مرضى السُّكري مُفرِطي الوزن يعيشُون أطول من النّحيلين

دراسة حديثة بينت أن مرضى السُّكري مُفرِطي الوزن يعيشُون لمُدَّةٍ أطول من مرضى السُّكري النّحيلين، اليكم التفاصيل:

مرضى السُّكري مُفرِطي الوزن يعيشُون أطول من النّحيلين

نشَر مَوقع Mail Online  دراسةً مفادُها أنَّ احتمال الوفاة المُبكِّرة لدى مرضى السُّكري مُفرطي الوزن أقل بـ 13 % من مرضى السكري ذوي الوزن الطّبيعي أو البدينين.

تابعت دراسةٌ جديدة أكثر من 10000 بالغ مُسِنّ إنكليزي مُصابين بالدَاء السُّكري من النّمط الثّاني لمدّة 10 سنوات، وفحصت الصلة بين مُشعر كتلة جسمهم (BMI) مع خطر الحَوادث القلبيَّة الوعائيَّة اللّاحقة مثل النَّوبة القلبيَّة والسّكتة والموت لأيِّ سبب. ووجدت الدِّراسة أنّ خطر الموت ينخفض لدى المرضى مفرطي الوزن بنسبة 13% مقارنةً بالمرضى ذوي مُشعِر كتلة الجسم الطّبيعي. ولم تَجِد اختلافاً في خطر الموت بين البدينين وذوي مُشعِر الكتلة الطَّبيعي.

لكنها وجدت أيضاً أنَّ المرضى مفرطي الوزن أو البدينين يعانون من ارتفاع خطر إصابتِهم بالحوادث المرضيَّة القلبيَّة الوعائيَّة الّتي تتطلَّب إدخالاً للمُستشفى.

فيجب توخِّي الحذَر الشَّديد قبل القفز إلى الاستنتاج بأنَّ فرط الوزن قد يكونُ جيّداً للأشخاص المُصابين بالدّاء السُّكري من النَّمط الثَّاني. فكما تَبيّن في هذه الدِّراسة، يرفع فرط الوزن والبدانة خطر الإصابة بمُضاعفات السُّكري، والّتي قد تؤثِّر سلباً على جَودة الحياة، حتى وإن لم تكُن مُميتَة.

كما يمكن أن تكون نتائج البحث قد تأثَّرت أيضاً بعوامِل أخرى مُختلفة غير مُشعر كتلة الجسم، مثل درجة ضبط السُّكري لدى المرضى. لذا فلا بد دِّراسات إضافية لاكتشاف الآليَّة البيولوجيَّة، لمعرفة إن كان هناك صلة حقيقيّة.

ما تزال النّصيحة الحاليَّة ذاتها – مهما كانت الحالة الصحيّة الحاليّة، يجب السّعيُ لتحقيقِ قيمةٍ صحيّة لمُشعر كتلة الجسم عبر النِّظام الغذائيّ المُتوازِن والتّمارين الرياضيَّة المُنتظمَة.

 

من أين أتت القصة؟

أجرى الدِّراسة باحثون من جامعة هال والكليَّة الملكيّة في لندن وجامعة فِدريكو الثَّاني في مدينة نابولي في إيطاليا بدعمٍ ماليٍّ من المعهد الوطنيّ للبحوث الصّحيّة وكليّة الطّب هال يورك في جامعة هال والكليّة الملكيَّة في لندن.ونُشِرت الدِّراسة في مجلة حوليات الطب الباطني المحكَّمة علمياً.

أخذت تغطية موقع Mail المعنى السطحي للخبر، موحيّةً أنَّ الوزن الزّائد أو البدانة قد يُطيلان عُمر المرضى المصابين بالداء السُّكري من النَّمط الثَّاني. لكن الدِّراسة لم تُثبِت هذا الأمر وهناك خطورات معروفة للإصابة بحوادث صحيَّة خطيرة إذا كان المريض مفرط الوزن أو بديناً.

 

ما هو نوع هذا البحث؟

لقد كان هذا البحث دراسةً حشديَّةً استباقية سَعَت للتّحقُّقِ مما إن كان هناك تأثيرٍ لوزن الجسم على مَآَلِ المرضى المصابين بالنّمط الثّاني لداء السُّكري (أي ما الذي سيحدُث للصّحة مع مرور الزمن).

لقد أُثبِتت الرَّابطة بين البدانة وارتفاع خطر الإصابة بمرض قلبيّ وِعائي. ولكن اقترحت بعض الدِّراسات الأُخرى أنَّ البدانة قد تُقدِّم بطريقةٍ ما أفضليَّة البقاء على قيد الحياة (البُقيا) لدى المرضى المُصابين بمرض قلبي وعائي مُؤكَّد. سُميَّت هذه المشاهدة بـ” مُتناقِضة البدانة ” – لأنَّها تُظهِر عكس ما كان مُتوقَّعاً. أراد الباحثون التَّحقُّق من وجود علاقةٍ مُشابهةٍ بين البدانة والبُقيَا عند المصابين بالداء السُّكري من النّمط الثَّاني. وكان العائق الرئيسي لهذا النوع من الدِّراسة وجود عوامل مُربِكة لا يُمكن قياسها تؤثِّر على أيّة علاقة ظاهريّة.

 

ماذا تضمّن البحث؟

شملَت الدِّراسة بالغين مُصابين بالداء السُّكري من النَّمط الثَّاني حَضَروا إلى العيادة الخارجيَّة في أحد مُستشفيَات الخدمات الصحيَّة الوطنيَّة في إِنكلترا، وتمَّت مُتابعتهم لمُدَّة 10 سنوات تقريباً. ثم حلَّل الباحثون إذا ما كانت قيمة مُشعر كتلة جسم المُشاركين مرتبطة بخطر إصابتهم بحوادِث قلبيَّة وعائيَّة أو بالموت لأيّ سبب.

أتى المُشارِكون في الدِّراسة إلى العيادة بين عامي 1995 و2005، وأُدخلت بيانَاتِهم إلى سِجلِّ المرضى. واشتملَت الدِّراسة على 10,568 مريضاً مُصاباً بالداء السُّكري من النَّمط الثَّاني ( 54% منهم رجال ).

جُمعت في الزّيارة الأُولى بيانات عن العُمر ومُدّة الإصابة بالسُّكري والطُول والوزن وضغط الدّم والتّدخين والأمراض الخطيرة الأُخرى (مثل السّرطان أو أمراض كُلويّة أو رئويّة). وضُبطت كُل هذه العوامل في التّحاليل في مُحاولةٍ لحذفِ تأثيرِها.

تُوبِع المُشاركون في الدِّراسة لمُدَّة 10.6 سنة تقريباً، إلى نهاية عام 2011. وكانت النّتيجة الرئيسيَّة المَدروسَة مُعدّل الوفيَّات الكُلّي (الموت الناتج عن أيّ سبب). وفُحِصت أيضاً الحوادث القلبيَّة الوعائيَّة مثل النوبة القلبيَّة أو السّكتة أو الفشل القلبيّ.

 

ما هي النّتائج الأساسيّة؟

كانت قيمة مُشعر كتلة الجسم الوسطيَّة عند بداية الدِّراسة 29، أي ضمن مجال فرط الوزن، وكان متوسط [وسيط] عمر المشاركين 63 عاماَ.

أثناء المتابعة، مات 35% من المشاركين وأُصيب 9% منهم بنوبة قلبيَّة و7% بالسّكتة و6% بالفشل القلبيّ. وكان خطر إصابة المشاركين البدينين أو مفرطي الوزن (قيمة مشعر كتلة جسمهم أكبر من 25) بالنّوبة القلبيّة أو الفشل القلبي أكبر بشكلٍ معتد به من خطر إصابة الأشخاص ذوي مُشعر كتلة الجسم الطبيعي (18.5 إلى 24.9).

كان خطر الإصابة بالسّكتة مُرتفعاً بشكلٍ معتد به لدى البدينين (قيمة مشعر كتلة جسمهم أكبر من 30)، ولكن ليس عند مفرطي الوزن.

لكن لم يكن خطر الموت النّاتج عن أيّ سببٍ مرتفعاً لدى المرضى مفرطي الوزن أو البدينين.

لم يُلاحَظ وجود اختلاف معتد به في خطر الموت لدى المرضى البدينين مقارنةً مع المرضى ذوي مُشعر كتلة الجسم الطبيعي. في حين كان خطر الموت عند مفرطي الوزن مُنخفضاً بالمُقارنة مع مُشعر كتلة جسم ذَو قيمة طبيعيَّة (نسبة مخاطر(HR)  0.87، مع حدود ثِّقة 95% (CI) من 0.79 إلى 0.95).

في حين ارتفع خطر الموت عند ذوي الوزن المُنخفض بالمقارنة مع ذَوي الوزن الطّبيعي (نسبة مخاطر 2.84، حدود الثِّقة 95% من 1.97 إلى 4.10)، مع أنَّه لم يُلاحَظ اختلافاً بينهم في خطر الإصابة بالحوادِث المرضيَّة القلبيَّة الوعائيَّة.

كيف فسَّر الباحثون النّتائج؟

استنتج الباحثون : ” في هذه الدِّراسة الحَشديّة، كان مرضى الداء السُّكري من النّمط الثَّاني مفرطي الوزن أو البدينين أكثر عُرضةً لدخول المُستشفى لأسبابٍ قلبيّة وعائيّة. وارتبط فرط الوزن وليس البدانة بانخفاض خطر الوفاة”.

الاستنتاج

وجدت هذه الدِّراسة الحشديّة الاستباقية الكبيرة الّتي تابعت أكثر من 10,000 بالغ مُصاب بالداء السُّكري من النّمط الثَّاني لمُدّة 10 سنوات أنّ فرط الوزن أو البدانة مرتبطان بارتفاع خطر الإصابة بالحوادث القلبيَّة الوعائيَّة، وأنَّ فرط الوزن مُرتبط بانخفاض خطر الموت. وهذا مُشابه لمُتناقِضة البدانة التي شُوهِدَت في بعض الدِّراسات الأُخرى، حيثُ يرتبط الوزن الزائد أو البدانة بفائدة البُقيَا عند الأشخاص المصابين بمرض قلبيّ وعائيّ مُؤكَّد.

لاحظَ الباحثون أنَّ 16 دراسة أُخرى قيَّمَت ذات السُّؤال ووجدَت نتائج مُتضارِبة. لقد سَعت دراستهم لتحسين الطُرق المُستخدمة في هذه الدِّراسات، حيث يُعدّ كُلّاً من حجم العيّنة الكبير والتّصميم الاستباقي وتتبُّع المرضى لمُدّة 10 سنوات نقاط قوَّةٍ تُميّز دراستَهم. لكن يجب أخذ الحَذَر قبل أن نستنتج من نتائج هذه الدِّراسة الحشديَّة ما أعلنَه موقع Mail Online، أي أنَّ البدانة شيءٌ جيِّدٌ لمرضى النّمط الثّاني لداء السُّكري.

يوجد نقاطٌ مُهمّةٌ يجب ملاحظتها:

  • أظهرَت الدِّراسة الحَشديّة ازدياداً واضِحاً في خطورة الحَوادث القلبيَّة الوعائيّة، مثل النَّوبة القلبيَّة والفشل القلبيّ عند البدينين أو مفرطي الوزن المصابين بالداء السكري من النمط الثاني مُقارنةً بالمرضى ذوي الوزن الصِّحي. وتتسق هذه النتيجة مع ما هو معروف حاليّاً عن مَخاطِر فرط الوزن والبَدانة للإصابة بالأمراض القلبيَّة الوعائيَّة.
  • صحَّح الباحثون تحاليلَهم بالنسبة لعوامِل مُتعدِّدة، تتضمَّن العُمر وضغط الدَّم والإصابة بأمراض أُخرى وسوابق التَّدخين. ومع ذلك لا تَزال هُناك عوامل أُخرى مُربِكة لا يُمكن قياسَها (المُربِكات) قد تُؤثِّر على العلاقة بين مُعدَّل الوَفيَّات ومُشعِر كتلة الجسم – على سبيل المِثال، عوامل أُخرى مُتعلِّقة بنمط الحياة (ممارسة التمارين الرياضية والنِظام غذائي والكحول) أو الصّحة (مثل الصِّحة النّفسيَّة) والعَجز وعوامل جَودة الحياة. كما أنّنا لا نعلم شيئاً عن أدوية السُّكري التي يتناولها كُلُّ مريضٍ وعن مُستوى ضَبطِه لسُكّر الدّم. إذا كانت هذه العوامل مُختلفة بين المرضى مختلفي مُشعِر كتلة الجسم فقد يكون تأثيرها على النّتائج أكبر من تأثيرِ مُشعر كتلة الجسم لوحدِه.
  • بحثت الدِّراسة أيضاً في قيمة مُشعر كتلة الجسم فقط ولم تنظر إلى مقاييس أُخرى لدُهن الجسم، مثل توزُّع كتلة الدّهن، أو وزن الجسم من حيث الكتلة الدّهنيّة والكتلة اللادهنيّة. وربّما يكون تحليل هذه المقاييس طريقة لتحديدِ ما إذا كانت نتائج مُشعر كتلة الجسم صَامدة أو غير صامدة.
  • كما قال الباحثون، لم يدرسوا سبب الموت على وجهِ الخصوص. فرُبّما يُساعد تحليل أسباب الموت في فهم سبب مُشاهَدة هذا الفرق، ومعرفة إن كان يوجد أيَّة تأثيراتٍ مُحصِّنةٍ لفرط الوزن.
  • لقد بحثت الدِّراسة في الأمراض القلبيَّة الوعائيَّة ومُعدَّل الوَفيَّات فقط، ولم ينظر الباحثون إلى تطوّر الأمراض الأُخرى المُرتبطة بالبدانة وفرط الوزن والتي قد تملك تأثيراً مُضِرَّاً على الصّحة.
  • على الرُّغم من كبر حجم العيّنة، إلا أنّها تبقى عيّنة لأشخاص مُسنين مصابين بالسُّكري من منطقةٍ واحدةٍ في بريطانيا. ورُبّما نحصل على نتائج مُختلفة من عيِّنات أُخرى، أكثر تنوُّعاً.

إنّ الأسباب وراءَ هذه الصلة الظَّاهريّة غير معروفة بَعد، ولا بد من دراسات إضافية في الآليَّة البيولوجيَّة المُمكِنة. لا تُثبِت هذه الدِّراسة أنَّ للوَزن الزَّائد تأثيراً مُفيداً مُباشراً على خطر المَوت عند الأشخاص المُصابين بالداء السكري من النمط الثاني. فقد حَذَّر المُؤلِّفون أنفُسِهم من ” تَشجيع الأفكارِ المُسبَقة حَول القيمة المِثاليّة لمُشعِر كتلة الجسم ” حتّى يتمّ إجراء أبحاث إضافيّة لحل “مُتناقِضة البَدانة”.

في الوقت الحالي ما تَزال النَّصيحة فيما يخُصّ الوَزن ذاتها – مهما كانت الحَالة الصحيَّة الحَاليّة، يجب السَّعي لتَحقيق قيمةٍ صحيَّةٍ لمُشعِر كتلة الجِسم عبر النِّظام الغذائيّ المُتوازِن والتَّمارين الرياضيَّة المُنتظَمَة.


من قبل
ويب طب –
الأحد 26 تموز 2015


المرجع : webteb.com