلا أنه لم يتم تأكيد أية علاقة بين حالات الوفاة وبين تلقي التطعيم، إذ أظهرت عمليات تشريح الجثث أن هنالك أسباباً أخرى لموتهم المأساوي.

إذا، لم يتخلص الناس بعد من مخاوفهم من التطعيمات الأساسية فكل ما يدخل الجسم عبر إبرة وحقنة هو مثير للريبة بطبيعة الحال ويعتبر ضارا، الى ان يثبت العكس.


من قبل
ويب طب –
الأربعاء 23 كانون الثاني 2013


آخر تعديل –
الأربعاء 23 كانون الثاني 2013


المرجع : webteb.com