منصة “متأهب”: دور الهلال الأحمر في تمكين المجتمع بالإسعافات الأولية

“متأهب”.. منصة الهلال الأحمر السعودي التي تحول كل مواطن إلى مسعف: حجر زاوية في بناء مجتمع مستعد
في عالم تتسارع فيه الأحداث وتتزايد فيه الحالات الطارئة، تبرز الحاجة الملحة إلى وجود أفراد قادرين على تقديم يد العون في اللحظات الحرجة. لم يعد إنقاذ الأرواح مسؤولية حصرية على الطواقم الطبية والمسعفين المحترفين، بل أصبح هدفاً مجتمعياً تسعى لتحقيقه كل أمة تسعى للتقدم. ومن هذا المنطلق، أطلقت هيئة الهلال الأحمر السعودي منصة “متأهب”، التي تُعد ثورة في مجال التدريب على الإسعافات الأولية، ومبادرة وطنية رائدة تهدف إلى بناء مجتمعٍ متكامل ومستعد لمواجهة الطوارئ.
رؤية استراتيجية لتحقيق “مسعف في كل بيت”
لم تكن فكرة “متأهب” مجرد إضافة رقمية لمنظومة الهلال الأحمر، بل هي تجسيد لرؤية عميقة ومستقبلية تتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 في بناء مجتمع حيوي وصحي. تقوم المنصة على مبدأ محوري وهو تمكين كل فرد في المجتمع من امتلاك المهارات الأساسية للإسعافات الأولية، بهدف تحقيق شعار “مسعف في كل بيت”. هذه الرؤية تتجاوز مجرد تقديم دورات تدريبية، لتصل إلى خلق ثقافة مجتمعية قائمة على الاستجابة السريعة والفعالة، مما يقلل بشكل كبير من نسب الوفيات والإصابات الناتجة عن الحوادث المختلفة.
لتحقيق هذا الهدف الطموح، عملت هيئة الهلال الأحمر السعودي بالتعاون مع شركة “تكامل لخدمات الأعمال” لإطلاق هذه المنصة الرقمية، التي أُسست لتكون المرجع الأول والأساسي لبرامج الإسعافات الأولية في المملكة. وتعتبر هذه الشراكة نموذجًا للتعاون بين القطاع العام والخاص لتحقيق أهداف وطنية كبرى، مستفيدة من الخبرات التقنية والمهنية لتقديم أفضل خدمة للمجتمع.
برامج تدريبية متكاملة بضمان الجودة
تتميز منصة “متأهب” بتقديم محتوى تدريبي ثري ومتنوع يلبي احتياجات مختلف الفئات، بدءًا من الأفراد العاديين وصولًا إلى الموظفين في القطاعات الحكومية والخاصة. تغطي الدورات مجموعة واسعة من الحالات الطارئة، تشمل:
- الإنعاش القلبي الرئوي (CPR): كيفية التعامل مع حالات توقف القلب والتنفس.
- الإصابات الخارجية: إدارة حالات النزيف، الجروح، الحروق، والكسور.
- الحالات الصحية الطارئة: التعامل مع حالات الإغماء، السكتات الدماغية، والنوبات القلبية.
- التعامل مع حالات الاختناق والتسمم: تقديم الإسعافات اللازمة لإنقاذ الأرواح في هذه المواقف.
يتم تقديم هذه الدورات على يد مدربين متخصصين وذوي خبرة عالية، مما يضمن أن المحتوى ليس فقط نظريًا، بل يعكس أفضل الممارسات العملية. كما أن جميع الدورات معتمدة من هيئة الهلال الأحمر السعودي، وتُمنح للمجتازين لها شهادات رسمية، مما يضفي قيمة ومصداقية على المهارات المكتسبة.
منصة رقمية وواقع اجتماعي
منصة “متأهب” ليست مجرد موقع إلكتروني، بل هي حلقة وصل حقيقية بين المعرفة والواقع. بفضل طبيعتها الرقمية، أصبحت هذه الدورات في متناول الجميع، في أي وقت ومن أي مكان. يمكن للمتدربين الوصول إلى المحتوى التعليمي عبر الإنترنت، والتعلم بالوتيرة التي تناسبهم، مما يجعل التدريب أكثر مرونة وسهولة. وللاطلاع على الدورات المتاحة والتسجيل فيها، يمكن زيارة المنصة عبر الرابط التالي:https://mutaaheb.srca.org.sa/ .
إن سهولة الوصول هذه تُعَد عاملًا حاسمًا في تحقيق أهداف المنصة، فكلما زادت أعداد المتدربين، زادت أعداد المسعفين الأوائل في المجتمع، مما ينعكس إيجابًا على سرعة الاستجابة للحوادث الطارئة قبل وصول الفرق الإسعافية. وفي كثير من الحالات، تكون الدقائق الأولى هي الفاصلة بين الحياة والموت، وهنا يكمن دور “متأهب” في إعداد أفراد قادرين على تقديم الإسعاف الأولي الفوري الذي قد ينقذ حياة إنسان.
أكثر من مجرد مهارة، إنها مسؤولية
في الختام، تُعد منصة “متأهب” أكثر من مجرد مشروع تدريبي؛ إنها استثمار في الإنسان والمجتمع. هي دعوة لكل مواطن ومقيم لتبني مسؤولية جماعية تجاه سلامة الجميع. بفضل هذه المنصة، أصبح لدى كل فرد فرصة ليكون جزءًا من منظومة الإنقاذ، وأن يتحول من مجرد شاهد على حادث ما إلى فاعل يساهم في حماية الأرواح. إنها خطوة حاسمة نحو بناء مجتمع أكثر وعيًا، وأكثر استعدادًا، وأكثر قدرة على مواجهة التحديات المستقبلية بفاعلية وثقة.