دور التغذية في نشوء النخر السني وفي الوقاية منه

تلعب التغذية دورا مهما في التاثير على الأسنان واللثة، فما هو هذا التاثير وما هي الاطعمة التي تشكل ضررا كبيرا وايها اقل ضررا؟

دور التغذية في نشوء النخر السني وفي الوقاية منه

قبل الخوض في دور التغذية لا بد من التطرق ولو بإيجاز إلى كيفية تشكل النخر السني (التسوس). إن التسوس عملية تآكل وانحلال تصيب النسيج السني الصلب، تتجه نحو عمق السن مسببة تلفه. وكي ينشأ التسوس لابد من توافر عوامل خارجية وأخرى داخلية تؤدي إلى ذوبان الأملاح المعدنية من مادة السن. أي بمعنى آخر لكي يحصل نخر الأسنان يجب تضافر أربعة عوامل أولية معاً في آنٍ واحد. وإن غياب هذه العوامل يعرقل عملية التسوس ويحمي السن:

  • سطح السن: الذي يشكل الموقع الملائم للجراثيم الهدامة.
  • الغذاء الملائم ونتاج تخربه: وخاصة (السكريات).
  • الجراثيم الدقيقة: والتي تستفيد من نتائج تخرب الطعام وتحلله مؤدية إلى إفراز حموض تعمل على إذابة ميناء السن (الطبقة الصلبة اللامعة)، تشكل الجراثيم مع بقايا الطعام طبقة البلاك (اللويحة الجرثومية).
  •  الزمن الكافي: يلزم لهذه العملية زمن كافٍ أي كلما كان الزمن المنقضي بين الوجبات الطعامية وخاصة السكريات قصيراً ولم يعقبه تنظيف للأسنان، كلما كان حدوث التخمر أسرع وبالتالي كان الضرر أكبراً. وسنناقش هذا الموضوع بالتفصيل في بحث النخر السني لاحقاً.

  دور الغذاء: 

إن تأثير الطعام على الأسنان واللثة هو دور جوهري وحاسم، فهذا الدور يبدأ منذ لحظة دخول الطعام إلى جوف الفم ودخوله بتماس مع الأسنان. هذا الدور تحكمه مجموعة من العوامل، كقوام الطعام المتناول، (كميته، تكراره، مدة بقائه في الفم)، فخلال عملية المضغ، يحصل تماس مباشر بين الطعام الممضوغ والأسنان، اللثة وطبقة البلاك (اللويحة الجرثومية) وابتداءً من هذه اللحظة يبدأ تأثير العامل الغذائي ويتعلق هذا التأثير الموضعي بلزوجة الطعام وتركيبه الكيميائي وبنتاج تحلله.
تعتبر الفواكه والخضار الغنية بالألياف (جزر – تفاح – خضروات طازجة ..) والتي تتطلب مضغاً أطول نسبياً، ذات فائدة جيدة لقيامها بعملية تنظيف فيزيائي للأسنان، واللثة – فهي تقوم هنا ولو بشكل جزئي بدور فرشاة الأسنان – وهي بذلك تعمل على إزالة طبقة البلاك عن الأسنان وخير مثال على ذلك أن أسنان الشعوب الأقل تحضراً والتي لاتزال تعتمد على الخضراوات الطازجة في برنامجها الغذائي هي أفضل وأقل تسوساً من أسنان الشعوب المتحضرة والتي ارتفع استهلاكها للسكاكر قياساً بالأطعمة الأخرى.
إلاَّ أن تناول الألياف لا يغني بحال من الأحوال عن تنظيف الأسنان بالفرشاة والمعجون، لأنها لا تمارس دورها التنظيفي إلا على الأسطح المشاركة في عملية المضغ، أي لا تنظف المسافات ما بين الأسنان، أو عنق السن مثلاً. وبالمقابل تشكل الأطعمة الطرية ذات اللزوجة العالية والتي تلتصق بالأسنان (الكراميل مثلاً) مساعداً هاماً لالتصاق البلاك وتراكمه في الحفر والأخاديد الموجودة على سطح الأسنان، وتساعد بشكل مباشر وغير مباشر على حدوث التسوس والتهاب اللثة.
كما أن التركيب الكيميائي للطعام أيضاً هو من العوامل الهامة في تشكل طبقة البليك والتصاقها، فالأطعمة اللزجة اللصاقة تشكل خير عون في ذلك.
إن اتحاد المواد الغذائية مع اللعاب تشكل التربة الصالحة للبكتريا كي تقوم بفعلها التخمري مستخدمة أنزيماتها الخاصة لتحلل الطعام، ومطلقة بذلك نواتج التخمر مؤدية إلى التهاب اللثة، إضافة إلى حموض تهدد الأسنان وتسهم بشكل مباشر في تسوسها. (اقرؤوا المزيد حول التغذية والعناية بالفم والأسنان)

تؤثر الأطعمة على الأسنان بطريقتين:

 تأثير موضعي: وذلك قبل امتصاص الأطعمة، وهنا نذكر بشكل رئيسي تأثير السكر على الأسنان سواء كان سكر القصب أو الشمندر، والذي يشكل الغذاء الأساسي للبكتريا الفموية والتي تحرر بدورها حموضاً تسهم في تخرب الأسنان.
  تأثير عام: وينحصر تأثيرها على الأسنان قبل بزوغها (أي في فترة الطفولة) وبهذه الطريقة تؤثر الفيتامينات (أ – ث – د – ب) والمعادن على تشكل الأسنان ضمن العظم وقبل البزوغ.

 دور السكريات في نشوء التسوس:

إن جميع الملاحظات والتجارب التالية لفتت أنظار الباحثين إلى العلاقة بين تناول السكر والتسوس:
a. دراسات عالمية حول مقدار استهلاك السكر وتواتر ودرجة النخر.
b. قلة الإصابة بالنخور عند أشخاص ذوي حمية قليلة السكر مثال: أيام الحروب، مرضى عدم تحمل الفركتوز.
c. ارتفاع المعاناة من النخر تبعاً لارتفاع توفر السكر، مثال: أسنان شعب الأسكيمو أقل تسوساً إذ يعتبر السكروز المتهم الرئيسي جزئياً بسبب اعتباره السكر الأكثر توافراً وأيضاً قدرته على تسهيل إنتاج سكاكر متعددة خارج خلوية في اللويحة الجرثومية، إلا أن السكاكر الأخرى تسبب نخراً أيضاً وعلى ذلك فجميع السكاكر تتخمر بفعل أنزيمات خاصة لدى البكتريا الفموية، إلا أن لزوجة المادة السكرية الداخلة للفم وتكرار الوجبات السكرية هو النقطة الفاصلة في تحديد الضرر الناجم عن هذه السكريات.
فقد لوحظ أن مجموعة البشر التي اعتادت تناول الحلويات بين الوجبات الغذائية الرئيسية تعاني من ميل أكبر إلى الإصابة بالنخر من المجموعة التي اقتصر تناولها للسكريات بعد الوجبة الطعامية مباشرة.
هذه الملاحظة قادت العلماء إلى الاعتقاد بأنه للعاب درجة حموضة تسمى PH، هذه الدرجة تنخفض إلى ما دون القيمة 5.5 كلما زاد عدد المرات التي نتناول فيها السكاكر خلال اليوم، إذ أن هذه السكاكر تتخرب كما أسلفنا محررة حمض اللبن الذي يزيد حموضة اللعاب، وبالتالي يزيد من تآكل (نخر) الأسنان. وفي مقابل ذلك بإمكاننا طمأنة المرضى الذين اعتادوا تناول السكريات بشكل يومي إلى أن تناول السكاكر المغطاة بالشوكولا هو أقل ضرراً بشكل ملحوظ من أنواع السكاكر الأخرى غير المغطاة بالشوكولا، إضافة إلى أنه وجد أن الشوكولا أقل تسبباً بالتسوس من السكاكر ذات الطعم الحامض أو الكراميل، بسبب محتوى الكاكاو المرتفع من الدهون. فقد ثبت أن الدهن يقوم بتغليف سطح الجزيئات السكرية وبذلك تفقد هذه الجزيئات جزءاً كبيراً من خطورتها على الأسنان.
كما أقرت أحدث الدراسات على أن تناول الفول السوداني (فستق العبيد) أو الجبنة البيضاء في نهاية الوجبة الغذائية يمنع هبوط درجة حموضة اللعاب في الفم إلى ما دون القيمة الحدية آنفة الذكر (5.5) والتي تشكل الخط الأحمر لبدء هدم البناء السني.
تصنيف لبعض الأطعمة المولدة للحمض حسب خطورتها المتزايدة على الأسنان، المواد الأقل خطراً في الأعلى وتزداد الخطورة كلما اتجهنا للأسفل. 

  • العلكة الخالية من السكر (الأقل ضرراً)
  • الفول السوداني (فستق العبيد)    
  • خبز بالزبدة    
  • رقائق البطاطا    
  • عصير فواكه مثلج    
  • قهوة بدون سكر    
  • شراب السعال    
  • فول سوداني مغطس بالشوكولا    
  • شوكولا مغطس بالكراميل    
  • بسكويت محشي    
  • تفــاح    
  • بوظــة    
  • شوكولا بالحليب    
  • بسكويت مغطس بالشوكولا    
  • علكة محلاة بالسكر    
  • بسكويت حلو    
  • شراب البرتقال    
  • التوفي (سكاكر حامضة) Toffee    
  • قهوة محلّاة بالسكر    
  • حلويات جيلاتينية (كراميل) (الأكثر ضرراً)

 المحلَّيات البديلة (السكر الصنعي) ودورها في الوقاية من التسوس:

المحليات البديلة: هي تلك المواد التي تثير في الفم الإحساس بالطعم الحلو والتي تمنح جسم الإنسان من خلال تفككها نفس المقدار تقريباً من الطاقة التي يقدمها السكر (السكروز). ويعود استخدام هذه المواد إلى أربعة عقود مضت، حديثاً تم إضافة بعض المواد إلى دائرة المحليات البديلة والتي لا تقدم أي مقدار من الطاقة للجسم، وفي الجدول التالي نبين أشهر المحلَّيات الطبيعية والصناعية.
الجدول: أشهر المحلِّيات الطبيعية والصناعية 

دور التغذية في نشوء النخر السني وفي الوقاية منه

(*) يشير الرقم داخل القوسين إلى قوة تحلية السكر بالنسبة للسكروز.

تقوم المحليات البديلة على إنقاص نسبة الإصابة بالنخر، ويعود ذلك إلى إنتاجها القليل أو المعدوم من الحمض لدى تخربها في محيط الأسنان، والذي يعتبر المسؤول الرئيسي عن تخريب الأسنان وتسوسها.
يجب أن تتمتع المعيضات السكرية بالصفات الأساسية التالية:

  •  القدرة المسببة للنخر يجب أن تكون معدومة أو في حدودها الدنيا.
  •  قوة التحلية مساوية أو قريبة من السكروز.
  •  لا تسبب طعماً إضافياً في فم المريض (مر، حامض …).
  •  آمنة وغير سامة.
  •  أن تناسب حتى مرضى السكري.
  •  أن يمكن استخدامها في الصناعة الغذائية.

 دور العلكة المحلاة بالسكر الصنعي في الوقاية من التسوس:

ازداد اهتمام الباحثين مؤخّراً بأهمية مضغ العلكة ودورها الإيجابي في إعاقة تطور التسوس بسبب تحريض المضغ على زيادة إفراز اللعاب، فقاموا بتجارب على مجموعتين من البشر وتوصّلوا إلى النتائج التالية:
 العلكة الحاوية على السكر أضافت عبئاً سكرياً إضافياً على الأسنان، ورفعت من نسبة الإصابة بالنخر.
 العلكة الخالية من السكر والمحلاة بالسوربيتول أو الكسيليت أظهرت انخفاضاً ملحوظاً في أعداد الأسنان المنخورة، وكنتيجة عملية، لابد من التذكير أن صناعة العصائر والمشروبات بأنواعها والأدوية المصنعة على شكل شراب (شراب السعال خاصة) قد تم استبدال السكر أثناء تصنيعها بإحدى المحليات البديلة، ولاسيما تلك الأدوية المنتجة خصيصاً للأطفال، وذلك بسبب فعلها الضار المحفز على النخر لدى استخدامها المتكرر.

دور السلوك الفردي (العادات) في العلاقة بين التغذية والتسوس:

بما أن العلاقة بين التسوس والتناول المتكرر للسكريات هي مثبتة علمياً وبشكل قاطع، وبما أن تناول السكريات يحكمه عوامل سلوكية وفردية، فكعلاقة رياضية متعدية يمكننا القول أن التسوس تحكمه أيضاً عوامل سلوكية تؤثر في تشكله وتحدد حجمه وانتشاره، لذا فتعديل السلوك (العادة) يعتبر أمراً هاماً في برنامج الوقاية، وبناءً على ما سبق يجب الانتباه إلى النقاط التالية:
a. اتباع النظام الغذائي المعتمد على ثلاث وجبات رئيسية يومياً، كما يمكن أن تضاف إليها وجبات داعمة شرط أن لا يتجاوز عددها 1-2 يومياً.
b. يجب أن لا تتعدى نسبة السكريات المتناولة 10% إلى نسبة المجموع الطعامي (باقي الأطعمة غير السكرية)، وفي المقابل يجب زيادة مقدار النشويات والألياف في المدخول الغذائي.
c. ينبغي الابتعاد ما أمكن عن الحلويات ذات الكثافة العالية (اللزجة مثل الكراميل) لقدرتها الزائدة على الالتصاق بسطح الأسنان، مما يؤدي إلى بقائها مدة أطول في الفم.
d. ينصح باستخدام السكر البديل كلما أمكن ذلك.
e. حتى أيامنا هذه أثبت الكسيليت أنه المحلِّي الأقل ضرراً بالأسنان، كما أن السوربيتول أيضاً يخفض نسبة الإصابة بالنخر.


من قبل
ويب طب –
الأربعاء 18 تشرين الثاني 2015


المرجع : webteb.com